[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

قصة المزمار والشيخ!

عبدالوهاب طواف يكتب: قصة المزمار والشيخ!


في مراهقتي كنت مغرمًا بسماع المزمار ومشاهدة البرع عليه. كان يطربني أكثر من بسكويت تيشوب، بل وحتى أكثر من غياب مدرس مادة النحو، في مدرسة نشوان الحميري بمدينة حوث.

وذات صباح يوم مشرق، وأثناء ماكنت أستمتع بسعادة باذخة لمسجلة صغيرة تشدو بتلك الألحان، مر من أمامي الشيخ شرفان... وسألني ماذا تسمع؟ قلت له بفرح: برع ومزمار..
صاح صيحة أهتز لها الطاحون حقنا، وصندقة سعد المطري، وقال: مزماااااار، المزمار صوت أبليييييس، وأنت خلاص مصيرك النار يامدبر، وياويلك من الحنش الأقرع... شلوووووك الجن..

عندها أرتجفت ركبتاي وأصفر لوني، وشحبت شفتاي، وسقطت من الخوف، خصوصًا أن ذكر ذلك الأقرع كان يسبب لي التبول ليلًا من كثرة سماع قصصه من مشائخ كُثر.. يعني باللغة الهيلوغريفية كنت أشخ بين الفراش إذا ذكرته قبل النوم..
كله من المزمار!
اسودت الدنيا في وجهي، وتذكرت الثعبان الاقرع وهو يقطقط اضلاعي الضعيفة... وأنا الذي أخاف من رؤية الحنش في التلفزيون.
ومن رؤية اللزقة ...فظليت أبكي حتى الليل.

ومع أن الشيخ شرفان أخذ الشريط مني، وهو الذي كان يمثل كل ثروتي المادية تلك الأيام، ظل يذكرني بجرمي كلما وجدني في السوق أو الطريق..
كنت أعتبر الشيخ وكيل الله في الأرض، ولم أكن أعلم ليش... المهم هكذا كنت اشوفه، مع أنه كان يضرب أمه يوميًا، ونهب حق اخوته بعد وفاة والده، وكان يسرق قات جارنا الحج أحمد بين مغرب وعشاء...

المهم كنت اخشاه واشوف الثعبان في وجه... يمكن كنت أخاف من لحيته الكثة غير المتناسقة، وقميصه القصير ومسبحته التي لا تفارقه، وكان اعتقادي أن من أمتلك ذلك السامان والقلافد، يتحول من مدبر وعاصي والديه إلى شيخ يوعظ، ويأمر وينهى، وواحد من أحباب وانصار الله.. ياحظ المدبر.!

حتى اليوم ظل الخوف من سماع المزمار ملازمًا لي، مع أنه آلة موسيقية تطرب الناس وتنسيهم همومهم وضغوط الحياة، ولا لها دخل بجنة ولا نار.

أخر مرة لمحت فيها الشيخ شرفان كان في آواخر عام 2011م، في نشرة إحدى القنوات وهو يصيح "اسقاط النظام وااااجب، واجب علينا وااااجب" وفعلًا تحقق له مراده، وسقط النظام مع الدولة، وطلع بديل عنهما إمام في جرف، يأمر الناس بترك الغناء والاستماع لزوامل الموت وتمجيد الهاشميين.

يعلم الله وين خرطت الأيام بشيخنا هادم اللذات.. بصراحة أنا قلق عليه، فتلك الكفاءة لا يوجد مثلها حتى في مدينة اوساكا اليابانية.

يا الله من الشجاع الأقرع كم سبب للناس من أحراجات، بسبب تبولهم على الفراش...!
أمانة عليكم من شاف الشيخ الأقرع يسلم عليه.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى