[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
شعر وأدب

أقل ما يمكننا فعله للشاعر هشام باشا

عبدالرحمن البريهي يكتب أقل ما يمكننا فعله للشاعر هشام باشا


أقل ما يمكننا فعله لهشام
أرجوكم، اكملوا قراءة المقال

" أظن اسمك الملقى على الشّطِّ لم يزل
بمقدوره أن يمنح البحر جوهرا "

كان هشام مضطراً لترك صنعاء، لأنه لا يحتمل أن تتعالى فيها أفكار بائدة على صورة اليمن الذي يحملها في قلبه، لا يحتمل فيها سلوك جماعة لا يتقبلها تماماً، كان في صنعاء يترقب كل يوم شرارة يكون على متنها غضب يحوم حول رؤوس المعتدين والعائدين من التأريخ القديم لانتاج نفس القصص القديمة، التكبر نفسه الذي ينتفخ من أفكار باطلة

قال وهو في صنعاء :

غبي هو الظالم المطمئن
إلى أن صنعاء مستسلمة

يَظَلُّ يُغَلِّفُنا بالظَّلامِ
ليَقْتُلَنا قَتْلَةً مُبْهَمَهْ

ونحن على ضوء سكينه
نخط نهايته المظلمة

وكان قبلها في 2015، في إحدى جبهات القتال في تعز، بين الجبال وعلى خطوط النار، كان كأي فرد من أفراد المقاومة، خاض معهم معارك قوية، وقد نجى بأعجوبة من بين الرصاص ومن ترصد القناصات.

نشيده الدائم
خذ بي إلى مرمى بروق المجد
من جبل العقيق

لأقول يايمن المدئ المملوء
بالمعنى أفيقي

وخذي النهار ورممي مافي بنيك
من الشقوقي

غادر من صنعاء من بعد تجربة العيش تحت ظل حكم المليشيا، بعد أن تأكد تماماً أن الجمهورية والشعب اليمني في خطر كبير مع هؤلاء، وأن اليمن الكبير يريد أن يلفها حفنة من السلاليين بعلم الجمهورة ووضعها في صندوق وضاح، وإيهام الشعب أنهم معه ومع حقوقه.

غادر مسلحاً بفكر 26 سبتمبر، مفعماً بأناشيد الوطن وبخطابات الثوار، ورسالة قوية تتأجج في صدره كالطوفان
ترك عمله فيها وترك مدينته الأم، وبلاده وأهله،
يخاطب الشعب وهو يستعد للتوجه إلى الجبهات
ويرد على تهمة الفرار.

قم واستقم ياشعب، ياسهم السما
أو لا تلم أبداً بنان الرامي

لا تختبئ ياشعب، يابارودة
الأقدار، يابارودة الأيام

يا شعب إنك تستطيع فحجم من
تخشى وحجمك أكبر الأحجام

أتمكن المعنى الكبير لحفنة
من زيف ألقاب وزيف أسامي

يا شعب ثُرْ واصرخ بلا خوف وإنْ
أحجمتَ، ثر وأصرخ على الإحجامِ

ثم انتقل إلى عدن، ومكث فيها سنة يحاول ان يستعيد نفسه ويهيئ نفسه ليكون على صلة مع القادة والثوار، وبعدها سينتقل إلى مأرب

يأيها السد المعتق إن بي
ظمأ إلى استرجاع كل يمان

غير إبنة البارود لم أر طاردا
للهم عن كتفي وعن أوطاني

إني أعوذ بطائري وبسائري
من أن أرى أمري بغير بناني

وأعوذ بالأفق الذي في داخلي
من أن أقدس كعبة الجرذان

انتقل إلى مأرب وكله شوق إليها
لأجل الشباب الذين يحبهم، والذين تجمعوا فيها.
فقد ربطته بهم علاقة فكرية وثقافية كبيرة،
وصل إلى مأرب والمعارك مستعرة على حوافها
أصر على أن يكون في الجبهة، وفي المقدمة تحديداً، وجلس مع الشباب يتحدثون عن مشروع كل مناضل لأجل الجمهورية، أشعل فيهم وأشعلوا فيه الحماس.

