[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

عذراً يا رسول الله.. فأمة "اقرأ" لا تقرأ بل تقتل من يقرأ جوعاً

أ. د. حمود العودي يكتب: عذراً يا رسول الله.. فأمة "اقرأ" لا تقرأ بل تقتل من يقرأ جوعاً


إذا علمت بأن ميلاد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام والذي تمر بنا ذكراه هذه الأيام قد كان هو ميلاد النور في مواجهة الظلام والحق في وجه الباطل بل والمعرفة في مواجهة الجهل بالدرجة الأولى، لأن أول ما نزل به وحي الله من السماء على نبيه في الأرض هي كلمة "اقرأ".

وإذا علمت بأن من يقرأون ويقرئون غيرهم اليوم في وطن الحكمة والإيمان "اليمن" من معلمي التعليم العام والجامعي هم من يُقتلون "جوعاً" لحرمانهم من حقوقهم المعاشية لأكثر من أربع سنوات حتى الآن، والذين يزيد عددهم على ستين ألف معلم ومعلمة يعولون ما لا يقل عن أربعة ملايين نسمة عن أهلهم وذويهم.. بحجة أننا في مواجهة عدوان وقتل بعضنا البعض في حرب عبثية لا ناقة للناس فيها ولا جمل إلا خدمة العدو الخارجي.

ثم ماذا لو علمت بان مئات الملايين والمليارات المستخرجة من موارد ودماء هذا الشعب لا تنفق في حروب دمار هذا الوطن وسفك دماء بعضنا البعض وفي الإثراء الفاحش لأمراء وتجار هذه الحروب في الداخل والخارج فحسب بل وحتى المظاهر الدعائية المروجة للعنف والكراهية بين الناس من على وسائل الإعلام ومنابر المساجد ولافتات شوارع وقوارع الطرق بمئات الملايين والمليارات من الريالات بمناسبة وغير مناسبة بدءاً بالتوظيف المغرض لاستشهاد الإمام زيد بن علي رضي الله عنه بالأمس وصولاً إلى ميلاد الرسول الأعظم الذي تقام الدنيا وتقعد اليوم لميلاده، لا لذاته الذي لا يحتاج إليه ولم يأمر به إذا لم يكن قد نهى عنه بقدر ما هو كمجرد غرض سياسي في نفس يعقوب ليس لله ولا لنبيه ولا لخلقه حاجة فيه ولا حتى للمغرضين به أي مصلحة حقيقية تذكر منه.

فماذا لو أن جزءاً بسيطاً من هذه الملايين والمليارات المغتصبة والممتصة من حقوق ودماء الناس من أجل الإنفاق على الخراب والدمار والكراهية والكذب على الله ودينه ونبيه وخلقه بإعادته إلى أهله من مئات وعشرات آلاف من معلمي التعليم العام ومتقاعدي القوات المسلحة والأمن الذين رفعوا ودافعوا عن مبدأ "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات" وتوظيف ما تبقى وهو الكثير من خير وخيرات هذا الوطن في البناء والتنمية بدلاً من الحرب والكراهية وفي إقرار السلام والعدل والمساوة بدلاً من أوهام التفرقة والتمييز المذهبي والطائفي والسلالي المقيت والذي لم ينزل الله به من سلطان.. لأنه لن يصح إلا الصحيح، وإذا كانت صولة الباطل ساعة فإن صولة الحق هي إلى قيام الساعة.

وحسبنا فيكم يا كل دعاة "شيطنة التسنن والتشيع بالباطل اليوم" قول الحق فينا وفيكم "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وقول الرسول الأعظم "الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، كلكم لأدم وأدم من تراب"، وحسبنا في ظلمكم ومظالمكم قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حينما عزم على رد مظالم من قبله "والله لئن وجدت مال الناس وقد تزوجت به النساء وتطاول به البناء وفرق في الأمصار لرددته إلى أهله ومن ضاق به العدل فإن الظلم عليه أضيق".

وقال عمر بن عبدالعزيز حينما تولى في نفس السياق وراجعه بعض أهله فيما عزم عليه قوله: "لقد ترك رسول الله في الناس نهراً مشربهم فيه سواء (يرمز للثروة والمال العام) فلما تولى أبو بكر وعمر تركوا النهر على حاله فلما تولى عثمان اشتق له من النهر نهراً فلما تولى علي أعاد النهر إلى حاله، فلما تولى معاوية ويزيد ومروان وعبدالملك اشتقوا لأنفسهم الأنهر من النهر الأعظم، ولم يؤل الأمر إليّ إلا وقد جف النهر الأعظم، ووالله لن أنثني عما عزمت عليه من رد مظالم من قبلي حتى يعود نهر الناس الأعظم إلى حالة ومشربهم فيه سواء".

فماذا أنتم فاعلون يا طغاة وبغاة هذا الزمن الردي؟ هل اتعظتم بمن قبلكم أو ببعضكم وبأنفسكم على الأقل؟؟ أجيبوا قبل أن لا تستطيعون الإجابة، أما أنتم يا ضحاياهم فحسبكم في صمتكم قول الرسول عليه الصلاة والسلام "الساكت عن الحق شيطان أخرس". وعذراً يارسول الله فأمة اقرأ لا تقرأ فحسب بل وتقتل من يقرأ ومن يُعلم غيره جوعاً ومذلة.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى