[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
رئيسية

نص حوار معين عبدالملك مع الأهرام: قطر دعمت الحوثي ودور مصر متميز

نص حوار رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك مع الأهرام: قطر دعمت الحوثي ودور مصر متميز


وصف رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك العلاقات اليمنية المصرية بأنها فريدة ومتميزة، وأكد موقف أن الحكومة الشرعية تجاه عملية السلام هو موقف ثابت وراسخ، مع سلام دائم وشامل، كما اتهم قطر بأنها دعمت جماعة الحوثي منذ وقت مبكر في اليمن.
جاء ذلك في حوار أجرته معه صحيفة "الأهرام"، علي هامش الزيارة التي يقوم بها إلى جمهورية مصر العربية، حيث تطرق عبدالملك إلى العديد من التطورات اليمنية والإقليمية، وأكد خلاله أن الحديث عن التدخل التركي أو الحديث عن قواعد عسكرية في اليمن، أمر غير وارد علي الإطلاق، وليس محل نقاش أو بحث ولا يمكن القبول به

وفيما يلي نشوان نيوز يعيد نشر نص حوار رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك مع صحيفة الأهرام 21 يوليو 2020:

كيف تنظرون إلى مستوي العلاقات السياسية مع مصر، وما هي رؤيتكم للدور المصري في إطار التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية، وما هي آفاق التعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني، وتعزيز المصالح المشتركة، باعتبارها تمثل أبرز القضايا علي طاولة زيارتكم إلى القاهرة؟

العلاقات اليمنية المصرية، فريدة ومتميزة، وتستند علي تراكم حضاري كبير، وتاريخ استثنائي من التضامن والدعم والتأثير المتبادل، فقد ظلت مصر علي الدوام تقف إلى جانب اليمن، في مختلف المراحل والظروف، وموقف مصر بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم، في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن ، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، هو امتداد لدورها التاريخي العروبي والقومي المتميز، الذي بدأ مع ثورة 26 سبتمبر 1962، علي النظام الإمامي الرجعي الكهنوتي في شمال اليمن، من خلال الدعم والإسناد غير المحدود للشعب اليمني، في الدفاع عن ثورته ونظامه الجمهوري،

حيث امتزج الدم اليمني بدماء الجنود المصريين، في سهولنا وجبالنا وسواحلنا، دفاعاً عن جمهوريتنا الوليدة، فضلاً عن الدعم السياسي في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، وكذا التربوي من خلال إرسال وإيفاد آلاف المعلمين المصريين، الذين كان لهم الدور الأبرز في اختطاط نظام تعليمي حديث في اليمن، إضافة إلى الدعم الفني من خلال الخبراء المصريين الذي ساهموا في تأسيس المنشآت وتشغيلها.

كذلك الحال في جنوب الوطن؛ حيث وقفت مصر إلى جانبنا، في ثورة 14 أكتوبر 1963 علي الاستعمار البريطاني، وقدمت للثورة مختلف أشكال الدعم العسكري واللوجيستي والسياسي اللامحدود، واليوم أيضا لا يمكن إغفال أن مصر تستضيف برحابة صدر، أعداداً كبيرة من المواطنين اليمنيين، الذين اضطرتهم الحرب الحوثية الإجرامية للنزوح الخارجي، وهم يتلقون معاملة كريمة من السلطات والمؤسسات المصرية.

والحقيقة أنه فوق ما تتضمنه العلاقات اليمنية المصرية من عمق وفرادة، فآفاقها أيضاً غير محدودة، مما يجعل هذه العلاقات قابلة لاستيعاب مزيد من التطوير والتوسع، وتقديم مزايا وتسهيلات متبادلة لمواطني البلدين، ونحن حريصون، في ضوء توجيهات القيادة السياسية للبلدين، انطلاقاً من هذا التاريخ العريق، علي استمرار الدفع بهذه العلاقات إلى آفاق رحبة، بما يخدم المصالح المتبادلة، وزيارتنا للقاهرة تأتي في هذا الاتجاه، بما في ذلك استئناف اجتماعات اللجنة اليمنية المصرية، وتفعيل اتفاقيات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث سبل التنسيق الأمني، وتعزيز حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وبحث آفاق التعاون الاقتصادي

