[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

ترامب.. نقاشات في الغرب وصمت عند العرب

كان محور الحملة الانتخابية لدونالد ترامب مرتكزاً على إشاعة الرعب الكامن عند الأمريكيين البيض خصوصاً، وترويعهم بمعلومات مغلوطة ومشوشة، خاصة في قضية الإرهاب التي تؤرقهم منذ أحداث ١١ سبتمبر التي ستظل عالقة في الذاكرة للأمريكيين لعقود طويلة خصوصاً، وقدّم لهم الوعود المعهودة في أوقات الانتخابات، وللتخلص من العبء الذي يدرك هو قبل الآخرين أنه غير قابل للتنفيذ سارع بالتوقيع على ما يطلق عليه النظام الأمريكي "الأوامر التنفيذية" التي تمنح الرئيس الأمريكي سلطة التوقيع عليها لتجاوز المراحل الدستورية المتبعة لمدة محددة يمكن له تجديدها ولكنها تخضع لنقاشات في الكونجرس الذي يستطيع أن يعدلها ويعطلها إذا حاز ذلك على الأغلبية.

أوضحت النقاشات الدائرة في الولايات المتحدة وأوروبا مدى الانشقاق إزاء السياسة التي وعد بها ترامب ناخبيه تجاه المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين وكان منطلق الخلاف أخلاقياً ثم قانونياً، ولم يتوقف الساسة في القارتين عن التعليق وأبدى كثير منهم امتعاضهم وقلقهم من المترتبات الإنسانية، خصوصاً أن "الأمر التنفيذي" اختص دولاً إسلامية دون غيرها لمعاقبة مواطنيها وحرمانهم من دخول الأراضي الأمريكية مع أن أغلبهم يعيشون في مناطق حروب مدمرة كانت الولايات المتحدة محركاً لها ومستفيداً منها ثم تركتها دماراً اجتماعياً واقتصادياً.

المثير للاستغراب هو عدم إجراء نقاشات عربية حول هذه القضية التي تمس مواطني أقطار عربية ولم نسمع من المنظمات الإقليمية ولا الإسلامية ولا الحكومات ولا حتى جامعتنا العربية العتيدة التي لا يتجاوز نشاطها البيانات أي رد فعل يتناسب مع هذا الأمر، وربما يقول القائمون عليها إن القرار سيادي وهذا عذر غير مقبول لأن أغلب الدول الغربية أبدت اعتراضها عليه من منطلق أخلاقي وإنساني، كما أنه يمس حياة مواطنين عرب هربوا من جحيم الحروب الأهلية التي صارت المشهد السائد في الجمهوريات العربية ولم تعد أي من عواصمها قادرة ولا مستعدة ولا راغبة في احتواء المواطنين فيها.

أنا هنا لا أدعو إلى حملة تضامن مع مواطنين عرب ولكن أستغرب من الصمت الذي لجأ إليه أغلب الصحفيين والمعلقين العرب الذين أدمنوا انتقاد سياسات الولايات المتحدة إذا مست قناعاتهم، وأرى أن هذا الموقف غاية في السلبية لأن ترامب وإدارته الجديدة لا يفرقون بين العرب والمسلمين ولا أتصور أن بلداً عربياً سيكون بمأمن من "قذافيته" وأسلوبه المتهور وتقلباته وركونه على مستشارين أكثرهم من اليمين المتطرف الذي يضع مصلحة أمريكا أولاً وإسرائيل أيضاً أولاً.

قدّم الدكتور "جون قارتنر" أستاذ علم النفس في جامعة جون هوبكنز عرضاً حلل فيه شخصية ترامب ووصفه بالنرجسية الشريرة غير القابلة للعلاج، وقال "دونالد ترامب مريض عقلياً حد الخطورة ومتقلب المزاج بما لا يمكنه من القيام بمهام الرئاسة"، وقالت صحيفة "يو إس نيوز" إن مساعدي ترامب صرّحوا سابقاً أنه مدمن على مشاهدة التلفزيون لهوسه بالكيفية التي تراه بها، وأن أغلب تغريداته عن الأخبار تتزامن مع مواعيد نشرات الأخبار والتعليقات عليها.

قلت لصديق التقيته في الكويت قبل أيام إن العالم يواجه "قذافي" يتحدث باللغة الإنجليزية، ولابد أنه سيسبب صداعاً للعالم كله مع قناعتي أن النظام الأمريكي قادر على كبح جماحه، ولكننا هذه المرة أمام حالة استثنائية أتمنى أن يتم تعديل مزاجه قبل أن يعيد صياغة الكون على طريقة كتاب القذافي الأخضر.

زر الذهاب إلى الأعلى