منذ تصدرت أحداث تونس وبعدها أحداث مصر على نشرات الأخبار وشغلت الناس وملئت دنيا العرب تداعيات غابت عني تفاصيل المشهد السياسي في ساحل العاج وكنت من المهتمين جدا به على اعتبار أن رئيس ساحل العاج لوران باغبو أصله عربي
وهو كما أثبتت الأحداث عربي أصيل بدليل تشبثه الأسطوري بكرسي الرئاسة وهي الماركة المسجلة للرؤساء العرب ولأن الدم يحن تابعت باهتمام أخبار باغبو حتى نجحت أول عملية جراحية عربية في مطلع القرن الجديد للفصل بين التوأمين السيامين الرئيس وكرسي الرئاسة في تونس والآن في مصر لا زلنا ننتظر هل ستنجح العملية أم لا ؟!
لوران باغبو استعد لمقاطعة العالم ووضع أذن من طين وأخرى من عجين وطنش لكل نداءات السياسيين والعقلاء والحكماء بالتنحي لصالح خصمه الحسن وترا الفائز بالانتخابات والذي لا أعلم مصيره الآن.
لوران باغبو صار حالة تكرر نفسها في العالم العربي فهاهو حسني مبارك يظهر بعناد أسطوري متشبثا بكرسي الرئاسة في مصر رغم خروج الملايين من شعبه تطالبه بالرحيل لينزاح كابوس جثم على صدر هذا الشعب منذ ثلاثة عقود وليبدأ الشعب المصري عهدا جديدا من البناء والتنمية والدور الفاعل إقليميا ودوليا ولكن كأنك يا بو زيد ما غزيت يريد الرجل الذي بلغ من العمر عتياً أن يواصل حتى يوصل السفينة إلى بر الأمان ويشرف على انتقال السلطة لمن يستحقها سبحان الله التأريخ يعيد نفسه لقد قال فرعون الأول كما جاء في القرآن:(قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) (الشعراء:49).
فلسان حاله: أنا ما عنديش مشكلة تؤمنوا بإله موسى لكن استأذنوني أولاً أو ما عنديش أسلم السلطة لكن أسلمها في الوقت الذي أقرر وبإشرافي ومعرفتي.
قد يقول قائل لوران باغبو فاز خصمه في انتخابات رئاسية فسقطت شرعيته ونقول بأن هذه الملايين التي خرجت في مصر هي أبلغ استفتاء على سقوط شرعية مبارك الذي أكتسب كثيرا من عناد الفراعنة الذين لا يسلمون بالحق إلا باللحظات الأخيرة لعنادهم الأسطوري الغريب.!
بالأمس القريب ظهر مبارك على شاشة التلفاز يفتتح البرلمان المزور ويقول عن أولئك النواب الذين فازوا وسُرق فوزهم وأسسوا برلمان شعبي" سيبوهم يتسلوا " وبالأمس تحت انتفاضة الجماهير تنازل وقال تعاد الانتخابات في كل دائرة فيها طعن وشائبة ولكن بعد ماذا؟!!
بعدما عطل أوامر القضاء وأعطى الضوء الأخضر للتزوير وشارك بافتتاح البرلمان المزور يومها رأيت أسامه سرايا يقول متباهيا في تلفزيون الرئيس: إن أعظم إنجاز حققته هذه الانتخابات هو إخراج نواب الأخوان من البرلمان غريب هذا الأمر يتفاخر مدعي الديمقراطية بإقصاء الآخرين بالتزوير ويومها باركت قرار إخوان الأردن بعدم المشاركة في الانتخابات.
لوران باغبو حالة عربية تتكرر ولكن جاء زمن الشعوب وذهب زمن الحكام القادمون من عصور الفراعنة والمماليك رفعت الأقلام وجفت الصحف.!!