[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

يمن علي عبدالله صالح

عبدالسلام القيسي يكتب عن: يمن علي عبدالله صالح


في 17 يوليو عام 1978 صعد الشهيد صالح إلى سماء هذه البلاد كحاكم أول بانتخاب مجلس الشعب التأسيسي وأتى من المكان الذي لم يتخيله أحد وبالطريقة التي لم تعهدها البلاد

من سنحان، ليس إمامياً، ولا قاضيا، وليس من شيوخ القبائل، لم يكن من بقية الكهنوت وممن حكم أباه أو جده أو هو بعصا الامام الهالك كما غيره، كان ثائراً من البدايات،جمهوري البدايات

من 26 سبتمبر تعاقبت الانقلابات في البلاد، غادر السلال بإنقلاب 1967، غادر الارياني بانقلاب 1974، غادر الحمدي بانقلاب 1977، وغادر الغشمي بالطريقة التي تعلمونها، شنطة الاغتيال،وقف الكل أمام مقبرة، الكرسي صارت مخافة،حكم هذه البلاد فخاً لا أكثر، وتراجع الكبار، شيوخ ومثقفين، ورجال الرعيل الأول وقادة وعسكرأكبر من صالح وأقوى وأعرق وأكثر منه منعة.

صاحت البلاد صيحة الملتاذ: من لي ؟ سكت الجميع، صاحت مرة أخرى، وأخرى، وأخرى،لا أحد ينوي أن يكون بمصير المنفى أو الموت،ثم قال قائل كهنوتي: نحن لها ، رجالكم جبناء،لا أحد يمكنه ملء الفراغ، تهامسوا، هذه اللحظة المناسبة لاستعادة حكمنا، لحظة تراجع الرجال عن الواجب،حياتهم أغلى من بلادهم، اللطيمةلكن، كان لها الرجل الصالح، صالح سخر منه الجميع.
قالوا له لن تستمر، لن تنجح، لن تستطيع،ستفشل، سوف تموت، لا قبيلة تسند ظهرك ولا جيش خلفك وأنت رجل فقير بلا صناديق مذهبة وحولك هؤلاء الذين يحدون سكاكينهم ويملئون فوهات بنادقهم وهذه الأحزاب التي ستأكلك، هوووم، فشل الحمدي وخلفه الحزب الناصري، ولجنة التصحيح فمن أنت يا علي عبدالله صالح،أيها المجهول، من أنت لتكون أقوى من القبائل المقزفة بالمعارك،من أنت لتلم شعباً لم يلمه التأريخ!

زرعوا في قلبه الخوف وتجاوز بشجاعته المخافة، أرادوها إمامية، أرادتها القبائل أن تعود لحكم القبيلة، قبيلة قبيلة، وكيف لضابط شجاع مثله أن يسمح بذلك فلنجرب، قالها هكذا لعقله الباطن، التجربة برهان،صعد يتكلم بلغة مكسرة، بهيئة الريفي ساكن البلاد،بشعر كثيف، وسحنة التعب على وجهه، يتلفت يمين يسار منتظراً الرصاصة التي سوف تقتله،وكم حوله من بروتوس، كل بروتوس يهيء طعنته

يكتب وصيته كل يوم، كل صباح جديد له حياة جديدة، لا زلت هنا، كل شهر جديد بعد حياة صالح يمنحه قوة ومتانة، كل سنة هي بالنسبة للبلاد انتصار، وثمة من يقول التالية قاتلة، فكادت بانقلاب ٧٩ أن تقتله، لكنه نجح وتجاوز الانقلاب، هنا بدأ صالح يتشكل بوجه اليمن الجديد، اول انقلاب فاشل أفشلته دولة اليمن، ثمة أجهزة ومؤسسات، وثمة نظام في اليمن يستطيع أن يفشل الانقلاب،عكس العادة اليمنية التي توالدت الانقلابات حاكما حاكماً!

