[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

هذه مارب

د. لمياء الكندي تكتب: هذه مارب


بعد غياب دام لأكثر من شهر عن وسائل التواصل الاجتماعي، واستقراري الجديد والدائم بإذن الله في مارب الشموخ تلقيت رسالة من الأستاذ والمعلم القدير عادل الأحمدي يسألني "كيف وجدتِ مارب"؟ ولكي أجيبه على هذا السؤال أجدني أفتتح نافذة الكتابة الأولى عن هذه المدينة وقد صرت أحد ساكنيها الجدد الذين وجدو فيها ملاذاً آمناً لحياة كريمة.

فمارب اليوم هي مدينة اليمن الكبرى هكذا وجدتها عرشاً عظيماً يتسع لكل اليمنيين، فكل من وقفوا على أرضها ملوك حياتهم وأمراء قرارهم وسادة على أفعالهم.

بدت لي المدينة المقاومة كمدينة ثائرة تنبض بقيم الثورة والرجولة والحياة والكرامة والفداء، مدينة تتأهب لمواجهة الأسوأ في تاريخ اليمن، تُشيد في كل شبر فيها حصون وقلاع المجد الجمهورية العتيدة، لتشكل جدار الصد لمشاريع الأوغاد الذين يتسللون على أطرافها كغزاة برابرة لا يرعون قيم الإنسانية والمواطنة العدالة، كعادتهم يسعون للنيل من كبريائنا لإقامة هيكلهم السلالي المزعوم، على أنقاض جمهوريتنا كما يحلمون.

مأرب اليوم يا أستاذ عادل هي مأرب الأمس بما تحمل من عظمة المجد والإباء، مدينة فتية نشطة الحركة سريعة التغيير، عظيمة البنيان قوية السواعد، روحها النضالية للدفاع والصد والممانعة نلمسها في عيون كل من فيها، وقد توشحوا التحدي لمواجهة أي خطر على مدينتهم التي عقدت عليها آمال اليمنيين.

مارب اليوم خندق واسع يلتهم كل أوهام المتوردين وفلولهم، ببسالة جمهورية تشربت روح الفداء دون أن تقبض مقابلاً غير النصر والكرامة.

مأرب اليوم مدينة مقاتلة، أصبحت معسكرا واسعا لفرسان الجمهورية، تُعد نفسها اليوم، وغدا، لتكون أسطورة الكفاح المسلح، وعنوان الإباء والمجد السبئي المقدس، تنقش بالمسند بلون الدم سفر مجد جديد بعزائم أقيالها وإكليلاتها، وفرسانها الذين ادركوا خطر عدوهم الذي يسعى لتجريف هويتهم ومحو تاريخهم، ومصادرة حاضرهم واغتيال مستقبلهم.

مارب اليوم تبذل لوجودنا وجمهوريتنا بلا حدود ففي كل بيت حكاية مجد وقصة تضحية، أبطال وشهداء وجرحى، إنها مدينة عنيدة لن تسلم للموت القادم إليها على طريقة غيرها من المدن الأخرى، ولن تتخلى عن ذاتها الأصيلة كما يظن البعض. إنها مدينة تتوعد الغزاة بموت يشرد من خلف فلولهم.

إنني اليوم ومن مأرب لا أكتب لمجرد الكتابة والإشادة، ولكنهُ حالة المدينة وواقعها الذي فرض على كل شبل فيها وكل رجل وامرأه وشيخ، أن يظل يقظا عنيدا حاملا لشرف القضية مستعدا للقيام بواجبه نحوها على الدوام.

الدفاع عن الدين والعقيدة، عن الأرض والعرض، الدفاع عن الجمهورية والحياة العادلة والكريمة، الدفاع عن المدنية والسلام، عن القبيلة والشموخ، عن الحضارة والبداوة، الدفاع عن سبتمبر وأكتوبر، عن الوحدة وحلم اليمن الكبير.

هكذا وجدت مأرب مدينة اليمن الكبيرة والأولى، مدينة الحب والحرب، مدينة النصر والنصر، مهما كانت معطيات الواقع ورهانات الأعداء واضطرابات اليوم.

إنها بلدة طيبة لرب غفور ألهم من علياه سبحانه كل من فيها عقيدة الحرية والنصر والكرامة، وكفى بها عقيدة تستدعي كل هذا النضال وقد تغذت بقيم سبتمبر وأخلاق رجاله الفاتحين لكل اليمن المتحررين من كهانة الأمس البغيض بدستور جمهوريتنا العظيم كتاب مجدنا الاسمى.

فمأرب الأسمى بنضال اليوم لا يمكن النظر إليها وتقييم بطولتها وتضحياتها بمقياس خسارة بعض المواقع بيد أعدائها، فالقضية التي تحارب من أجلها لا تنحصر في جغرافية معينة ومنظور النصر والهزيمة لا يرتبط بمشاريع المعتدين على الأرض وفرض سيطرتهم عليها.

إنها كل يوم تحيي فينا معنى وطنيا يتدفق ثقافة وتضحية وعقيدة وحرية، لن يهادن حتى وإن بسط أذيال طهران سيطرتهم على كامل الأرض، وكما أعلن بطل ثورة 1948م الرئيس جمال جميل للسفاح أحمد حميد الدين في ساحة الإعدام "حبلناها وستلد"، نقول اليوم لكل من يراهن على سقوط الجمهورية وسقوط مارب التاريخ بيد علوج الفرس لقد حبلناها وستلد، نعم لقد حبلت الأمة اليمنية اليوم بفكرة السمو والحرية والجمهورية والدولة وروح القانون والكرامة التي تليق باليمانيين وأمجادهم.

سيكافح اليمنيون عن حقوقهم أفرادا وجماعات فالرسالة التي تعمدت بدماء الشهداء لابد أن تلد دولة نظام وقانون دولة ترفض وتجرم الهاشمية العنصرية وترسي قيم المواطنة المتساوية.

فلا يوجد ما يبرر الخوف على مأرب لأنها تحمل مشروع فكر وثقافة مقاومة وعقيدة جمهورية، وهذه الميزات تكفيها لتخوض غمار مائة عام حرب دون كلل أو ملل أو تقاعس وتحدد خاتمتها بالنصر والنصر المبين وما يجب على الجميع هو القيام بواجبهم نحو مأرب.

ويتردد في الأجواء والأسماع هنا وعلى مدار الساعة بيتا من قصيدة للقيل عامر السعيدي:

ومأربُ محروسة بالرجال
وبالله محروسة مأربُ

وسلام مع التحية لكل الأحرار على هذه الأرض المباركة

زر الذهاب إلى الأعلى