[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

ثورة أكتوبر.. ما لها وما علينا

د. متعب بازياد يكتب عن: ثورة أكتوبر.. ما لها وما علينا


في كل مناسبة وطنية، يقفز البعض لجلد الثورة وتسفيه أحلام رجالها، بينما هو في حقيقة الأمر لا يجلد الا ذاته ولا يسقط الا اعتباره. عبثا يحاول تحميلها حصاد خيباته ووزر سيئاته، لم تكن الثورة -أي ثورة- الا لحظة رفض جمعي لواقع مزرٍ وتطلع فسعيٌ حثيث لمستقبل أفضل، الثورة سلوك الإنسان وسعيه في سبيل تمثل انسانيته، وهكذا هي طاقة إيجابية وفعل واعٍ.

الثورة هي بدايات صنعها الاحرار بتضحياتهم، اما المالات فمحكومة بسمونا نحن لغاية تلك البدايات ومدى استعدادنا لتقديم تلك التضحيات، ويردد البعض مقولة (ماذا بقي من اهداف الثورة) وما أدرك أن وظيفته حماية ما أنجز وإنجاز ما بقي.

في هذه المناسبة الاكتوبرية العزيزة الـ(58) نقف على أهم إنجازات أكتوبر المظفرة. إنه وفي بقعة قصية من ظل امبراطورية عظمى تململ شعب مزقته الحروب القبلية، ورسم المستعمر لكل شيخ مجال سيادته ورعي غنمه، وضرب الجهل والفقر عموم اريافه وحواضره.

كان التحدي كبيرا ولكن إرادة هذا الشعب عظيمة( التحرر والاستقلال -التوحيد -بناء الدولة) هذا المثلث الذهبي الذي دارت حوله اهداف الثورة وكان ميدان نضال شعبنا اليمني في جنوب الوطن وكانت الطلقة الأولى في الرابع عشر من أكتوبر 1963م.

حقق الثوار استقلالا ناجزاَ في الثلاثين من نوفمبر 1967م، وغادر الوطن عهد الشتات والتشرذم والتقسيم الذي فرضه المستعمر، فكانت معجزة توحيد أكثر من احدى وعشرين دويلة وسلطنة ومشيخة في دولة وطنية واحدة -لا يقل أهمية عن الاستقلال- بعد اخراج الانجليز من مستعمرة عدن عاصمة اليمن الجنوبي الديمقراطي الحر، وقد مثل قيام الدولة اليمنية الوطنية في الشمال بعيد ثورة ال26 من سبتمبر 1962م صمام الأمان لثورة الجنوب وظهير الثوار واهم مصادر انتصارهم.

ولما كانت فكرة توحيد الجنوب فوحدة اليمن طاغية في عقل ووجدان ثوار أكتوبر، أصبحت -وحدة اليمن- في مرحلة لاحقة هدفا رئيسيا للدولة وهاجسا شاغلا لجل خطط البناء والتنمية، وتأخر تحقيق هذا الهدف بُعيد الاستقلال أخر بناء الدولة اليمنية الحديثة وتعثرت خطط التنمية في الشطرين، حينما اهدرت اجتهادات النظامين -حول طريق الوحدة - موارد وإمكانات البلدين في صراع السلطة والنفوذ داخل النظامين وبين الشطرين، واستمر هدر فرص البناء والاستقرار في اتون ذلك الصراع حتى بعد قيام الدولة الموحدة عام 1990م.

ورغم هذا التعثر أو الإخفاق في تحقيق هدف رئيسي من اهداف الثورة اليمنية. فذلك لا يعني فشل الثورة، ولا يسوغ تسفيه نضال الثوار أو التقليل من تضحياتهم، فما تحقق كثير، وما بقي هو نصيبنا نحن وشرفنا في إنجازه، أن تحرير أرضنا من المستعمر الأجنبي هو تحرير لقرارانا وامتلاك ارادتنا، وتوحيد بلادنا في ظل دولة يمنية واحدة هو مصدر قوتنا وفخر امتنا،
ناهيك عن دخول اليمن للعصر مع الأمم المتحضرة من خلال خطط التنمية الطموحة في مجال التعليم والصحة وسائر جوانب الخدمات كما هو في التطور السياسي والمدني وأعلى قيمة الانسان وتحقيق مبدا المواطنة والمساواة. وجعل هذه القيم الإنسانية من ثوابت الامة اليمنية واهم مكتسباتها، وهذه القيم والحقوق المكتسبة بثورة أكتوبر وسبتمبر التي سنظل نناضل من اجلها ونرفض أي انتقاص منها،

وما يسطره الأبطال اليوم من تضحيات في جبهات القتال ضد مشروع الامامة العائد بنسخته السلالية الحوثية وما يجترحه احفاد الاحرار وأبناء الثوار من مآثر لحماية الجمهورية والوحدة والديمقراطية احد مظاهر خلود وتمكن روح أكتوبر ونفس سبتمبر في شعبنا اليمني جيلا بعد جيل. فسلام على ثوار أكتوبر واحرار سبتمبر في الأولين والآخرين.

زر الذهاب إلى الأعلى