السنحاني،الذي أتى من زمن وبيوت الشظف وتجاسر بالثورة، وتصلبت عروقه بماء البحار في السواحل الغربية وتلطفت روحه وتثقفت في تعز كان هو الرجل المقدام، والمقدم الذي وهبته القدرة للخروج بالبلاد من حال إلى حال

رجل المواقف الكبيرة، والنوعية،الذي يجهل كيف يطير المرء إلى بلاد اخرى قبل الرئاسة
لا يعرف معنى كلمة لوجستي أو مهادنة أو ضرورة سياسية، وجل ما يعرفه هي بندقيته وأعرافه اليمنية التليدة، وشعبه، وحال بلدته

سنة وأخرى، تلتها الثالثة ثم الرابعة وثم الخامسة وفي السادسة كان ينتظر السابعة فسبع سنوات هن أطول فترةحكم لرئيس جمهوري وفي الثامنة هناك زال نحس البلاد وذابت فخاخ الأعداء، كان في الثامنة من حكمه قد أرسل لواء لحماية جنوب لبنان وأسس المؤتمر العام لليمن،كل اليمن،أكتشف النفط، شارك في حرب العراق ضد إيران وأسس لاتفاقية الوحدة وأنهى حروب الجبهوية في المناطق الوسطى، وأكتملت المؤسسات الحكومية، بالعمل، وبدأت نخب البلاد تحل بديلاً عن المصارية والسودانيين والسوريين، بدأت اليمن تقوى: اليمن هنا،هنا.

ثم قادنا صالح بشريعته إلى اليمن الكبير والموحد، و إلى اليمن الذي يصبح ذا رسم في العالم وحول العالم، يمن علي عبدالله صالح ويمن التعددية السياسية في إقليم لا يعترف بالتعددية ويمن صناديق الاقتراع،يمن الجيش والحرس الجمهوري، يمن صعدة والمهرة،يمن بنقلة نوعية رغم العراقيل، رغم الفخاخ،رغم الاعداء في الداخل والخارج،رغم الاخوان ورغم القبيلة، والقبائل، يمن رغم كل العالمين

ذات مرة ذهبنا إلى احدى عجائز البلاد في طفولتنا نطلب منها مائة ريال كمصروف،مبلغ كبير، بعصاها طردتنا من بيتها، وعدنا اليها بعد ساعات لننتقم، صرخنا ان الرئيس مات،داخت العجوز،سقطت، وكرهتنا طيلة الوقت لكذبتنا عليها بموت علي عبدالله صالح،لماذا يا ترى؟

كن النساء يرقبن اولادهن وازواجهن كل ليلة وإخوتهن ببكاء ودمع خوفا عليهم في شرعب من الجبهة، من الفوضى،التي انتهت بعهد علي عبدالله صالح، لذلك أحببنه حد الثمالة،أحببنه
لمنحهن سنوات من الهدوء والسكينة والنوم

تأملوا حال البلاد،بهذه اللحظة، كانت البلاد تعيش هذه اللحظات،قبل حكمه، شريعة غاب وشمال وجنوب وكهنوت وقبائل ومشيخات وبلا موازنات وجوع وفقر ومخلفات الكهنوت والاستعمار وانقلابات وبيع وخيانات، وشعب غير مدرك لما يحدث ثم ظهر علي عبدالله صالح وأصلح ما اخربته السنوات وبسنوات قليلة كان يدافع عن لبنان والعراق فتخيلوا ان تهبنا السماء الآن فذاً كصالح يخرجنا من هذه الكارثة وبسنوات قليلة ندافع عن البلدان العربية بجيوشنا كما فعل صالح في العراق ولبنان،

فهل يتخيل منكم احد هذه الأخيلات اننا بعام 2025، سوف نرسل جيشاً للدفاع عن المغرب أو السودان وعن سوريا! لا احد يمكنه ان يفكر بل سيضحك من جنون عقله ولكنه صالح فعلها بعد ثلاث سنوات فقط من حكمه وجيشه يدافع عن لبنان، لهذا تعاظم الرجل

نحتاج ان نقرأ حياة صالح وجسارة صالح وشجاعة صالح في ذكرى توليه للرئاسة كي تتسنى لنا قدرة الحصول على شبيه لصالح

الذين قالوا له لن تستمر يشاهدونه يستمر وحتى إلى بعد استشهاده
الذين قالوا له لم تنجح شاهدوه ينجح والذين قالوا له لا قبيلة تحميك وجدوه محميا باليمن من كل شيء، كلهم كذبوا وصدق صالح فقط.

عناوين ذات صلة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى