[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

تفشِّي وباء ضرب الكهرباء

ما من شك أن الاعتداءات على أيٍّ من المصالح الحكوميَّة –بما فيها أنابيب النفط والغاز وكابلات الألياف الضوئية- تُلحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الوطني للبلاد ويترك أثره السلبي واضحًا على مستوى معيشة العباد وإن كان المواطن العادي لا يدرك كون ذلك لا يمسُّ –في الأغلب الأعم- بحياته اليوميَّة مساسًا مباشرًا، وذلك بعكس الاعتداء على الكهرباء بشكل متكرر الذي يترك في نفسية المواطن أبلغ الأثر ويدرك على الفور أنه جدّ متضرر، كون الاعتداء عليها يمثل مساسًا مباشرًا في حياته اليوميَّة، لأنها صارت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بكافَّة احتياجاته وأعماله واستخداماته مصنعيَّة كانت أو مكتبيَّة أو منزليَّة،

بل إنها –في كثير من الحالات المرضيَّة تعتبر –بعد الله- طوق نجاة، وقطعها يمثِّل –بكل المعايير- انتزاعًا للحياة، فضلً عن شمول خدمة الكهرباء –بعكس غيرها من الخدمات- كافة الشرائح المجتمعيَّة، فإذا كان ضرب الألياف الضوئيَّة –على سبيل المثال- تقتصر ضرره –في الأغلب الأعم- على النخبة المتعلمة الأكثر استخدامًا لخدمة النِّت بما سيتسبب به من بطء أو انقطاع الإنترنت، فإن انقطاع التيار الكهربائي يُلحق أضراره المباشرة بالمجتمع من أوله إلى آخره، فضلاً عن أن أهميَّة خدمة الكهرباء في الأرياف لم تعد تقل كثيرًا عن أهميتها في المُدن، الأمر الذي يجعلها الخدمة العامَّة الأكثر جماهيريَّة إلى درجة توافر الإجماع الشعبي التام على ضرورة إنزال أقسى العقوبة في حق من يُمارسون عليها الاعتداء صباح مساء.

وبما أن موقف الشعب برمَّته هو كذلك من هؤلاء الشرذمة التخريبيَّة التي تُلحق بالبلاد والعباد هذا القدر الكبير من الأذى صباح مساء، فما يحول دون التصدِّي الحازم لأذاهم؟

وما الذي يعيق الوزارات والأجهزة الأمنيَّة المعنيَّة عن الاضطلاع بدورها إزاءهم ومطاردتهم حتى تتمكَّن من القبض عليهم ومن ثمَّ تقديمهم للقضاء لينالوا الجزاء الأوفى عمَّا اقترفته أيديهم؟

وما الذي يمنع الأجهزة القضائية من إصدار مذكرات اعتقال في حقِّ من بات من الثابت تورطهم في اقتراف الجرم الذي يُصنَّف ضمن الحرابة، ومن ثمَّ تحكيم شرع الله فيهم باعتبارهم من المفسدين في الأرض الذين يصدق فيهم قول الله -سبحانه-: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة آية: (33)، حتى يكونوا عبرة لغيرهم؟

كل هذه الأسئلة تظل أسئلة مُحيِّرة، بل إن من المُحيِّر جدًّا هو من بتنا نلحظه –في الآونة الأخيرة- من ظهور بعض هذه العناصر المتخصصة بضرب الكهرباء في بعض وسائل الإعلام المرئيَّة بصورة أقل ما تتصف به أنها تنافسيَّة، وكأنهم يُروِّجون لأنفسهم طلبًا للشهرة وبهيئة توحي للمشاهد أنهم في مأمن تام أن تطالهم يد العدالة ومن أن تنزل فيهم أيَّة عقوبة، بكل ما يمثله ذلك من إغراء عناصر أخرى بارتكاب اعتداءات كُبرى على خطوط وأبراج الكهرباء، فلا تلبث دائرة الاعتداءات أن تتسع ولا يلبث سقف الخسائر أن يرتفع، فإذا بالاعتداءات تزداد تفشيًا كتفشِّي الوباء، وينتشر –في ظل ما يخيِّم على الأخبار من تعتيم- كانتشار النار في الهشيم.

زر الذهاب إلى الأعلى