[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

لك (محمد علي) يا مجد

لم تتنج الساحة الرياضية العالمية بطلا رياضيا ك محمد علي اسطورة الفن النبيل (الملاكمة)

 
بعد 74 عاما من سجله الحافل بالبطولات والإنجازات والعمل الخيري والحقوقي وبعد صراع مرير مع متلازمة الباركسون (الشلل الرعاش)، رحل صاحب القبضة الحديدة إلى ربه. لكنه خالد لا يموت.

 
لم يكن مجرد بطل مقاتل على حلبات الملاكمة، اللعبة التي ساهم في انتشارها ورغبة الجماهير الرياضية وغير الرياضية بها، ولكنه كان شخصية جدلية في فن الرياضية وغيرها وجعل من الملاكمة فلسفة صار أستاذها ولا مبالغة إن قلنا أنه يمثل هويتها.

 
كانت بدايته مع الملاكمة وهو في الثانية عشرة من عمره في سنوات الفرز العنصري بعد أن نصحه أحد افراد الشرطة بتعلم الملاكمة إن كان كما قال للضابط: يريد أن يبرح سارق دراجته ضربا. وفي صيف 1960 م نال الميدالية الذهبية لأولمبياد روما. وواصل بعدها اللعب الاحترافي وخاض 19 نزالا فاز فيها كلها ليتوج بدايته بلقب بطل العالم للوزن الثقيل عن سن 22 عاما مسجلا بذلك رقما قياسيا كأصغر ملاكم (22 عاما) يحقق لقب البطولة في هذا المضمار حينها أقصى البطل العالمي (سوني لستون) عن عرش الملاكمة عام 64 رغم العناء الذي لحق به في تلك المباراة حيث استخدم خصمه (لستون) مادة كيميائية لتجفيف جرح كبير أحدثه (علي) في وجهه وتسببت تلك المادة بانعدام الرؤية لدى ( علي ) لثلاث جوالات لكنه واصل قتال خصمه حتى انسحب في الجولة السابعة.

 
أعلن بعد لقبه العالمي الأول عن إسلامه وتغيير اسمه من (كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور) إلى ( محمد علي ) فقط دون كلاي الذي هو اسمه العبودية المطلق.

 
وفي عام 67 تم سحب اللقب منه وإيقافه عن الملاكمة وتغريمه مبلغ عشرة آلالف دولار والسجن خمس سنوات على إثر رفضه المشاركة في الخدمة مع الجيش الأمريكي في الحرب على فيتنام ومعارضته لقرار الحرب. خرج بكفالة من السجن وبعد ثلاث سنوات سمح له بالعودة إلى الملاكمة لكنه كان قد خسر لقبه فاستعاده في عام 74 في المبارة الشهيرة التي خاضها في إحدى غابات (زائير) ما يسمى اليوم بجمهورية الكونغو مع البطل الكاسر (جورج فورمن) الذي كان لا يبْطئ خصمه لأكثر من جولتين أو ثلاث وبذا استطاع الانتصار على حامل اللقب آنذا (جوفريرز) بنتيجة ساحقة وفي إجمالي الإحصائيات فإنه أوقع به بلكمة واحدة 6 مرات في 4 دقائق و 30 ثانية. لكن وبتكتيك مدهش استطاع محمد علي الانتصار على (فورمن) والحصول على اللقب حيث عمد على استنفاد طاقة خصمه (فورمن) بكثير من المراوغة والاستناد على حبال الحلبة ليصل به إلى الجولة الثامنة من المبارة ويسدد له سبع لكمات متتالية ( رسمت سابع أجمل لحظة رياضية في التاريخ ) وكانت الموضوع الفائز لجائزة الأفلام الثقافية عام 1969.

 
وقد حمل المواجهة اسم (شجار في الغاب)

 
كان كما يقول (يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة) وقد جسد هذا فعلا في الكثير من مواجهاته فهو صاحب أسرع لكمة والتي تصل سرعتها إلى 900 كليو متر في الساعة وقد أسقط (سوني لستون) في نزالهما الثاني بلكمة لم تتجاوز (الثانية من الوقت) وكانت أقصر مواجهة يخوضها بطلان عالميان في التأريخ.

 
في التاسعة والثلاثين من عمره عام 1981 اعتزل الملاكمة بعد 56 انتصارا منها 37 بالضربة القاضية . وبعدها شخصت حالته المصابة بمرض (شلل الرعاش) الذي عانى منه بقية حياته وكان صابرا محتسبا ولم يحد المرض من نشاطاته الخيرية والحقوقية وكان من آخر ما قام به تصريحه الناقد لمرشح الرئاسة الأمريكية (دونالد ترامب) بعد تصريح الأخير بوجوب منع المسلمين من الإقامة في الولايات المتحدة على الرغم من العلاقة الشخصية القوية التي تربط الاثنين ودعم (ترامب) السخي لجمعية محمد علي الخيرية وحضوره مع (علي) في نزالات عدة لملاكمين آخرين كان منها النزال الذي جمع البطلين ( مايك تايسون ) ب (لاري هولمز) حيث سقط فيها الأخير في الجولة الرابعة بقاضية قوية من (تايسون) أبقته طريحا على ارضية الحلبة فاقدا للوعي لأكثر من 40 ثانية. وظل (محمد علي) يحظى بمكانته لدى الجماهير وعلى المستوى العالمي وله الكثير من اللقاءات بزعماء وحكام وجماهير العالم وكان من آخر ما حظي به من إقامة متحف خاص بمتعلقاته الرياضية بكلفة ثمانية مليون دولار.

 
الجانب الشخصي المحض للخالد (علي) لا يقل عن جانبه العام ويصعب تناولهما باستقصاء رغم مئات الوثائقيات المصورة وغيرها عنه ، وفي مجمله ، يعد (محمد علي) أحد عظماء التأريخ ممن صنعوا من بداياتهم المحرقة نهايات مشرقة وأمجادا خالدة.

 
رحمة الله عليه ما تعاقب الليل والنهار وأسكنه الله فسيح جناته وتعازينا لكل من على ظهر هذا الكوكب بموت فلتتة الدهر (محمد علي)
(خدمتك للآخرين هو الإيجار الذي تدفعه مقابل استضافتك على الأرض)
محمد علي.

زر الذهاب إلى الأعلى