[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

معركة اليمن المنسية

لم يعد خافيا التصاعد اليومي في أعداد اليمنيين الذين يدخلون في قوائم المجاعة والفقر ناهيك عن الذين ينضمون إلى أعداد اليتامى والأرامل، وليس سرا يمكن إخفاؤه حالة التوقف التام للتنمية، ولكن هذه الصورة تقابلها حالة من الفساد ونهب المال العام تشترك فيه كل الأطراف دون استثناء.

بينما يمضي أغلب اليمنيين وهم يمثلون أكثر من ٨٥٪ حسب تقديرات المنظمات الدولية يومهم في البحث عن وجبة طعام يومية، تنشغل قيادات الحرب الأهلية اليمنية في البحث عن مداخل للمزيد من الثراء وتأمين أحوالهم الشخصية، وهو أمر مشروع لو تم بطريقة مشروعة وليس تحت غطاء شعارات كاذبة مثل (دحر الانقلابيين) من طرف و(حماية السيادة) من طرف آخر، ووسط هذه الشعارات يتوزع الناس للدفاع عن هذا الشعار أو ذاك، ومن السخرية أن شبكة مصالح وتهريب قد نشأت وصارت أمرا يعرفه الجميع بين عدد من أطراف الحرب الأهلية، ويغفل الجميع أن الذي يدفع الثمن وحيدا هو مواطن جائع مريض بائس لا تعنيه كل هذه المعارك ولن تعيد له أبا قتل ولا بيتا تهدم ولا مدرسة أغلقت ولا مستشفى أحالته الحرب أطلالا.

في وسط هذا المشهد الحزين لا يجد المرء ما يمنحه أملا ولو ضئيلا بمستقبل أقل قتامة وأكثر إنسانية، فالوقائع اليومية الدامية لا تعطي مؤشرا بأن القيادات اليمنية قد «تعبت» أو «أنهكت» من صور جثث اليمنيين أطفالا وشبابا ونساء وكهولا، وأشعر أن إصرار هذه القيادات على استمرار الحرب أضحى أمرا يرتبط بمصالحهم الذاتية، فليس من المعقول أن يكون شعار حماية «الوطن» هدفا يسعون إليه في الوقت الذي يستنزفون فيه كل مقدراته البشرية والمادية، ولابد أن إحساسهم بالمسؤوليتين الأخلاقية والوطنية قد تلاشى إلى حد لم يعد يجب التغاضي عنه.

إن المعركة الحقيقية التي يجب التركيز عليها والتي أواصل التأكيد عليها هي أن اليمن مسؤولية يتحمل عبئها مجلس التعاون الخليجي وعليه المسؤولية الإنسانية والسياسية لوضع حد لنزيف اليمن، وواجب على دوله أن تضع الطرفين أمام رسالة واحدة وهي (وقف الحرب فورا) فلا الأوضاع الإقليمية مريحة واستمرار الحرب اليمنية لن يزيدها إلا اضطرابا، ولا الصعوبات الاقتصادية تتيح المجال أمام مواصلتها لفترة أطول، وأنا على ثقة أن دول المجلس مقتنعة بحتمية وضع ملف الحرب جانبا والبحث في كيفية وقف الانزلاق السريع إلى هاوية التفتت الشامل لليمن، وهي أيضا قادرة على ذلك.

القيادات اليمنية الحالية عاجزة عن الخروج من دائرة المصالح الذاتية والرغبة في الانتقام وتصفية الخصوم، واستمرارها بالتحكم في إدارة الموقف سيزيد من مخاطر التفتت الكامل لليمن وسيجعلها بؤرة دائمة للاضطرابات والقتال، وسيكون ذلك نتيجة حتمية إذا لما يبدأ البحث السريع عن البدائل السياسية التي تفتح المجال أمام مشهد أقل سوداوية.

زر الذهاب إلى الأعلى