تواجه عملية السلام ووقف الحرب في اليمن تحديات كبيرة، في ظل تعنت جماعة الحوثيين ، وفي ضوء ما تردد عن رفض الحكومة الشرعية لمسودة الحل الشامل التي اقترحها المبعوث الأممي مارتن غريفيث، كيف ترون آفاق الحل السلمي، وأسباب الاعتراض علي المشروع الأممي؟

موقف الحكومة الشرعية تجاه عملية السلام هو موقف ثابت وراسخ، فنحن مع سلام دائم وشامل، يستند علي المرجعيات الثلاث المعترف بها، دون تجاوز أو انتقاص، فالمرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومقررات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2216، هي الركائز الأساسية للحل السياسي في اليمن، وأي محاولة لتجاوز هذه المرجعيات أو القفز عليها هو أمر غير مقبول، لأن ذلك لن يقود سوي إلى مزيد من الحرب والاقتتال، وإطالة أمد النزاع.

ومؤخراُ، وفي ضوء استئناف التحركات الأممية والدولية، لإنعاش عملية السلام المتعثرة بسبب تعنت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ورفضها الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها التي قطعتها أمام المجتمع الدولي في السويد، وبناء علي دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن جريفيث لإيقاف إطلاق النار وتوحيد الجهود لمواجهة جائحة كورونا، أعلنت الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، منذ شهر أبريل الماضي، وقف إطلاق النار من طرف واحد، وتعاطت بالموافقة مع المقترحات التي تضمنتها المسودة المقدمة حينها، من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ، إلا أن الميليشيا الحوثية لا تزال ترفض كل هذه المبادرات، وتصر علي وضع شروط جديدة تنتهك معها سيادة البلد، وحق الدولة الحصري في إدارة مؤسساتها، وهذا ما ترفضه الحكومة بكل وضوح.

وتصرفات الميليشيات الحوثية تؤكد بوضوح، أنها غير جادة في السلام، والرضوخ المستمر من قبل الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص للابتزاز، والمطالب غير المشروعة للانقلابيين، إلى جانب كونه يمثل تجاوزا فاضحا لكل القرارات والقوانين الدولية، فإنه يعمق أسباب الفوضي والحرب ، ويشجع هذه المليشيات علي مزيد من التمادي في الاشتراطات والإملاءات، الهادفة لنسف كل جهود السلام وإطالة أمد الحرب، تنفيذاً لأجندات النظام الإيراني، ورغبته في الاستمرار في تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي،

لذلك فأي تصورات أو مقترحات للحل السياسي، يجب أن تكون متوافقة مع المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وأن تميز بوضوح لا لبس فيه، بين الدولة اليمنية وحكومتها الشرعية ومؤسساتها، وبين أي جماعات وفصائل، وعلي رأسها الجماعة الحوثية المتمردة، لأن أي انحراف عن هذا الإطار، لن يكون مقبولاً وسيؤدي فقط إلى تعقيد جهود السلام.

لعب التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية، دورا مهما في منع الحوثيين وإيران من السيطرة علي البلاد ، لكننا من وقت لآخر نسمع عن خلافات بين بعض الأطراف في التحالف، فما حقيقة ذلك؟ وكيف ترون دعم التحالف العربي؟

الشعب اليمني وحكومته لا يمكن أن ينسي الوقفة النبيلة والشجاعة، للأشقاء في تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، في معركته المصيرية والوجودية، ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، وفي العلاقة بين أطراف التحالف، لا شك أن هناك بعض التباين في وجهات النظر، حول بعض القضايا، التي دائماً ما يتم تجاوزها في إطار الحرص المشترك علي إنجاز أهداف التحالف، في هزيمة المشروع الإيراني واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.

ماذا عن الدور القطري في اليمن، خاصة مع وجود أطراف محسوبة علي الشرعية تعزز التواجد القطري لدعم أطراف يمنية بالسلاح، في بعض مناطق نفوذهم في محافظتي تعز وشبوة، وكذلك ما يتردد عن عرقلة الأطراف الموالية لقطر لاتفاق الرياض، واقتسام السلطة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي؟

بداية أري أنه من الخطأ مقاربة الدور القطري في اليمن، بحصر الحديث عن مناطق مثل تعز أو شبوة، التي تعمل سلطاتها المحلية والجيش الوطني علي تعزيز واستعادة نفوذ الدولة، أو حصر الأمر بتنظيم معين، إذ لا يمكن فهم ما تقوم به قطر من أدوار تخريبية في اليمن الآن، بمعزل عن سياسة قطرية عملت علي نشر الفوضي في اليمن، واستخدامها منذ فترة ليست بالقصيرة،

فمنذ وقت مبكر دعمت قطر الميليشيا الحوثية بالمال والسلاح والإعلام والعلاقات، وعملت علي زعزعة الاستقرار في اليمن، ومنذ الأزمة الخليجية صارت هذه السياسة القطرية واضحة، وصار الدعم القطري للميليشيا الحوثية علنيا، فضلا عن عملها الآن علي إضعاف الحكومة الشرعية، وإفشال جهود استعادة الدولة، وخلق بؤر توترات في بعض من المحافظات، وتمويلها وإطلاق حملات تشويش هي جزء من هذه السياسة التخريبية.

والحقيقة أن الدولة لن تقبل بوجود مجاميع مسلحة خارج مؤسساتها ولن تقبل بنشاط مجاميع ترتبط بأجندات غير وطنية، ونحن في الحكومة اليمنية، ومن منطلق ثوابتنا في أهمية التقارب والتكامل العربي، نتمنى أن تعود قطر إلى محيطها العربي، وأن تعمل مع الأشقاء في منطقة الخليج علي تعزيز التكامل والتعاون العربي، أما بالنسبة لاتفاق الرياض فهو ليس اتفاق تقاسم سلطة، لأن السلطة حصرية للدولة، ومضمون اتفاق الرياض هو استيعاب كافة القوي ودمجها، وإعادة تنظيمها داخل بنية الدولة وتحت مظلتها، والحقيقة أن الكثير قد تحقق بالفعل، في طريق تجاوز الصعوبات التي اعترضت تطبيق اتفاق الرياض، بجهود كبيرة من فخامة الرئيس وقيادة المملكة العربية السعودية.

تنطلق منذ فترة بعض الدعوات المحلية، لتدخل تركيا في اليمن علي غرار ليبيا وسوريا، بالتزامن مع رغبة أنقرة في إقامة قواعد عسكرية في اليمن، فكيف تنظرون إلى مثل هذه الدعوات؟

الحديث عن التدخل التركي أو الحديث عن قواعد عسكرية في اليمن، أمر غير وارد علي الإطلاق، وليس محل نقاش أو بحث ولا يمكن القبول به، والحقيقة أن هذه الدعوات لم تصدر إلا من أصوات مرتهنة بلا وزن، في مواقع التواصل، وهي تأتي ضمن محاولات بائسة، تستهدف التشويش علي مواقف الحكومة الواضحة، والتأثير علي علاقتنا مع دول تحالف دعم الشرعية.

لا يكاد يمر شهر، إلا ويعلن عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية كانت في طريقها للحوثيين، أو سفن إيرانية تمارس أنشطة غير مشروعة في المياه الإقليمية اليمنية، كيف تتعاملون مع هذه المسألة والدور الإيراني في اليمن؟

- اليمن فعليا يتعرض لاعتداء إيراني سافر، سواء عبر دعم إيران وتمويلها للانقلاب الحوثي بالمال والسلاح والخبرات العسكرية، أو من خلال تعاملهم مع ممثلي الانقلاب رسميا، أو من خلال الاعتداء علي المياه الإقليمية اليمنية، و موقف إيران من اليمن هو جزء من مخطط توسعي يستهدف الدول والهوية العربية، فمن خلال وجودها في اليمن، سوف تعمل علي زعزعة الاستقرار في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر وباب المندب، ونحن ودول التحالف العربي لدعم الشرعية في جبهة واحدة، لمواجهة المشروع الإيراني العدائي والتخريبي ضد الدول الوطنية العربية، وحماية الأمن القومي العربي.

وافق الحوثيون علي السماح لخبراء الأمم المتحدة بفحص ناقلة النفط «صافر»، القابعة في البحر الأحمر منذ خمس سنوات، وتهدد بتلوث البيئة والملاحة، وسط تشكيك من الحكومة في نيات الحوثيين، واتهامات لهم بالتخطيط لإعاقة الملاحة في البحر الأحمر، وتفجير زوارق بحرية، فما هي القصة الحقيقية؟

