آراء

تعقيبا على مقال عادل الأحمدي عن علي عبدالله صالح

جميل مفرح يكتب: تعقيبا على مقال عادل الأحمدي عن علي عبدالله صالح


أولاً من الجيد أن تتمسك بآرائك حوله بعد رحيله وتكاثر أعدائه، أو من يحاولون أن يظهروا كأعداء له بعد رحيله، للإفادة مما ومن بعده..

ثانياً.. قدمت عنه صفات ومواقف يعرفها عنه غالبية أبناء اليمن، وإن حاول البعض التغاضي عنها نكاية أو لحسابات سياسية وحزبية.

ثالثاً: عمل السياسيون الذين لم يستطيعوا الاستمرار في التغاضي عن منجزاته، أيا كانت وكان حجمها، على عكس صورة سيئة عنه والتثوير ضده، وكان في اعتقادهم إن موته أو إزالته من المشهد السياسي، سيهيئ لهم الانقضاض على إرثه، والاستمرار في الاستئثار بالحكم وإن بذات طريقته، وكان في بالهم أن إدارة بلد ونظام سياسي أمر هين وفي حدود الممكن.. ولكن بعد ذلك اكتشفوا أن إدارة بلد كهذا ليس بالأمر الهين، وأن صالح كان ربما خارقاً عندما نجح في الاستمرار كل تلك الفترة.

وبالرغم من ذلك وفي إطار الكيد السياسي والبغضاء التي لا تجدي ولا تساعد في إدارة فصل مدرسي فما بالك بوطن كبير تجاوز مراحل عسيرة وعقبات كأداء حتى وصل إلى ما وصل إليه.

كانوا يعتقدون أن إدارة بلد لا تختلف عن إدارة الأحزاب والتنظيمات والمؤسسات التي كانوا يديرونها بمساعدة صالح وبمنتهى السلاسة والحرية، متناسين أنه لولا سماحة صالح ومساعدته ومبادرته في غالب الأمر ما كان لها أن تتجسد على أرض الواقع بالمرة.

رابعاً: لا يوجد في البشر قائد ليس له أخطاء، ولكن الصحيح أن تقارن أخطاءه بمنجزاته ويقارن كل هذا بالتالي بما يخص سبقوه من الرؤساء.
فمن المعيب حقاً أن تقارن رئيساً اشتغل على البنية التحتية وأنجز فيها في حدود الممكن بشخص وضع خططا تنموية في مساحة من الخيال واكتفى بذلك.

فعلى سبيل المثال من المعيب أن تقارن رئيساً بنى 18 ألف مدرسة و16 الف وحدة صحية و8 جامعات و21 كلية بشخص انجز ثمان مدارس وثلاثة مستشفيات.. ثم تقول لي كان سيفعل لولا...!

أنا كمواطن أو مراقب لا علاقة لي بلولا ولا بأخواتها، وإنما يهمني ماهو موجود على أرض الواقع.

عموماً رضينا أم أبينا، فقد أنجز صالح طوال فترة حكمه ما لم ينجزه من مروا على هذا المقعد، وما لن يستطيعه من سيأتون بعده لزمن طويل على الأقل.

صالح عمل طوال فترته على بلورة شيء اسمه دولة ذات موسسات، أياً كان مستوى اداء تلك الموسسات، إلا أنه رحل وقد أوجدها، وكان من المفترض أن نساعده نحن على تجسيد دور تلك الموسسات وتفعيلها التفعيل الأمثل لا أن نظل ننتظر من هو شخصياً كل شيء، ونطالبه بفومها وعدسها وقثائها.

خامسا: القوى السياسية التي وفر لها صالح نفسه الأجواء والمساحات الكافية لتوجد وتتجسد، انقلبت على صالح لأنه لم يعد أمامه ما يعطيه لهم وهو يقترب من التنحي اما سياسياً أو بالقضاء والقدر ونهاية الأجل، ولم ترض بما أسس له صالح من نظام قد لاتتوفر فيهم مواصفات الحكم فيه (الديمقراطي، التعددي، الانتخابي) ويرون انهم الأحق بوراثة الحكم باعتبار أنهم كانوا الاقرب من صالح، ورأوا ألا ينتظروا حتى يذهب صالح فيجيء من يستحوذ على المقعد وربما أيضاً من يزيحهم من المرتبة أو الفئة المقربة منه، وكانوا يرون في ابنه أحمد أكبر تهديد لهم، فعملوا منذ الباكر على تشويه صورة ابنه بل وعلى تشويهه هو بفكرة التوريث التي لم يتطرق لاهو ولا ابنه لها بالمرة، بل على العكس اضطر هو اخيراً على الاعلان عن عدم اتخاذ مثل النهج صراحة وبسخرية أوجعتهم كثيراً.. كل ذلك كان يقف وراء دفع اولئك الخصوم/الأصدقاء، إلى الابتعاد مليا عن صالح والبدء بالاشتغال على إزاحته بالقوة واختطاف حكم البلاد اختطافاً.. وعملوا على أن يكون ذلك بهذه الصفة نظراً لعدم ثقتهم بأنفسهم وعدم قدرتهم على الحكم بالطريقة الديمقراطية الدستورية، فعملوا على تشويه النظام بهذا الشكل لتقويضه بداية واقناع الشعب بل العالم بفشله، والدليل على ذلك إعراضهم عن كل ما قدمه من مبادرات ظاهرة وخفية وعدم قبولهم باية صورة توافقية، كانوا يريدون ازاحة صالح عن طريق القوة لهدم التجربة التي اسس لها من ناحية لئلا تكون منجزا في رصيده، ومن ناحية أخرى للتصرف المطلق في حكم البلد بالطريقة التي تناسبهم وتديم السلطة في أيديهم.. مع انه كان بالامكان البقاء بالفرب منه والتعامل مع مبادراته وإزاحته بطريقة اكثر رقياً وعصرية، كان بإمكانهم حتى دفعه بطريقة ما، ولن يعز ذلك، إلى التخلي عن مقعده وإبقائه قريباً في الجوار للاستفادة من خبراته.

لو فعلوا ذلك لوجدوه باعتقادي يساعدهم على ذلك. بل لوجدوه ينادي بنفسه إلى انتخابهم ومساعدتهم كما فعل في انتخابات هادي.

لقد حاول صالح بغض النظر عن السلبيات التي لا تقارن بالايجابيات، حاول أن يؤسس لتجربة سياسية فريدة في المنطقة كلها، وقد نجح، ونحن ومعنا القوى السياسية المزامنة له، من فشلنا كقوى في أن يستمر ذلك خوفاً على مصالحنا ومن أن تفلت من زمام السيطرة السياسية المطلقة والتي أردنا الحصول عليها دون مقابل، غير اننا وجدنا في عهد صالح.

عموماً الحديث طويل جداً وذو شئون وشجون.. إلا أن ما يجب ألا نكابر فيه هو ان صالح رغم كل أخطائه ومساوئه قد حقق كرئيس بلد ما لم يتحقق لغيره من قبل ولن يتحقق لغيره من بعد لزمن قادم طويل. سواء كان ذلك بالأرقام أو بغيرها وسواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. ولو قدر لنا قرن من الزمان والأمان والثروة أيضاً ما استطعنا أن ندرك ولو جزءا يسيراً مما أنجزه.
والسلام.

لقراءة مقال علي عبدالله صالح للأستاذ عادل الأحمدي اضغط هنا

عناوين ذات صالة:

زر الذهاب إلى الأعلى