جمال خاشقجي.. بين ادعاء وادعاء
تداولت بعض وسائل الإعلام وخصوصا المعارضة للسعودية ونشطاء معارضون كثيرون خبر اختفاء الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي يقال انه حدث بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول، لاستكمال بعض الأوراق الرسمية بصحبة خطيبته التي كانت تنتظره خارج المبنى. وتضاربت الآراء حول ظروف اختفائه.
ولكن. ودعني على طريقة "محامي الشيطان" اعارض ما سيطر على وسائل الأنباء أو وسائل التواصل والهاشتاق الذي ظهر مباشرة وبعد دقائق اختفاءه #اختطاف_جمال_خاشقجي.
فرض المعارضون من نشطاء الانترنت والإعلاميون والقنوات التي تعمل ضد المملكة العربية السعودية ان جمال خاشقجي اختطف وان حكومة المملكة العربية السعودية اختطفته بعد دخوله لمبنى القنصلية السعودية، ولم يكن حينها صدر أي بيان أو تصريح لا من حكومة تركيا البلد الذي توجد فيه القنصلية، ولا من السفارة السعودية المتهمة بالاختطاف، بل هو اتهام مباشر ودون أي دليل أو بينات توضح للملأ كيف عرف؟ ولماذا اتهم هؤلاء حكومة المملكة العربية السعودية؟.
جمال خاشقجي ليس هارباً من المملكة العربية السعودية، وهو من هاجر خارج المملكة كهجرة اختيارية أو منفى اختياري وليس منفى اجباري أو هروب، وكانت جميع معاملاته الرسمية حتى حينه تجري في القنصليات والسفارات السعودية سواء في منفاه الاختياري الأول وهو كندا أو الثاني وهو تركيا دون أي تعقيدات وكأي مواطن سعودي. وقد أعلن هو بنفسه انه اختار المنفى لأنه منع الكتابة في المملكة وان علاقاته جيده مع المسئولين السعوديين،
وظهر هذا التقارب في تغريده له ردا على أحد المعارضين يلومه فيها على ان لغته في نقد المملكة ليست حادة بما فيه الكفاية فرد عليه " انهم اهلي وناسي" أي ان حبال الود بينه وبين اهله وناسه لم تقطع وموصولة وهذا ما قاله بنفسه في مقابلة سابقة بانه على علاقة طيبة بالمملكة العربية السعودية وبالمسئولين فيها. لذا لم يكن هنالك عداء بينه وبين المملكة وحكومتها ومسئوليها، والاختلاف بينهم لا يعدوا عن منعه من الكتابة.
ثم من الواضح في أحد التغريدات التي غردها حول بناء حكومة اردوغان السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، وتم تهديده وعلنا من أحد المقربين من حكومة اردوغان.
اذن علاقته متأزمة مع حكومة اردوغان التي هددت ورسميا باختطاف المعارضين في الخارج وبتصريح متلفز لمستشار الرئيس التركي بان حكومة تركيا ستلاحق المعارضين و " تختطفهم" أينما كانوا ولن تجعلهم يحسوا بالأمان وسبق لها فعليا اختطاف بعض المعارضين لها. واولهم عبدلله جولان المعارض الكردي وليس آخرهم.
ثم هل يعقل ان تقوم المملكة باختطاف معارض سعودي حضر بنفسه إلى القنصلية وتعلم ان القنصلية مراقبة بشكل تام وكامل من الاستخبارات التركية والأمن التركي وغيرهم ممن له مصلحة في مراقبة القنصلية، وسيفتضح الاختطاف خلال دقائق، وسيسبب للمملكة ازعاجا ومضايقات أكثر من مصلحتها في اختطاف خاشقجي، بل والذي لن تستفيد من اختطافه.
ثم على فرضية تم اختطافه، ثم ماذا؟ كيف سترحله إلى المملكة؟ وكيف تستطيع إخراجه من القنصلية للمطار؟ وقبل كل ذلك ما الفائدة التي ستحققها السياسة السعودية من اختطافه؟
أجوبة لا أجد لها جوابا، وما زال سيل الأسئلة كثير
لماذا اتفقت صيغة تغريدات جميع المغردين الذين غردوا باختطافه رغم ان بعضهم من قطر وإيران ولبنان وتركيا ولندن وكندا وغيرها؟ كل الفوارق الزمنية وفوارق التوقيت اختفت كأن الجميع كان جاهزا لأرسال التغريدة بعد ثواني من الايعاز لهم بالتغريد.
لماذا كانت التغريدات الأولى تتكلم عن اختطاف وليس اختفاء. بينما الاختطاف اتهام والاتهام يحتاج إلى دليل وليس اختفاء وهو وصف للحادثة؟ وايهما أقرب لمن غابت عنه التفاصيل، القول بالاختطاف ام القول بالاختفاء؟
لو كان في نية حكومة المملكة اختطافه اليس من الأفضل اختطافه خارج مبنى القنصلية السعودية وباستعمال مواطنين اتراك لتبعد الشبهة عن نفسها؟
اليس في خلافه مع اردوغان والتهديد الذي صدر ضده من قريب اردوغان مسببا لاعتقاله؟ واليس في تقاربه الأخير مع حكومة المملكة أيضا سببا لاختطافه ممن سيستفيد من تشويه سمعة وعلاقات المملكة الخارجية.؟
اليس من الممكن ان تكون جهات معارضة قامت باختطافه لأنه يعرف الكثير من المعلومات عن المعارضين بالخارج وكيفية تمويلهم وعلاقاتهم، واستغلت زيارته للقنصلية للقيام بهذا العمل وبعملية ضرب عصفورين بحجر؟
علاقات المملكة شبه المتأزمة مع حكومة اردوغان تجعل من قيام القنصلية السعودية في إسطنبول باختطاف خاشقجي عملية مكتوب عليها الفشل، اذ لا يمكن إخراجه ولا يمكن ابقاءه داخل القنصلية وإلا سيظهر الخبر عاجلا أو آجلا. ومن المؤكد ان للحكومة التركية عيون داخل جميع السفارات والقنصليات سواء من الشركات التي تعمل بالصيانة أو بالنظافة أو كموظفين اتراك محليين. وهذا شي يعرفه من عرف ابجديات العمل الدبلوماسي.
أسئلة كثيرة وكثيرة جدا لا يمكن ان نجد لها جواب إذا حاولنا اثبات تهمة الاختطاف على حكومة المملكة، ولكنها تجاب بصورة واضحة وجلية إذا وجهنا أصابع الاتهام إلى الأطراف الأخرى التي لها المصلحة الأولى والوحيدة في حادثة اختفاء خاشقجي.
وفي علم الجريمة فان اول ما يبحث عنه المحقق هو، الدافع للقيام بالجريمة؟ ومن المستفيد من وقوعها؟
ففي الدافع’ لا أجد للحكومة السعودية دافع حقيقي للقيام باختطاف خاشقجي بينما هنالك الكثير من المعارضين انشط منه ولهم تأثير أكثر منه ولم يتعرضوا لأي تهديد. هذا من ناحية الدافع.
اما المستفيد. فكل من يعارض سياسة المملكة سواء حكومة تركيا أو الحكومة القطرية أو الإيرانية أو أطراف عراقية مرتبطة بإيران أو حزب الله اللبناني وحتى بعض المعارضين السعوديين. هؤلاء لهم المصلحة العليا والعظمى في انتشار خبر الاختطاف واتهام المملكة.
ارجوا من الله ان يظهر جمال خاشقجي طيبا معافى وان تتضح الحقيقة، وإن كان لدي شك بان من اختطفه لن يجرؤ على تركه حيا.