[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

عام من الحرب: 26 مارس 2016

بعد أيام تكون «عاصفة الحزم» قد أنجزت الهدف الرئيس الذي أوكلت مهمة تحقيقه لقيادة التحالف العربي وتمثل ارتكازها بتوقف الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق عن تمددها داخل اليمن وعودة الحكومة الشرعية لممارسة سلطاتها الدستورية وتحمل مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية.

 
ما يقارب من ٣٦٥ يوما استمرت خلالها حالة الاستنفار العسكري والمجتمعي لحشد التأييد من كافة الأطراف وإذ كررت كثيرا ان قرار الحرب لم يكن الخيار إلا بعد أن تجمدت العملية السياسية الطبيعية للتوصل إلى توافق داخلي يجنب البلاد ويلات الحروب وآثارها الحاضرة والمستقبلية، ولكن الهدف المرجو من استخدام القوة هو إقناع الجميع بالعودة إلى حوار لا يكون لأي طرف فيه القدرة المسلحة لفرض توجهاته ورغباته الذاتية.

 
مر اليمن بعام شديد القسوة نتيجة اقتناع الأطراف الداخلية بأن مكامن القوة التي تمتلكها ستمكنها الانفراد بجني أكبر قدر من الحصاد، ولئن كانت «الشرعية» تصورت حينها بأنها صاحبة سلطة لا يجب منازعتها في حقوقها إلا أنه من الواجب التذكير بأن مشروعيتها كانت توافقية ومرتبطة بواجبات محددة ومؤقتة بموجب وثيقة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وكان ملزما الانتهاء من مهامها في زمن نصت عليه الوثائق ولكنها تساهلت – بقصد أو بدونه – في تطبيق البنود واستعانت بفذلكات قانونية لتبرير تشبثها بالسلطة، وفي المقابل رضخت للتوقيع على «اتفاق السلم والشراكة الوطنية» الذي لم يتم تنفيذ أي من نصوصه الأساسية.

 
في الطرف الآخر، تملكت القيادة العسكرية والأمنية للحركة الحوثية نشوة القوة المفرطة بعد استيلائها على عمران ثم صنعاء فواصلت مسيرتها جنوبا حتى وصلت عدن مستعينة بالقوات التي ظلت على ولائها للرئيس السابق، غير مدركة للعواقب السياسية المدمرة التي نرى تبعاتها الكارثية اليوم، وذلك أمر أراه متسقا مع عدم النضج السياسي وقلة الخبرة في إبصار الأمور بمنظار أوسع من أفقها الضيق، ورغم الشعبية التي اكتسبتها حركة أنصار الله (الحوثيون) بعد إقصائها لمراكز القوى القبلية والعسكرية حينها إلا أنها لم تحاول الانفتاح على بقية المكونات السياسية الموجودة والمؤثرة.

 
يختلف الوضع في اليمن كلية عما كان عليه قبل عام، فأنصار الحركة الحوثية لا بد أنهم أدركوا خطأ تجاهل الواقعين المحلي والإقليمي، وأن أي قوة إقليمية لن تسمح بوجود قوة غير شرعية تمتلك سلاحا يمكنها من التهديد العابر للحدود تحت أي مبرر، كما أن تصور بعضهم من أن منح إيران موطئ قدم سيدفعها لنجدتهم كانت فيها سذاجة سياسية لأنهم لا يعلمون كيف تدار العلاقات الدولية وحدود القوة لدى كل طرف وأهمية العامل الجغرافي عند اتخاد القرار.

 
اليوم حان الوقت كي تبتعد القوى السياسية والاجتماعية اليمنية عن أوهام القوة التي تختزن داخلها عناصر حروب قادمة، وأن تسهم مجتمعة للدفع الإيجابي لإيجاد توافق داخلي في حدوده الدنيا يمثل مدخلا نحو المصالحة الوطنية التي تستطيع ومن الواجب أن تقl.ها المملكة العربية السعودية، وأذكر بدعوتي الأسبوع الماضي لطائف يمني يكون هدفه الاتفاق على عودة الحياة المدنية وتشكيل حكومة مقبولة داخليا وإقليميا تتولى أولا التهيئة لانتظام عمل مؤسسات الدولة كي تبدأ عملية نزع سلاح كافة التنظيمات دون استثناء مما سيتيح إعادة الحياة للعمل السياسي المنضبط والذي يجعل مصلحة اليمن والخليج همه الأول.

زر الذهاب إلى الأعلى