[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتماماتدراسات وبحوث

الشهيد جمال جميل: التخلص من الطاغية يحيى ونجاة أحمد (5)

يحيى حمران يكتب حول الشهيد العراقي جمال جميل في اليمن: التخلص من الطاغية يحيى ونجاة أحمد (5)


اكتملت خطة الأحرار للتخلص من الطاغية يحيى ونجله أحمد، ونتيجة لتسريب خادع من ولي العهد أحمد استعجل الأحرار ونشروا الميثاق الوطني المقدس، فانكشفت خطتهم ولم يجدوا أمامهم بدا من المضي قدما بل والتعجيل بالتخلص من الطاغية يحيى.

في يوم الثلاثاء 17 فبراير 1948 خرج الطاغية يحيى إلى باحة القصر قبل أن يركب السيارة على غير عادته وقد كان يخرج للنزهة على العربة تجرها الخيول حرصا منه على البترول، كما جاء وصعد في نفس الوقت إلى السيارة القاضي عبدالله العمري على غير عادته أيضا فهو لم يعتد الخروج مع الإمام في مثل هذه النُزَه ولكنه القدر.

وما أن تحركت سيارة الإمام حتى خرج خلفه القاضي عبدالله الشماحي والرائد حسين العمري والشامي المكلفين بتتبع سيره وتحديد وجهة الإمام على الدراجات الهوائية. وسرعان ما عادوا بالخبر اليقين أنه خرج باتجاه حزيز وأن القاضي عبدالله العمري يجلس بجانبه وكان العمري قد اتفق مع الأحرار على التعاون وإفادتهم بخبراته وعلاقاته في الأيام القادمة، لكن عبدالله الوزير (المتفق عليه إماما بعد يحيى من قبل الثوار)، قرر التضحية بالعمري وقتل الإمام يحيى قبل أن يلف عليهم حبال المشانق.

في إثر ذلك تحرك الشيخ علي ناصر القردعي ورفاقه الذين لحقوا بسيارة الإمام، على متن سيارة شحن تابعة لشركة تجارية كان الورتلاني الجزائري قد انشأها بالشراكة مع تجار اليمن، وقد غطوا عليها بطربال يخفي السلاح.

مصرع الطاغية
وما أن ابتعدوا مسافة عشرة كيلو متر إلى الجنوب من سور صنعاء حتى انتظروا عودة الطاغية في مضيق سايلة سواد حزيز، فلم تصل سيارة المستبد إلا والطريق مملوءة بالحجارة، وما أن اضطر السائق إلى التوقف والنزول مع عكفة الإمام لازالة الأحجار حتى أمطر الأحرار على السيارة وابلا من الرصاص وتركوا الكاهن صريعا يواجه سوء افعاله، وقد قتل إلى جانبه القاضي عبدالله العمري..
عاد الشهيد القردعي ورفاقه إلى صنعاء بعد أن تاكدوا من مصرع الطاغية، ولكن القردعي لم يذهب إلى الإمام الجديد عبدالله أحمد الوزير بل ذهب إلى عبدالله علي الوزير الذين شجعه ولم يعرف أحد من الأحرار بمن فيهم الرئيس جمال جميل أو حتى الإمام الجديد الذي وصله الخبر بعد أربع ساعات من الفعل البطولي للشهيد القردعي ورفاقه.
بينما كان الأحرار مدنيين وعسكريين على رأسهم شهيدنا الرئيس جمال جميل ينتظرون الخبر الذي كتمه عبدالله علي الوزير ابن عم عبدالله أحمد الوزير المتفق عليه اماما جديدا بموجب الدستور على أحر من الجمر وقد توترت أعصابهم، وصل الخبر سريعا إلى الحسين بن الهالك يحيى فأسرع إلى دائرة البرق وأبرق لأخيه أحمد بما حدث لأبيهم، وكأن احمد كان ينتظر اللحظة ليتحرك من تعز سريعا عبر طريق الحديدة وينجو بنفسه من مقصلة الأحرار المكلفين بقتله، وكان بامكانهم القضاء عليه وقد علموا بتحركه معتقدين أن والده قد استدعاه ولم تكن الإشارة قد وصلتهم بعد.

الشهيد ينجو من فخ غادر
ومثل ما نجا أحمد في تعز قبل أن يعلم الأحرار والرئيس جمال بالنبأ المنتظر، فقد تحرك الحسين بأمان إلى القصر وجمع إخوته والنساء والأطفال وتحصن وأمر بإغلاق أبواب صنعاء ويبدو أنه غفل عن التنبيه لمن في قصر غمدان من رجال القبائل المخلصين لوالده والذي كان مكتضا بالأسلحة المتنوعة والثكنات العكسرية من المدفعية والرشاشات، مكتفيا بتحصين قصري السعادة والشكر.

لم يعلم الشهيد جمال جميل بالنبأ الا متاخرا، فتحرك نحو القصور التي حصنت منذ ساعات لمحاصرتها وضبط الوضع ومعه السلال والعمري وعنبة والثور والشرعي وحزام المسوري والرحبي والشعساني وغيرهم من طلاب المدرسة العسكرية وقوة من سرية الرشاش، وكلف حسن العمري باحتلال الإذاعة، فما أن وصلوا وفرضوا الحصار على القصور من مختلف الاتجاهات حتى خرج الحسين بن الطاغية يريد خداع الرئيس جمال وقد أصبح له باع طويل في التعامل مع هؤلاء الأمراء الثعالب وكان بامكانه ان يتفاوض معه من مكانه لو أراد التفاوض،

ولكن ابن الصريع أراد أن يشفي غليله باستدراج الرئيس إلى أقرب نقطة منه ويجره إلى القصر ليقتله بأبشع الطرق، فدعا الرئيس جمال إلى الاقتراب منه للتفاوض وتسوية الوضع، فأجابه الرئيس أنه لا مجال للتفاهم وأن عليه الاتجاه إلى المجلس المنعقد بقصر غمدان برئاسة الوزير الذي بويع إماما وهنالك يستطيع قول ما يريد قوله، وكان عبدالله أحمد الوزير قد توجه بقوة إلى قصر غمدان قبل أن يعلم من في القصر بمقتل الطاغية، واحتلوه بعد أخذ ورد.

فغضب الحسين وأرعد وأزبد بعد أن انضم إلى جانبه أخواه المحسن ويحيى ظنا منه أن جمال سيرتعب من نعيقه فأمر عكفته ومازال وأخواه خارج باب القصر بإطلاق النار في جسد الرئيس جمال، لكن توجيه الرئيس لطلابه ورشاشاتهم كانت أسرع من بنادق العكفة فقتل الحسين والمحسن ولحقوا أباهم الصريع، وتظاهر بالاصابة يحيى الابن (ثالتهم) الذي نجا وأخذ إلى السجن بعد ذلك.

انتهت المقاومة داخل صنعاء وعمل الرئيس الشهيد ومن معه من الأحرار، وبويع عبدالله الوزير إماما وكان هنالك إجماع من أهل صنعاء، وجاءت بيعة من الحسن بن الصريع من قفلة عذر تخاطب الوزير بأمير المؤمنين.

مؤشرات الفشل
وهكذا تظاهر معظم أقارب الامام وأصهاره من العمال والحكام خارج صنعاء من الذين لم يزج بهم إلى السجن واستمروا في مناصبهم، ووصل نبأ معكر لأجواء الفرح الغامر بنجاح الثورة فقد جاءت برقية من تعز تقول إن أحمد قد نجا وفر بجلده ناحية الحديدة، وبموجبه عقد مجلس اجتماع برئاسة عبدالله أحمد الوزير واتفق على أن يخرج الإمام الجديد بدعم سرايا المدفعية لمطاردة أحمد في تهامة حتى يستسلم أو يفر خارج الأراضي اليمنية، معتمدا على ولاء القوات المرابطة في تهامة له ونفورها من أحمد، لكن الوزير تراجع متراخيا وقد أرسلت اليه مبايعات ولاة الصريع من مختلف المناطق وجاء المنفيون ووصلت جموع المهنئين في حين كان أحمد يحشد القبائل ويتحرك تجاه حجة معلنا النفير لكل من كان تربطهم علاقة بوالده الهالك.

لقد بدت مؤشرات فشل الثورة تتجلى للأحرار فسارعوا إلى مناصحة الإمام الوزير الذي استعجل إعلان نفسه إماما وانفرد بالرأي واختلف مع الأحرار عندما جاءوا يراجعونه في سياسات تخص مرحلة الثورة في بدايتها إلى درجة أنه لوح بتهديد إلى كبير حرسه الشهيد الحر عزيز يعني عندما ذكره بوثيقة الدستور ناصحا أن يستمع للثوار فقال الإمام الوزير "لا يا عزيز إنهم يريدونني لعبة في أيديهم، دع الأمور تستقر وسترى أنه سيكون لي ولهؤلاء الملحدين يوم أصفيهم فيه وأريح اليمن من أفكارهم الملحدة"!!

إذن لقد كان الوزير يضمر الشر للأحرار ويردد في حقهم نفس الاسطوانة المشروخة التي كان يرددها يحيى قبله، وقد أضمر التخلص منهم بعد أن يتمكن من السلطة، كما فعل قبله الطاغية يحيى بعد أن تمكن من الاستقلال عن وصاية الأتراك فقتل أوفى من تعاون معه قبل أن يتفرغ لخصومه، ولهذا لم يكن القردعي ولا بعض الأحرار قد اطمئنوا للإمام الجديد.
في الحلقة القادمة:
ماهي نصائح الأحرار التي رفضها عبدالله الوزير.
قيادة وحنكة الشهيد جمال حميل.
شجاعة وبطولات الأحرار كي لا تفشل الثورة.
أسباب سقوط صنعاء في ليلة.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى