[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

الهوية الوطنية اليمنية أقوى وأصلب مما قد يتصوره الواهمون

الهوية الوطنية اليمنية أقوى وأصلب مما قد يتصوره الواهمون في اليمن والاقليم. تكابد اليمن أزمة في الاندماج الوطني جراء الأنظمة التسلطية المتعاقبة والفشل في مشاريع التحديث وجراء الحروب الاجتياحية الاحتلالية، الاحلالية أحيانا، كما في حرب 1994 وكما في الحروب، الاستردادية، الكارثية التي تحامق الحوثيون بشنها خلال العامين الماضيين، وكما في هذه الحرب الأهلية اليمنية_ الاقليمية التي اندلعت جراء انقلابين متعاقبين على الشرعية التوافقية؛ الأول في فبراير 2014 ونفذته أطراف المبادرة الخليجية (هادي والمؤتمر والمشترك)، والثاني في يناير وفبراير 2015 ونفذه الحوثيون بالتحالف مع طرف في المبادرة الخليجية هو المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس السابق صالح.
***
هذه حرب كارثية تجرف منذ عام في النسيج الوطني اليمني وتباعد بين اليمنيين. لكن اليمن هو اليمن الآن، كما قبل نصف قرن وكما هو قبل قرون.
هناك خطايا يجب ان تزول واخطاء يجب تصحيحها، ومظالم ينبغي المسارعة إلى معالجتها فور توقف الحرب وبناء سلطة توافقية واستعادة مؤسسات الإكراه المادي الشرعية.
هناك أوهام وخرافات اسقطتها هذه الحرب.
هناك اوهام وخرافات انتقالية (يسوقها هادي والمشترك) لا بد أن تسقط بعد الحرب، بإخضاعها للنقد والتمحيص والتشكك انطلاقا من دروس المرحلة الانتقالية.
هناك مشاريع رفض واعتراض واحتجاج قامت في مواجهة سلطة الرئيس السابق صالح، ويفترض أن ثورة فبراير 2011 قد وفرت بيئة مثلى لكي يعاد النظر فيها، لكن السلطة الانتقالية برئاسة هادي انقلبت على "روح" الثورة بسياسات التسويف والمحاصصة والمضاربة والابتزاز باسم هذه المشاريع.
هناك هوية يمنية قوية صلبتها ثورتا 26 سبتمبر و14 اكتوبر اللتان اسقطتا الحكم الثيوقراطي في الشمال ودحرتا الاستعمار الكولونيالي في الجنوب، وقوضتا مشروع "الدولة الحاجز" الذي خطط له البريطانيون خلال النصف الأول من القرن الـ20 باسم "الجنوب العربي" ثم ما لبث أن تبخر بفعل الثورة الوطنية اليمنية في عقد الستينات.
اليمن في خطر كبير لانه الكيان الطبيعي في مشرق وخليج عربيين غير طبيعيين بالمرة.
هناك قضايا عادلة، لا ريب.
لكن مخططاات فرز اليمنيين بمعايير طائفية أو جهوية هي مخططات غير عادلة، لأنها تتعسف الواقع والتاريخ والجغرافيا لصالح جماعات تسلطية وفاشية، بعضها مرتبط بعواصم في اقليم تزدهر فيه الطائفية والأنظمة التسلطية (السلطانية).
الهوية الوطنية ليست "صرعة" تستجلب من مولات الخليج!
وتفخيخ الهوية الوطنية لليمنيين بمشاريع التفتيت الطائفية والجهوية يعني تعبيد الطرقات أمام الوافد الصاعد من انقاض الدولة الوطنية في المشرق العربي ليتغلغل في جنوب الجزيرة العربية، يمنا ويمنات ودول "حقل البترول"، على حد تعبير الراحل العظيم المهندس فيصل بن شملان.

 

من صفحة الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى