الهوية: دعاتها وأدعياؤها
غائب حواس يكتب حول الهوية: دعاتها وأدعياؤها
منذُ زمنٍ ليس باليسير كان دجاجلة بني هاشم يعمدون إلى تصوير أنفسهم كحماةٍ للدين وأنهم من يقفون في وجه الحركات الباطنية في اليمن ، وقد ساعدهم في هذا التضليل أن الدول السنيّة المركزية وحوزات افتائها تخلت لها عن اليمن مما ساعد في حشد الجماهير المتذمرة من دجل العنصرية الهاشمية في أي موقف يتنفسون خلاله ، وخلاصة موقفنا من ذلك تتلخص في التالي:
شعبنا يمانيٌّ عربيٌّ مسلمٌ لا تضارب بين عروبتنا ويمانيتنا المحكومة إلى الإسلام الحق ، وهذه هي الهويّة الجامعة لليمن أرضاً وإنساناً ، والتي عمدت كل الحركات المعادية لليمن إلى تشويهها أو انتقاص مكوناتها أو صنع التضارب بين ثنائياتها أو ثلاثياتها.
ليست الهويّة اليمانيّة بحاجة إلى حمل إرث الباطنيين من قرامطة وغيرهم وإنّ ذلك ظلّ على الدوام ذريعةً لأبناء الرسّي يجمعون الناس حولهم بدعوى محاربة القرمطية والباطنية ، ونحن ضدّ سلالة الرسّي وضدّ ذريعتها القرمطية والباطنية ، ولقد كان الأئمة المحتالون يغذون هذه الحركات من طرق أخرى ليُرقّعوا شرعية ولايتهم كمحاربين للقرامطة بينما هم والقرامطة معاً ليسوا سوى امتداد لحركات التسلل الشعوبي المتحالف مع سلالتهم لاختراق الدولة والمجتمع العربيين ، فالمظلومية العلوية ذريعة لتدخل الفرس ، والوجود القرمطي ذريعة للإلتفاف حول الإمام ، تماماً كما تغذي دولتهم إيران بعض خلايا الإرهاب المشبوهة لتقدم نفسها حليفاً في مكافحة الإرهاب ، ومثلما يحاولون دعششة المجتمع في اليمن اليوم عملوا على قرمطته ذات يوم.
ليس في صالح اليمن وهويته وقضيته أن يدخل في جبهة لا مع الإسلام ولا مع صحابة رسول الله لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وكل من يريد أن يضع مُحصّلة نضالات اليمانيين في خندق حركات الردة التي لا يدافع عنها اليوم بالذات ويتغنى بمظلوميتها عند الجوهر سوى الشعوبيين الفرس وأذنابهم من عنصريي بني هاشم فهو إمّا مدسوسٌ من اليسار الإمامي قرامطة العصر وإما مطيّة عمياء لمداسيس السلالة المنتشرين كالوباء في جسد الثقافة العربية.
ندرك جيّداً أن اليسار السُلالي حاول إحياء القرمطيّة كحركة هدم وسعى حثيثاً إلى تحزيب إرثها المناطقي وقد تولى كِبَرَ هذا الملف المناضل الراحل عبدالفتاح إسماعيل علي الجوفي ( هاشمي ) ، ومع تقدير نضالاته ونزاهة يده في مجالات أخرى إلا أنه يجدر بنا أن نتذكر أن فتّاح وقّع ضحية تأثره بجلساته المطولة لعلي أحمد سعيد أدونيس ، وأن اودونيس هو صاحب النظرية القرمطيّة المُثلى كآلة هدم للموروث العربي ، والقرمطية هذه التي كان من إنجازاتها هدم كعبة الله ونقل حجرها الأسود وقتل المصلين في كنفها هذه القرمطية يقول عنها أدونيس مشيداً بها ومبشراً بعودتها "أنها الإضاءة الوحيدة في ليل التاريخ العربي" ! ، ولمن يريد أن يعرف أين يقف أدونيس عمليّاً اليوم فليسأل عنه قاسم سليماني!
وقبل مغادرة الفقرة نذكر أن سليل بيت النبوة الرفيق عبدالفتاح إسماعيل ترك لنا مما ترك ديوانه الشعري المتواضع (الكتابة بالسيف) ، إضافةً إلى ديوانه (نجمةٌ تقود البحر).
بالمقابل ندرك أنّ كثيراً مما لفقته مصادر الإفك العنصري بحق علي بن الفضل لم يكن كله صحيحاً ومن ذلك الشعر المتداول المنتحَل الذي أوّله "خذي الدُّفُّ يا هذه واضربي ...".
وإن من يتأمل ما انتحلوه في ديوان علي بن أبي طالب المزعوم نسبته إليه وما دسّوا فيه من المفاهيم في ثنايا الشعر بحق الشيخين لا تاخذه دهشة أن يأفكوا على غيرهما .. وعلى راي أمير الشعراء في الإنجليز مخاطباً اللورد كارنارفون:
أمَنْ سرقَ الخليفةَ وهو حيٌّ
يعفُّ عن الملوكِ مُكفّنينا ؟!
بالمِثل كثير من الأنباء الأخريات حول ابن الفضل لا تعدو كونها من قبيل الدعاية السياسية لخصومه ، فلا علي ابن الفضل يمثل هوية اليمنيين أوعقيدتهم ولا خصومه الهاشميون ولا الأسود العنسي ولا أبناء الفرس الذين قتلوه .
وإنك لتعجب العجب ممن ينسبون أنفسهم إلى سنة رسول الله ثم هم يأخذون الإفك في علي ابن الفضل وقبائله عن قومٍ يأفكون في عائشة وعمر !
لذلك لا تزال مراحل ومنعطفات كثيرة من تاريخ اليمن بحاجة إلى الدراسة المنهجية المتكاملة ذلك أن دجاجلة الجِبت العنصري أبقوا قدر استطاعتهم على أجزاء غير يسيرة من تاريخ اليمن في زوايا مُعتمةٍ من التاريخ .
عناوين ذات صلة: