[esi views ttl="1"]
رئيسية

استراحة المحارب الاخيرة اليكس فيرجسون ينهي مسيرته الكروية مع الشياطين الحمر

أصبح اليكس فيرجسون فارسا في مجاله كما أنه محبوب ويحظى بالاحترام في العالم بأسره لكن طريقته في التعامل مع الحياة والعمل لم تتغير منذ بدأ مشواره في ضواحي كلايدسايد في ستينات القرن الماضي.

العمل الجاد والاعتزاز بما يقدمه والاحترام للزملاء ورفض التراجع حين يشعر بأنه على صواب كانت القيم التي تعلمها فيرجسون في صباه في شوارع جلاسجو الصعبة في حقبة ما بعد الحرب والتي نماها كأداة عمل في واحدة من أصعب البيئات على الإطلاق.

وكالعديد من المدربين العظماء شعر فيرجسون باستياء لأن أيامه كلاعب لا ترقى لشهرة ما حققه كمدرب لكنه كان مجتهدا بكل ما تحمله الكلمة من معاني. ودفع رينجرز مبلغا قياسيا في كرة القدم الاسكتلندية حينها بلغ 65 ألف جنيه استرليني لضم المهاجم فيرجسون من دنفرملاين في 1996.

وكان المنطقي أن تصبح تلك خطوة نحو أمجد أيامه كلاعب في النادي الذي عشقه صبيا لكن خططه لم تتحقق مثلما كان يتمنى وألقي عليه باللائمة في الهزيمة الشهيرة في نهائي كأس اسكتلندا وانتهى به الحال للرحيل غاضبا حيث انتهت مسيرته في اير يونايتد في 1974.

وعرف فيرجسون بأنه مهندس المهام الصعبة لكن في قلب نجاحه هناك عشق أصيل وحقيقي للعبة. وفي عمر 71 عاما وتحت يده جيش من المساعدين لا يزال فيرجسون أول من يصل لملعب التدريب الخاص بمانشستر يونايتد. وربما لم يعد يشارك بنفسه في أعمال التدريب مثلما كان لكن حضوره ملحوظ في كل مكان.

ويظهر المدرب المخضرم نفس الحماس الصبياني سواء وقف يشاهد لاعبين صاعدين في عمر 16 عاما وسط مجموعة من أصدقائه أو أعضاء أسرته أو أشرف على الفريق الأول في مباراة بدوري أبطال اوروبا يتابعها مئات الملايين حول العالم.

ولن يفهم الكثير من هؤلاء المشاهدين ولا المشجعين الذين لا تعي ذاكرتهم شيئا قبل اللقب الأول في الدوري الانجليزي الممتاز عام 1992 تماما عمق المسألة وبالتأكيد لن يدركوا التحول الهائل في مشوار النادي على يدي فيرجسون.

واليوم يتسيد يونايتد كرة القدم في الملعب وخارجه وأصبح علامة تجارية مشهورة في العالم كله تدر دخلا يمكن النادي من توفير لاعبين قادرين على الفوز بالألقاب. وفي رياضة لا يطول فيها عمر المدربين في الأندية - حتى الناجحين منهم - يثير فيرجسون الدهشة باستمراره لأكثر من 26 عاما في قيادة يونايتد.

وسيترك فيرجسون مقعد التدريب في اولد ترافورد بعدما حصل على 25 لقبا ووضع الأساس لمستوى ثابت بفضله لم يخرج يونايتد عن المراكز الثلاثة الأولى في الدوري. لكنه حين وصل من ابردين ليخلف رون اتكينسون في نوفمبر تشرين الثاني 1986 كان يونايتد شيئا مختلفا كليا.

ليس فقط لأن النادي كان قد أمضى 19 عاما دون أن ينال لقب الدوري بل لأنه حتى لم ينافس عليه. وكانت المحطات البارزة قبله احتلال مركز بين الثلاثة الأوائل خمس مرات فقط وبالطبع الهبوط من المسابقة في 1974.

ورغم كونه النادي الذي تشجعه أكبر قاعدة جماهيرية في انجلترا وربما الأشهر في العالم فإن يونايتد لم يحصل سوى على عدة ألقاب في كأس الاتحاد الانجليزي لم تكن تعبر عن قوته الحقيقية. وامتلك فيرجسون بالتأكيد القدرة على تغيير كل شيء مثلما فعل في اسكتلندا حين قاد ابردين لإنهاء سيطرة العملاقين سيلتيك ورينجرز ثم الفوز على ريال مدريد للتتويج بلقب كأس اوروبا للأندية أبطال الكأس في 1983.

