[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

علي محمد سعيد أنعم: بانوراما الميلاد إلى الإيقاد (3)

لطفي نعمان يكتب حول علي محمد سعيد أنعم: ثروة ترفد ثورة - بانوراما الميلاد إلى الإيقاد (3)


التفاعل مع ثورة 1948م
بلغت حركة الأحرار اليمنيين، بالتحالف مع قوى سياسية فاعلة، ذروة السلطة في 17 فبراير 1948م بمقتل الإمام يحيى حميدالدين، وتنصيب السيد عبدالله بن أحمد الوزير إماماً ملتزماً بالدستور أو «الميثاق الوطني المقدس» الذي وضع هيكل الدولة الجديدة موزعاً بين مجلسي الوزراء والشورى، وتحديد المهام والاختصاصات وفق التشكيل الحكومي الذي عدّله الإمام الوزير. وبالرغم من المحاذير المطروحة إزاء إخفاق خطة اغتيال ولي العهد أحمد، أجمع الرأي على توطيد الموقف السياسي الجديد بانتقال جميع الأحرار اليمنيين من عدن وطلوع صنعاء، جواً وبراً.
وعن طريق البر، غادر الأستاذ نعمان عدن مروراً بتعز وقد احتشد الشباب ليضموا إلى «كتيبة الفدائيين» التي جهزت بتبرعات التجار الأحرار في عدن، وبينهم علي محمد سعيد الذي أسهم في تجهيز الكتيبة بخمسين بدلة عسكرية عبر محمد علي الأسودي، وانضم إلى المتطوعين لمرافقة النعمان إلى تعز وكان بينهم محمد عبده الأغبري (والد الأديب الراحل علي محمد عبده) وعبدالغني صالح (والد الشهيد عبدالعزيز عبدالغني).

الوقوف في تعز
وصلت بعثة النعمان تعز وفي استقبالها الأمير محمد بن أحمد حميدالدين المعروف بالبدر، وعامل تعز محمد باشا ثم واصلت المسير صوب صنعاء مروراً بذمار، ولولا مشيئة الله توقُف الشاب علي في تعز، لواجه بنفسه مفاجأة إحباط الثورة كلية واعتقال المجاميع والأفراد المرتبطين بها بما فيها «كتيبة النعمان» المعتقلة بذمار. كما احتوته الأقدار بانطواء اسمه يومئذ عن الشيوع، فحالت دون ذيوع صيت ارتباطه بالحركة ككل، لتتيسر عودته إلى موطن عمله بعدن -وإن انهارت معنوياته كباقي الأحرار جراء «مصرع الابتسامة»- لكنه يعاود حركته في خضم النشاط التجاري وعمه «الهايل».. دونما حياد عن المبدأ والهم الوطني. أو انقطاع صلات بكبار رجالات الحركة الوطنية والأحرار اليمنيين من مؤسسي الاتحاد اليمني، ثم تجده مع الأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان صاحب جريدة الفضول بين مستقبلي الشيخ عبدالله الحكيمي صاحب جريدة السلام.

من همٍ إلى همةٍ
تناقل الأولون عن الأولين:
يا نفس من همٍ إلى همةٍ .. فليس من عبء الأذى مستراح
ووجدت تجسيدها العملي لدى "علي محمد سعيد" كشاب همام مقبل على العمل في كل حقل، ويدرك أن الهمة تقوى على الهم، وتهوي صروحه، وتحل محلها صروح مجدٍ يجدي النفس والآل والقربى والوطن. فانطلق وقد اتفق وعمه الهايل على توسعة مدار عملهم، من جنوب الوطن إلى غربه.. أي: الحديدة. فافتتح في العام 1950م هناك محلاً تجارياً يصدر المنتجات الزراعية والجلدية.

مساوئ العمل.. ومحاسن سيف عبدالرحمن
لم يخل العمل في الموطن التجاري الجديد من مساوئ ومنغصات على شاب انفرد بشق طريقه بعيداً –ولو قليلاً- عن جماعته وأهليه، حيث أراد مد نشاطهم بطول البلاد وعرضها. فلازمت الحاجة طموح الشاب الوافد على الحديدة واحتاج إلى عونٍ –دون أن يقصده- يزيح سوء الظن والوحشة التي تلمسها من بعض تجار الحديدة تجاهه، فكان صاحب الفضل في تبديد الوحشة وسوء الظن الحاج المجاهد الحر سيف عبدالرحمن العريقي. وتصون ذاكرة علي محمد سعيد محاسن ذاك الفاضل وتعددها.

حياة الأب.. بإشراك الشاب
اقترن آل سعيد أنعم، شيباً وشباناً في عدن بعمل مشترك يجمعهم ويظللهم، على أساس من شراكة البنين «هايل ومحمد وجازم وعبده».. وجهد فاعل في التوطيد من الحفيد علي.
وقد تمحورت حركتهم في القرية بالأعروق بمقام الأب الشيخ محمد سعيد من بعد وفاة الجد سعيد أنعم، وبقي أبو علي وجيهاً وعاقلاً بالقرية إلى أن توفاه الله عن 87 عاماً. وابنه علي بعيد عنه لم يحظ فرصة مواراة أبيه الثرى..
وفي يوم تكاثرت المصائب عليه واجتمعت بفقدان بعض العمل وبعض الأهل، أتاه الخبر كتابياً من عمه هايل إلى صديق ثالث تخفيفاً لوقع الحدث عليه، لكن كتاب النعي الموجه إلى الصديق وصل ليد علي الذي بدافع «الشجن» -كما يقول- أو «الفَضول» ففتح الرسالة ليصدم خبر الوفاة، ويطوي خلال المسافة بين الحديدة وتعز فالقرية، ألمه ودموعه معزياً النساء، ويجد عزاءه وأرحامه الأقرب لدى قبر أبيه من عمه هايل ومواساته باعتماده شريكاً بديلاً عن أبيه. فتمتد حياة الأب بإشراك الإبن.

زر الذهاب إلى الأعلى