وأذكر كيف كان يتحدث عن الشباب بكل اعجاب، ويمدح العلاقة الأخوية بينهم والتلاحم، والمشروع الذي جعل منهم بنياناً واحداً،
مكث في مأرب يقاتل ويقرأ ويبحث ويدرس الأعمال الثقافية التي من شأنها توعية الناس عن مساوئ وخطر أي فكرة تناهض الديمقراطية والجمهورية،التي ينشدها كل مناضل حر، ومات على نهجها أبطال وضعناهم كالقلائد على عنق الوطن.

ويتجلى لنا في قصائد هشام، صلابة المناضلين وعنفوان الأحرار ورفضهم التام للخضوع والإذعان لسلطة ترتكز على الطائفية والسلالية

لكن المسؤولين كانوا كتف الشرعية الذي لا يقوى على حمل هموم الشجعان وتقدير استعدادهم واندفاعهم للعمل من أجل تخليص الشعب بالقوة التي يحملونها في صدورهم، وفيهم من لا يقدر على وضع الهدف الأسمى هو الأولوية المطلقة.

ما الذي يحدث؟
إن هشام باشا وأمثاله ممن وضعوا أنفسهم نداً بشكل شخصي للحوثي، قد وضعوا أنفسهم على فوهات المدافع، يواجهون في كل تأخير قذيفة الحلفاء أمامهم تمنعهم من التقدم،
وقد تغيرت الكثير من الأشياء مع هذا التهاون الكبير
حتى كاد كل فتور في الشرعية ينال منهم أكثر مما يناله منهم الحوثي.
وأصعب ما قد يواجهه البطل الشجاع المخلص الممتلئ بفكرة المقاومة هو أنه ليس على رأسها.

من المسؤول عن هؤلاء الأحرار؟ من هؤلاء السياسين؟
رأيت صديقي وهو يقلب وجوه الشخصيات السياسية الضعيفة وييُغصّه ويتعبه أنهم هكذا،
ويتسائل كيف يستطيعون النوم والشعب ينتظر انتضاءهم سيوف الخلاص؟

متعب جداً، من ماذا؟
لن يفهم هذا التعب الكبير إلا من هو نقي الإخلاص للناس وللمعدومين.
كان يعتقد أنه سيلتقي بالزبيري والثلايا والقردعي
ولكنه لم يجد غير اخلاص الشباب المقاتل
وجماعات متقوقعة على نفسها تلعب الاعيب من شأنها تثبيط العزيمة، وقتل الإندفاع الذي جاء به إلى الجبهات، وقد أحرجه أن ينضم اليهم، وأجبره هذا على أن يبقى وحيدا كالسيل، أو تمنى أن يكون عكازة لجريح ما، أو ضريح يضم القشيبي والشدادي وهو مع ذلك ليس الا متطوعًا لم يدخل اسمه سجل الجيش، إلا في هذه الأيام الأخيرة وبلا رغبة منه، هو الآن في سجل التوجيه المعنوي جندي ههههههه وبلا معاش. لم يأخذ ما يستحقه من الدعم الذي يأتي للجماعات، لأنه يرفض أن يكون تابع لها.

وهو لا يهمه المال، فقد رفض أن يستلم مبلغاً جاهزا من المال من إحدى الجهات العسكرية التي سجله اسمه فيها أحد أصدقائه وهو لا يعلم، في محاولة من صديقه هذا لدعم هشام كونه يعلم كم انه في حاجة للمال من أجل بيته وأولاده.

رفض هشام هذا المبلغ لأنه علم بالأخير أنه سيستلم المبلغ من جهة عسكرية ليس لها على أرض الواقع سوى اسمها بلا وجود.

يقول

تعبت وأنكسر العود الأخير أسى
ومات آخر طير من طيور عسى

لا لم يمت غير أن الشوق أصبح
لا يطيق وسواس آمالي إذا همسا

يا أم تمام إن الأغنيات قست
عليا بعدك واللحن الحنون قسا

ولم يعد ثم ما ألهي به ولهي
وما أسد به صبري إذا انبجسا

أبيت ان لم تكن عيناك في أفقي
كالسقف أحتاج من شر الدجى حرسا

هلال كل مساء لا أراك به
أحسه مخلبا في خافقي انغرسا

تغربي عنك طاغ مثل من سرقوا
صنعاء وأتخذوا من أهلها عسسا

لكنني لم أجد غير الرحيل معي
وهم يريدون مني الروح والخمسا

رحلتُ عنك وعن صنعاء ملتحقاً
بسيف مأرب والمهر الذي رفسا

آنست بالبلق العالي كما أنست
به الوعول وطرفي بالسماء أنسا

قلت له يوماً أعتقد أن الشاعر في الغالب كما لاحظت عبر التأريخ لا يصبر كثيراً من أجل مصالح الغير، إنه يقول ما يجول في خاطره، غير آبه بالغير،وأنا أدرك أنك تخفي الكثير في صدرك ياصديقي

قال لي :
" الوضع محتم عليّ أن أحتمل من أجل مأرب ومن أجل الحلم الجمهوري "

وفي قصائده الكثير من محاولات التقريب بين جميع الأطراف،
وصار لابد أن ننسى سفاسفنا
ونذكر اليمن الأعلى وما طلبا

إن العدى ليس إلا من تصدعنا
تسللوا وتخطو الباب والعتبا

لكننا الان لا يرجى تفرقنا
شعب تناول شال الفجر واعتصبا

ليس هذه أول ثورة يشارك فيها هشام، فقد دخل في صراعات كثيرة ضد سلبية العادات المجتمعية
التي من شأنها أن تحتقر أي شخص يمني،
من أجل تغيير مفهوم العيب في بعض الأعمال التي تنتقص منها القبيلة في حق أصحاب المشاريع الصغيرة والمهن الشريفة، نصرة للناس، رغم أنه ينحدر من كبار مشائخ اليمن،
وما عرفت هشام إلا مناصراً لكل الأفكار المجددة والتي يحتاجها المجتمع من أجل الحضارة اليمنية التي تليق بنا كما ندّعي،

أنا لا أحب الحرب إلا إنني
لم ألق من حمل السلاح مناصا

أغريبة أني حملت مشاعري
وحملت قبل مشاعري الإخلاصا

منذ سنة وهشام صديقي في مأزق الطريق الذي طال وأوحشه فيها هزل متصدري الدفاع عن الأحلام الكبيرة التي في صدره ودم رفاقه الذي سال على طريق الحق واعياء المساكين،
لم يعمل لحساب طرف وليس له رصيد في أي حزب لأجل غاية أسمى من أن يطلب الحلول الفردية والحبل الذي ينجيه هو ومجموعة من الأشخاص الذين لا يأبهون ببقية الناس، ويحبون الأموال حبا جما، ويكيدون كيدا

ما جلست معه إلا وحدثني بقضية كبيرة، فلا حديث غير العوائق التي ترش الملح على جروح هذا الوطن،
والتجاهل المتعمد الذي يتعرض له كل مناضل ليس محسوباً على طرف معين.

وجع كبير في قلب هشام، ولا تسرية ما دام أن عليه أن يصبر، وينتظر فيها نصراً للشعب
أو يكون قائداً يفعل ما تمليه عليه طبيعته الرافضة للظلم والمقاتلة من أجل أن يُعزّ هذا الشعب
ويأخذ حقه.

ومع كل تكشف لشخصيات في صفوفنا كبضاعة رديئة، كيف لك أن تصدق أن مثل هشام باشا هذه حال، لا ينال حتى 1% مما يستحق؟

وأخيراً ليس لدي ما أقوله لهشام غير بيت له هو :

يا إبن عمي ليست من الصفر نفسي
إنما الوقت لا يجيد الحسابا

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: وشأئك النصر (شعر)

زر الذهاب إلى الأعلى