لكن العمل انجلترا كان مهمة أصعب حيث بقي ليفربول مسيطرا ومن خلفه ايفرتون ثم ارسنال. وأنهى يونايتد أول موسم له مع فيرجسون في المركز الثاني في 1986-1987 لكن هذا بدا فجرا زائفا إذ بعده احتل الفريق المركزين 11 و13 على الترتيب ليصبح المدرب الاسكتلندي على وشك الرحيل للمرة الثانية في مشواره التدريبي بعد إقالته من سانت ميرين في أيامه الأولى.

وكان فيرجسون يسعى لتأسيس قواعد فاستبعد عددا من الأسماء الكبيرة في محاولته لاقتلاع ثقافة شرب الخمر والمقامرة التي كان يعرف أنها تقوض فرص النادي لكن صبر يونايتد لم يكن بلا أساس. وأنقذ هدف الفوز الذي سجله مارك روبينز في مرمى نوتنجهام فورست في الدور الثالث بكأس الاتحاد الانجليزي عام 1990 فيرجسون من الإقالة وبالطبع فوز الفريق بالبطولة بعد ذلك فيما كان أول لقب له مع يونايتد في أربعة مواسم.

وفي طريقه لتحقيق ذلك الانتصار أثبت فيرجسون أنه لا مجال عنده للعواطف فاستبعد الحارس جيم ليتون الذي كان أحد أهم لاعبيه في ابردين قبل أن يلحق به إلى انجلترا في مباراة الإعادة للنهائي أمام كريستال بالاس. وأخيرا نجح يونايتد في الحصول على لقب الدوري بعد انتظار 26 عاما وذلك في 1993 بفضل التعاقد مع إيريك كانتونا الذي يعتبره كثيرون أفضل صفقة لفيرجسون الذي بنى على ذلك أساسا للعديد من النجاحات بعد ذلك.

وتلا ذلك عشر سنوات من الألقاب توجت في 1999 بثلاثية الدوري الممتاز وكأس الاتحاد الانجليزي ودوري أبطال اوروبا. وبعدما نجح أخيرا في تحقيق طموحه المعلن بإزاحة ليفربول من على العرش وتحويل يونايتد إلى أفضل فريق في انجلترا تمسك فيرجسون بسياسته في إعادة بناء الفريق بالتخلص من لاعبين بارزين وضم آخرين في عمليات إحلال وتبديل مكلفة.

ولم يكن هناك لاعب يستعصي على قرار الرحيل سواء من تراجع مستواهم بسبب التقدم في السن أو من شعر فيرجسون أن شهرتهم أصبحت غير مناسبة للفريق وهو شيء اكتشفه روي كين وديفيد بيكام ورود فان نيستلروي. واتسعت قوة فيرجسون لتتجاوز حدود غرفة الملابس.

فالرجل الذي كان يسعده الرد على الهاتف في ملعب التدريب للحديث مع الصحفيين أصبح مخيفا ولا يبعث على الثقة لوسائل الإعلام. ورفض فيرجسون الحديث لهيئة الإذاعة البريطانية طيلة سبع سنوات لأنه لم يكن راضيا عن تقرير تناول ابنه بينما كان يمنع صحفيين من مؤتمراته الصحفية لو شعر باستثناءات في عملهم.

وبدا أن تلك الضغوط نالت منه أخيرا حين أعلن خططا للتوقف في نهاية موسم 2001-2002 لكنه اختار الاستمرار وأعاد بناء فريقه مدفوعا برغبته في تحويل يونايتد لقوة اوروبية كبرى تناطح ريال مدريد وبايرن ميونيخ وميلانو. ونجح فيرجسون بالفعل في إضافة لقب آخر في دوري أبطال اووربا لفريقه حين انتصر بركلات الترجيح على تشيلسي في ليلة ممطرة في موسكو عام 2008. لكن بلقبين في المسابقة الاوروبية مضافا إليهما لقب النادي في 1968 مع المدرب مات بازبي يبدو ذلك نذرا يسيرا وسط سجل حافل يشمل 13 لقبا في الدوري الممتاز.

زر الذهاب إلى الأعلى