[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراءدراسات وبحوث

من الحروب الصليبية إلى الحوثي.. جنون واحد في تجنيد الأطفال

ثابت الأحمدي يكتب: من الحروب الصليبية إلى الحوثي في اليمن.. جنون واحد في تجنيد الأطفال


لا قيمة للإنسان أبدًا في نظر الأيديولوجيات والعُصبويات القائمة على الثنائيات الحدية في أدبياتها الفكرية، فهي تسترخصُ كلَّ غالٍ ونفيسٍ من أجل الوصول إلى الحكم؛ إذ الحكمُ لديها غاية الغايات، وإن فني كلُّ أتباعها من الوجود، الأهم أن تبقى هي فقط حاكمة بأمرها، حتى ولو على شبرٍ واحد من الأرض فقط. هذا ديدن ونهج كل أيديولوجية، وبين يدينا الكثير من النماذج التاريخية.

حملة الأطفال الصليبية
هذا ليس عنوانَ فيلم من وحي الخيال؛ بل اسم لمسمًى حقيقي، عُرف أثناء الحروب الصّليبية التي قادتها أوروبا ضد الشرق الإسلامي، في عدة حملات، من بينها الحملة الخامسة التي عرفت بهذا الاسم "حملة الأطفال الصليبية" والتي لجأ إليها الكرادلة والقساوسة بعد أن نفدَت حملات الفرسان الكبار قبل ذلك، والتهمتهم جيوش المسلمين في أرض الشام.

أغلبُ من غادر أوروبا في حملات "الحج المسلح" و"الجهاد المقدس" نحو بلاد الشام لم يعودوا، فكانت الحيلة من قبل كهنة الكنيسة بنشر الدعاة والوعاظ المتجولين بين العامة الذين غذّوا فكرة أن رحمة الرب وتحرير القدس من سيطرة المسلمين التي لم يرغب الرب في وهبها للفرسان الأمراء والملوك الطماعين ستكون على يد الأطفال، فاندفع الآلاف من الرعاة والأولاد الذين يساعدون آباءهم في الشؤون المنزلية إلى الجنوب الأوروبي من أجل تحرير القدس.

"ويروي بعض مدوني الأخبار أن صبيا في العاشرة اسمه نيقولاس كان يقود الجموع من الأطفال في ألمانيا، وكذلك في يونيو 1212م في فرنسا الشمالية ظهر الراعي استيفان ذو الاثني عشر عاما، وأعلن نفسه رسولَ الرب، فتبعته جموعُ الفقراء، وكان هؤلاء على قناعة أن بإمكانهم القيام بما لم يتمكن منه الفرسان والنبلاء".
والعجيب أن هذه الحيلة انطلت أيضا على من تبقى من الكبار الذين التحقوا بحملة الأطفال طمعًا في النصر ونيل رضا الرب، كون الأطفال طاهرين، مؤهلين للنصر لم يتلوثوا بالخطيئة بعد..!
تم شحن هؤلاء الأطفال في عدد من السفن، يرددون الأهازيج الدينية، ليغادروا أوروبا إلى غير رجعة، فغرقت بعضها في البحر بمن عليها من الأطفال، أما من نجا من الغرق فكان مصيرهم مؤلمًا.
تاهت بقية السفن التي نجت من الغرق في البحر، فوقعت في أيدي القراصنة، محشورة بالمئات من الأطفال، والتي اعتبرها القراصنة هدية السماء، فثروا منها وأثروا.
"بعد ثمانية عشر عاما من الحملة عاد إلى فرنسا أحدُ هؤلاء الصبية بعد أن أصبح قسيسًا وأدلى بأخبارها، فذكر أن السفن التي أقلت الصبية وقعت في يدي قراصنة من المغاربة، جنوبي جزيرة سردينا، فأُخذوا أسرى، وباعوا عددا منهم في ثغر بجاية في الجزائر، وباعوا عددا آخر في مدينة الإسكندرية،

كما بيع عددٌ آخر في بغداد، وقد اشترى الملك الكامل محمد، نائب السلطنة الأيوبية بالقاهرة عددا منهم، واستخدمهم في وظائف الترجمة والدوواين، دون أن يجبرهم على الدخول في الإسلام، وكانت عودة القس إلى فرنسا عام 1230م، وقد أوردت بعض المراجع التاريخية أن استيفان قد تم بيعه بيع الرقيق بعد مغادرته مرسيليا". انظر الحروب الصليبية بين العرب وأوروبا، د. عبدالعظيم رمضان. 507.

شباب هتلر
لن نخوضَ في تفاصيل الأيديولوجية النازية، فهذا موضوعٌ آخر، ما يهمُّ هنا أنها كغيرها من الأيديولوجيات المتعصبة تزردي من عداها، فلا وزن لديها لإنسانية الإنسان، لذا استخدمت الأطفال في الحروب.

"حيث بدأ هتلر مشروعا شهيرا جدا، يُعرف ب "شباب هتلر" وبالألمانية: "هتلر يوجند"، وبدأت عملية تدريب الشباب قبل الحرب العالمية الثانية ببضع سنوات، كتمهيد وتدريب للشباب لزرع الفكر النازي وروح الدولة النازية القائمة آنذاك. ووصل عدد المتدربين لما يقرب من تسعة ملايين شابا.

وفي البداية كان معدل الأعمار لا يقل عن 24 عاما، ولكن تطور الأمر وامتد حتي تم ضم تدريب الشباب والمراهقين بعمر الـ16 عاما. "انظر موقع معلومة، على شبكة الانترنت".
وازداد الدفع بهؤلاء الفتية بشكل خاص في العام الأخير من الحرب عام 1945م، وقد تم العثور علي أطفال مسلحين نازيين، بعمر عشر سنوات في بعض الأحيان بغرض القيام بعمليات انتحارية من أجل المقاومة.!
"ولم يقتصر التجنيدُ على الذكور فقط، فكان هناك فتياتٌ أيضا بأعمار صغيرة جدا، تم الدفع بهنّ في تلك المعارك، و شهدت الحرب بسبب تواجد تلك الأطفال مشاهد مؤلمة لن ينساها العالم، ولن يسامحَ هتلر عليها أبدا". نفس المصدر.
الحوثي وأطفال اليمن
لا فرق بين الكيان الإمامي البغيض وكنيسة أوروبا التي ساقت الأطفال إلى الهلاك، أو نازية هتلر، فكل الأيديولوجيات بطبيعتها متطرفة وحديّة.
عمل الحوثي على التغرير بأطفال المداس وأطفال الشوارع من الفقراء والمهمشين والدفع بهم إلى جبهات القتال للزج بهم في حروبه من أجل تثبيت كرسي حكمه، وقد حرمهم من آبائهم وأمهاتهم، ومن مدارسهم التي كان يفترض أن يلتحقوا بها من أجل التعليم، بدلا أن يلتحقوا بجبهات القتال من أجل الموت. ولن نخوض في التفاصيل هنا، فهي معروفة للجميع، وتقارير المنظمات الدولية والحقوقية شاهدة على هذا القبح الحوثي البغيض.

 

عناوين ذات صلة:

الوسوم
زر الذهاب إلى الأعلى