زواج البدل الشغار في اليمن: حورية بسجن المقايضة دون قانون ينصفها
تقرير منيرة أحمد الطيار حول زواج البدل الشغار في اليمن: حورية بسجن المقايضة دون قانون ينصفها
"صُعقت حينما شاهدت رجلا يمسك يدي ولا أعلم من هو كنت أصرخ بكل قوة اتركني"، تقول حورية (17 عاماً)، للرجل الذي أقر أشقائها إرغامها على الزواج برجل يكبرها سناً بـ20 عاماً، دون أن تحصل منه حتى خاتم صغير، لكنها ضحية ما يعرف زواج البدل أو الشغار ، الذي انتشر في بعض المناطق اليمنية وسط الأزمة المعيشية التي تفاقمت وسط الحرب الدائرة بالبلاد منذ سنوات.
كانت حورية، تحاول مغادرة المنزل الذي ذهبت إليه مع شقيقها دون أن تعلم الأخير قد أقر مبادلتها بصاحبه ليتزوج منه، وبينما كانت تنتظر شقيقها لتغادر، تفاجأت بمجيء شخص آخر يمسك يدها ويخاطبها ب"حيا بالقمر حقي قد قالي أخوش أنش حالية بس مش لتيه الدرجة"، وعندما بدأت بالصراخ وسؤاله "من أنت"؟ أجابها بالتهكم.
وقبل قصة زواجها، كانت حورية تعيش مع والدها ووالدتها إلى جانب سبعة إخوة، أربعة ذكور وأنثيين، وبسبب اضطرابات نفسية يعاني يعاني منها الأب، آل أمرها لأشقائها الذكور الأكبر سناً، في كل ما يتصل بمصيرها، بما فيه الزواج.
في تلك الأثناء، لم تكن تتوقع أنها ستزف لعريسها بلا مقابل حتى من خاتم صغير يدل على أنها تزوجت، إذ ذهبت لبيت زوجها في يد أخيها الكبير كمن طرد من بيته لا يوجد لديها سوى ملابسها العادية والبالية.
وفي حديثها لـ"نشوان نيوز"، تروي حورية قصتها المريرة وهي تدمع "لأن أبي مريض نفسي وتاعب، أخوتي الله يسامحهم باعوني وزوجوا أنفسهم" ولم يكلفوا أنفسهم "حتى شراء لي دبلة ذهب أقل شيء ليدري الناس إني مزوجة"، وحتى الحرمان "من لا السؤال لو أني موافقة أتزوج بهذا الرجل أو لا".
قام إخوة حورية بتزوجيها مقابل أن يتزوج شقيقها الأكبر، بأبنه من أجبرها على الزواج منه، دون أن يسألها أو تكون على علمٍ بأنها ستجبر على المكوث في ذلك البيت بقية سنوات عمرها، كزوجة لرجل يكبرها 20 عاما.
وتسرد حورية ، أنه في ليلة الزفاف، جاء شقيقها، ليخبرها انهم سيسافرون للمدينة لعلاج والدتهما التي تعاني من المرض، لتجهز نفسها لسفر الليلة وتحزم كل ثيابها، فسارعت في تجهيز ثيابها وما إن أتى الليل حتى أتى شقيقها بصحبتها لبيت من ستتزوجه، لتتفاجأ أنها عروس لرجل يكبرها بعقدين من الزمان، في قرية مجاورة للقرية التي تنحدر منها.
وصلت حورية والتي يتحفظ نشوان نيوز عن نشر معلومات بشأن كامل هويتها أو المنطقة التي تنحدر منها، لمحاذير تتصل بسلامتها، منزل الرجل الذي سيتزوجها، لتسمع أصوات الزغاريد وأغاني حفلات الزفاف، لتصل إلى بيت مليء بالنسوة، يشاركن بزفاف عروس صغيرة بالسن في الـ15 من عمرها، أنواع الذهب ووالفستان الأبيض تنتظر لتزف لعريسها الذي ينتظر لها خارجاً.
العروس صغيرة السن، هي ابنة الرجل الذي سيتزوج حورية وستزف إلى شقيقها (بدلاً عنها)، لكنها هي الأخرى، ورغم مظاهر حفل الزفاف في منزل والدها، لم تكن لتبدو عليها عليها ملامح الفرح، لأن أباها أجبرها على الزواج من شخص مقابل أن يتزوج هو بشقيقته.
وتواصل حوارية "صُعقت وأصبت بالبرد الشديد حينما شاهدت رجلا يمسك يدي ولا أعلم من هو كنت أصرخ بكل قوة اتركني، لكنه أجابني "أجلسي بأدب مابش عندي نسوان يرفعين أصواتهن على أزواجهن ماهوش كفاية أنش جيتي لعندي لا هداد ولا كأنش عروسة". قبل أن يقوم بإعطائها جزءاً من الملابس الخاصة بزفاف ابنته ويطلب منها أن "تتجهز كعروس".
استسلمت حورية لـ"الأمر الواقع"، وسعت للتأقلم مع زوجها الذي يتعامل معها بقسوة ويتعرض لها أحياناص بالضرب وتضيف "|كلما كنت أذهب لزيارة أهلي وأطلب وأتوسل من أخي أن يطلب لي الطلاق"، يرد أن "المرة مالها إلا بيت زوجها والا تشتي زوجش يشل مرتي وأنا سدًي أنا وهي ".
غياب القانون الرادع
تكمل حورية حياتها المأساوية تحت رحمة زوجها دون أي خيار، إذ ليس هناك قانون ينصفها ولا أهل يساعدونها، فبالرجوع إلى القانون اليمني، لا توجد،مادة قانونية تجرم زواج البدل أو الشغار مما يجعل المرأة ضحية، وغير قادرة على تقرير مصيرها.
وفي السياق، تقول المحامية في المساحات الأمنة للمرأة لدى اتحاد نساء اليمن هدى الآنسي لـ"نشوان نيوز"، إنه"لا يوجد مادة في القانون اليمني تجرم هذا النوع من الزواج وخاصة أن الأهل يقومون بالتحايل على الشرع والقانون لتسميه مهر على الورق فقط في العقد؛ وذلك لـ"التخلص من إشكالية القانون إن استطاعت الزوجة بمساعدة الاتحاد في حال شكواها لهم عن ما تعرضت له من ظلم وقهر وبهذا لا نستطيع عمل شيء".
الإسلام يرفض
في إطار الحديث عن قضية مجمعية مهمة مثل زواج البدل أو الشغار ، تبرز أهمية رأي الجانب الديني والذي لا هذا النوع من الزواج.
وفي إحدى الفتاوى /" target="_blank" rel="noopener noreferrer">المعروفة عنه ، يرى المرجع الفقهي في اليمن القاضي محمد إسماعيل العمراني أن مثل هذا النوع من الزواج غير صحيح وباطل لما فيه من ظلم لزوجة وتعليق مصيرها بمصير من تزوجت بالبدل معها".
أثار صحية ونفسية
ويأتي تأثير هذا النوع من الزواج على المرأة، بتأثيرات سلبية كثيرة منها إصابتها بحالة قلق واكتئاب حيث تشرح الدكتورة نورا خالد وهي إخصائية نفسية بمستشفى الأمراض النفسية والعصبية لنشوان نيوز بأن "زواج البدل والشغار يؤثر على الزوجة خاصة وإن كانت مرغمة على الزواج فيؤثر عليها بإصابتها بقلق دائم وانعزال للأخريين وعدم تقبل الشريك وتتطور أحيانا لرغبة بالانتحار والعدوانية حتى تجاه أطفالها".
من جانبها، ترجع أستاذة علم الاجتماع بجامعة العلوم والتكنولوجيا، الدكتورة دينا العبسي، أسباب ظاهرة زواج البدل / الشغار في الفقر وعدم القدرة على دفع المهر لزوجة مما يدفعهم للمقايضة بها أو استبدالها بدلا عن المال بحيث تصبح مسألة الزواج مدفوعة من قبل الشخص نفسه".
وتشير كذلك إلى دور "الجهل"، بحقيقة، أن هذا النوع من الزواج محرم دينينا في الإسلام"، وتتابع أن الأثار على الفتاة تكون بشعورها أنها مجرد سلعة وليس لها أي كيان، ليس فقط لدى نفسها بل أيضا لدى زوجها وأسرتها.
وتضيف أن "ذلك النوع من الزواج يحط وينقص من قدرها إضافة للخراب وتفكك أكثر من أسرة مما ينتج عنه طلاق"، كما ترى أنه "في حالات كثيرة عنف أسري على المرأة كنوع من الانتقام من أسرة الفتاة في حال حدوث عدم وفاق بين الطرفين وهذا ما يحدث غالبا في أكثر الزيجات التي تبنى على زواج الشغار".
[custom-related-posts title="Related Posts" none_text="None found" order_by="title" order="ASC"]