[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

تزايد الصلف على الأمة العربية

تتكاثر في هذه الآونة وتتكرر الكتابات عن تزايد صلف الاحتلال الصهيوني، ويعزو بعض الكتَّاب هذا التزايد إلى الدعم غير المحدود من الولايات المتحدة، ولكن ومع الإقرار بحقيقة هذا الدعم وهو قديم وثابت ودائم إلاَّ أن هناك أسباباً أخرى لتزايد الصلف الصهيوني وفي طليعتها الضعف العربي، وقد تكررت الإشارة إلى هذا السبب الأهم والأخطر في كثير من الكتابات التي تتناول واقع الأمة في ظرفها الراهن، وهو سبب رئيس وكافٍ لرفع وتيرة العدوان وفتح شهية بعض القوى الإقليمية التي لا تكف هي الأخرى عن إبداء رغبتها في التدخل الفوري في الشأن القومي العربي، وذلك أمر طبيعي تفرضه حالة الضعف ولا مكان في هذا المجال لما يسمى حسن الجوار أو الوعي بمخاطر الاقتراب مما يعد خطوطاً حمرا. ومع استمرار الضعف العربي وتواصل العد التنازلي في تجاهل الثوابت فلا غرابة أن يتكاثر الأعداء وتتزايد صفوف الطامعين. وما يحز في النفوس أن القوى النافذة في الوطن العربي تدرك هذه المخاطر وتخاف آثارها ولكنها لم تغير شيئاً من سببها واللامبالاة التي تتعامل بها.

إن الوقت يمر، وكلما تحركت عقارب الساعة زادت وتيرة التقاطع العربي/ العربي، وزادت وتيرة الصلف الصهيوني، زاد اشتهاء القوى التي تحلم بأن ترث مواقع المنطقة العربية وثرواتها. وكلها ترى هذا الوطن الكبير وقد أصبح مناطق نفوذ يتوزعها الأقوياء البعيدون جغرافياً والقريبون جغرافياً قد يختلفون في البداية على المحاصصة لكنهم سيتفقون أخيراً فهل تتم هذه الاستعدادات في غياب من تبقى من المؤمنين بوطن عربي واحد؟ وهل آن للأنظمة القائمة أن تبدأ في إيجاد حال أو منظومة للتفاهم العاجل وإعادة ما تمزق من الوطن الكبير والخروج به من المآزق أو بالأحرى الشرك الذي أوقعه فيه الأعداء بمشاركة من الأخوة الأعداء، وهل آن للقادة أن يتناسوا خلافاتهم الصغيرة ويتجاوزوها إلى مواقف جادة، وأن يترك لكل قطر أن يحل مشكلاته الداخلية في الإطار العربي الهادف إلى حماية كل جزء من التراب القومي. أم أن الصمم والتجاهل سيظل يرافق الجميع إلى أن يقع ما يتم التحذير منه وتسقط الأمة في المصير المجهول.

لقد تبدد كثير من الوقت العربي، وتبددت معه الكثير من الطاقات والإمكانات والتي كانت كفيلة بأن تجعل من هذا الوطن الكبير واحة للأمان والاستقرار، وما يزال في الوقت ما يكفي لترميم الانشقاقات والاستفادة مما تبقى من خيرات وثروات في بناء القوة الرادعة ووضع حد لحالات العداء والتحفز. ويخطئ كثيراً من يظن أن هناك حلاً آخر لاسترجاع أمن الوطن العربي وكرامته بعيداً عن وحدة الصف والهدف، وهو الشعار الذي نجح في الخمسينات والستينات في التصدي للمؤامرات المتلاحقة.

صحيح أن بعض الحكام الذين ربطوا مصيرهم -يومئذ- بمصير القوى الخارجية قد عوقوا المسار إلاَّ أن الأمة ظلت محتفظة بقدر من الاحترام الدولي والهيبة القومية، وذلك ما تحتاجه الآن تحت وطأة هذا التكالب المثير لأقصى معاني الانزعاج والقلق.

ولا غرابة أن تتصدر قائمة الأخبار في الأيام الأخيرة أنباء عن إصرار الكيان الصهيوني على ترسيخ أقدام احتلاله لأجزاء من أرض سوريا العربية، وقيام طائراته بقصف بعض المناطق في العمق السوري، يضاف إلى ذلك الصلف ما تتناقله الأنباء عن دور مشبوه للكيان في ما يحدث من أعمال إرهابية في سيناء المصرية، ويمكن القول إن كل شيء جائز ومحتمل الوقوع في ظل الظروف العربية الراهنة وما يعتورها من لا مبالاة واحتراب وخلط للأوراق، وإظهار الوطن العربي وكأنه يقترب من حافة الهاوية.

زر الذهاب إلى الأعلى