[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

الخلفية الاجتماعية للإرهاب الحوثي

د. لمياء الكندي تكتب: الخلفية الاجتماعية للإرهاب الحوثي


لم يكن مفاجأ ذلك الإعلان من قبل وزارة حقوق الإنسان اليمنية التابعة للحكومة الشرعية يوم أمس السبت الموافق 31 يوليو وهي تتحدث عن ضحايا التعذيب في السجون التابعة للمليشيات الحوثية، خلال العامين الماضيين.

حيث أفادت الوزارة، في بيان، أنها رصدت 1635 حالة تعذيب في سجون المليشيات الحوثية العامين الماضيين، وأكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب منها 33 امرأة مختطفة تعرضن للتعذيب المفضي للموت.

لقد أسهمت حالة العنف الممنهج للحوثيين سواء فيما يخص سياستها التعذيبية للمعتقلين والمخفيين قسرا في سجونها، أو ما تركته حملات التجييش والتحشيد للأفراد للقتال في جبهاتها، في خلق بيئة حربية انتقل تأثيرها المباشر على سلوكيات الأفراد والجماعات المقاتلة معها، بحيث اصبح وجود مثل هذه العناصر يشكل خطرا اجتماعيا مباشرا، ليس فقط على الدولة والمجتمع بل امتد خطرهم ليكونوا مصدر عنف أسري يهدد بقاء الأسرة ذاتها.

لقد أفرز الوضع القتالي للمجندين الحوثيين سابقة خطيرة على أسُرهم وعوائلهم، حولتهم إلى وحوش بشرية لم تعد قادرة على فرز عداوتها التعبوية والتنظيمية ضد عدوها الافتراضي التي تم إعدادها لمواجهته بصرخة الموت، وإنما تحول ذلك الإعداد إلى تهديد اجتماعي يمس الأسرة مباشرة.

لقد أوجدت هذه الحالة لدى المجندين التابعين للحوثيين، نوعا من العنف الاجتماعي المركب الناتج عن تراكمات نفسية وتعبئه خاطئة جعلت من مرتكب هذه الجرائم أداة ناقمة توجه عنفها لمجرد حدوث أي اختلاف مع الآخر، فعندها ينتفي معنى وجود الآخر وقيمته وحقه في الحياة وفق ما يراه هذا الشخص مهما كانت قرابة هذا الشخص منه.

تطالعنا الأخبار يوميا عن بشاعة الجرائم الأسرية التي يتعرض لها البعض من قبل أفراد الأسرة ذاتها من قتل متعمد شاركت به هذه العناصر الإجرامية التي شاركت في القتال أو تلك التي تلقت دورات مكثفة لدى الحوثيين ووصل بهم الحال إلى أن يتحولوا من مجرد مقاتلين في جبهات القتال إلى قاتلين ومجرمين لأبنائهم وزوجاتهم وآبائهم.

ان المأساة الحقيقية التي تركتها التربية العسكرية والثقافة القرآنية الحوثية حسب ما تدعيه تكمن في تحول هذه العناصر من جيش محارب إلى جماعات منتقمه اجتماعيا أثرت فيها مشاهد القتل وممارسته للدرجة التي مكنتها من تجاوز أي أخلاقيات شخصية ودينية ومراعاة لحرمة دماء أبناء الوطن الواحد ناهيك عن أفراد الأسرة الذين باتوا وفق هذه التربية هدفا مشروعا للقتل.

من المروع والمخيف جدا أن نشاهد ونسمع وتتناقل إلينا أخبار القتل الأسري الذي يمارسه المنتمون للحركة الحوثية، مما يدعنا أمام تهديد حقيقي يلامس كيان كل أسرة يمنية شارك أبنائها في القتال أو تلقي دورات ثقافية تحريضية لأفرادها.

إن انتقال العنف والتربية العسكرية للأفراد الحوثيين من دائرة الحرب إلى أضيق دوائر الاختلاف ممثلا بالأسرة يضعنا أمام تحدٍّ نفسي واجتماعي وسياسي خطير يجب أن تقف كل أسرة يمنية عند آثاره ونتائجه ووضع كل الاحتمالات المترتبة عنه.

لأننا بهذا القدر المتسارع من تكرر حوادث القتل الأسرية على أيدي المنتمين للمليشيات نكون قد خسرنا الكثير من أمننا وسلامتنا الأسرية بعد أن تحول فعلهم مسار القتال في الجبهات إلى القتل داخل البيوت.

زر الذهاب إلى الأعلى