
نؤمِّل في هذه الدنيا الآمال ونبني قصوراً من الرمال اغتراراً باخضرار الشباب ونضارة الأوجه وطراوة الأجسام لا ندري عن مخبئات القدر ولا ما تخفيه الليالي والأيام، نسير في قوافل طوال نحو قدر محتوم ومصير معلوم ، مابين متقدم ومتأخر تنفيذ لسبق الكتاب وخط القلم وما جرت به المقادير، لا ننتبه لهذه الحقيقة الواضحة الجلية إلا عندما نصاب ونفجع في حبيب أو قريب، وتكشِّر لنا الدنيا عن أنيابها، وتظهر لنا وجهها الحقيقي خالياً من المساحيق ومواد التجميل، ليظهر لنا تعرجات ومنحنيات ذلك الوجه القبيح واضحة وضوح الشمس دون قتام، مع علمنا المسبق واليقيني بكل ذلك..
ولكن ليس الخبر كالمعاينة هذه الدنيا لا تبقى على حال ولا يستقر لها مآل حتى يأخذ الزمن دورته الفلكية الكاملة وتكتمل العدة ، ويأذن الله لها بالزوال والاضمحلال، وبذلك يحل الخطب الأعظم واليوم الأشهر يوما بآلاف السنين والأعوام ذلك اليوم المهيب، الذي شاب من هولة مفارق الولدان، ووضعت كل ذي حمل الأحمال، وسكر الخلق دونما شراب ولا مدام لشدة وقعه على الخليقة والأنام هذه الدنيا بحوادثها ودورتها قد تذرك وحيدا فريدا باكيا منتحبا لفقد الأحبة والخلان لا تملك حيال ذلك إلا الألم والدمع والاسترجاع ولكن في الله الخلف والعوض والحسن وفي الصبر قوة وعدة للاحتمال..
رحم الله من كانت بسببه هذه الزفرات والخواطر والكلمات، سوف تبكيك يا ابا عبدالله الأيام، وفي الختام نشكر كل من عزَّانا وواسانا في مصابنا هذا من الزملاء في الصحف الورقية والمواقع الالكترونية والشخصيات الاجتماعية والقبلية العامة والخاصة فلهم منا كل الوفاء والعرفان.