- قضية خزان صافر من أخطر القضايا التي تتجاوز مخاطرها اليمن، والصراع الحالي إلى الإقليم والمستقبل، وهي مثال كاشف للطبيعة الإرهابية للميليشيا الحوثية، التي تستخدم كل شيء كأدوات ورهائن للحرب، بدءا من المواطنين في مناطق سيطرتهم، إلى تعريض الملاحة الدولية والبيئة لمخاطر كارثية، و الحوثيون يستخدمون «خزان صافر» كسلاح حرب، ولذا رفضوا طوال السنوات الماضية كل المقترحات والجهود من أجل تفريغ الخزان، وحل هذا التهديد الخطير، وموافقتهم الأخيرة علي فحص الخزان المهدد بخطر التسرب، جاءت استباقا لجلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة هذه القضية، ولمواصلة خداع المجتمع الدولي، وإيهامه بأنهم متعاونون ومنفتحون علي السلم، بينما خزان صافر يمثل خطرا قد يسبب أكبر كارثة بيئية في العالم، والحل الجذري لمشكلة صافر يأتي عبر تفريغ الخزان فورا.

أما عن تهديدات الحوثيين الأخري للملاحة في مياه البحر الأحمر، فهي مثبتة بعدد كبير من الوقائع، التي تتوزع بين استهداف السفن التجارية بالصواريخ البحرية، ونشر الألغام وإطلاق الزوارق الحربية الملغومة، بهدف تفجيرها في السفن العسكرية التابعة للتحالف العربي، التي تتولي تأمين الملاحة البحرية، ولدينا كما لدي الأشقاء في القيادة العسكرية للتحالف، توثيق تفصيلي بوقائع الاعتداءات الحوثية في البحر الأحمر.

لوحظ خلال الأيام الأخيرة تصعيد كبير في المواجهات العسكرية مع الحوثيين، خاصة في جبهتي الحديدة ومأرب، تزامنت مع تكثيف عمليات استهداف المدن والمنشآت السعودية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.. فكيف تفسرون ذلك؟ وما هو موقف العمليات علي الأرض خاصة مع استماتة الحوثيين من أجل السيطرة علي منابع النفط في مأرب؟

التصعيد الأخير يكشف بوضوح عن حقيقة موقف الحوثيين من جهود السلام، ورؤيتهم القائمة علي الحرب، فهو خلاصة استعدادات الحوثي خلال عام كامل من الهدنة، التي رعتها الأمم المتحدة في السويد، وانخرطت فيها الحكومة في مسارات تطبيق اتفاقية استوكهولم، وعملت علي تسخير جهودها وامكانياتها لتخفيف حدة الازمة الإنسانية، وتحسين فرص السلام، فعلي سبيل المثال عملت الحكومة في عام 2019 علي دفع رواتب ومعاشات 123 ألفا من الموظفين والمتقاعدين في مناطق سيطرة الحوثيين، واتفاقية استوكهولم جاءت في لحظة ضعف عسكرية للحوثين، وأوقفت استرداد الحكومة لمدينة الحديدة الميناء الأكبر، وخلال هذا العام استمرت إيران في تهريب الأسلحة الي الحوثيين، وتم القبض علي بعض السفن المحملة بالأسلحة النوعية المرسلة للميليشيا، واستمر الحوثيون في التحضير للتصعيد، بينما الموقف الميداني يتحسن باطراد لمصلحة الجيش الوطني، ورجال القبائل في محاور القتال الممتدة، من الجوف إلى نهم وصولاً إلى البيضاء، حيث خسائر الحوثيين البشرية والمعنوية والميدانية تفوق ما خسروه في أي وقت مضى، وفي الحديدة تقع اشتباكات محدودة ومناوشات جراء خروقات من جانب الحوثيين، أما الموقف العام هناك فلا يزال محكوماً باتفاق ستوكهولم.

يواجه المشهد في جنوب اليمن صعوبات جمة، في ضوء سيطرة المجلس الانتقالي علي جزيرة سقطرى ، وإعلانه الإدارة الذاتية وادعائه تمثيل كل المحافظات الجنوبية، مما أعاق مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض وإعادة تشكيل الحكومة، فما هي أسباب تعثر المفاوضات مع المجلس الانتقالي؟ وهل يمكن أن يؤدي اقتسام السلطة إلى تهديد وحدة اليمن وإعادة عجلة الانفصال مرة أخرى؟

الصعوبات متوقعة لتنفيذ أي اتفاق سياسي، في خضم الصراعات الأهلية، لكن التغلب عليها ممكن، وما يجري من تشاور في الرياض حاليا قطع شوطا كبيرا لتجاوز هذه الخلافات، وفي تقديري أن الشراكة السياسية في زمن الحرب – خصوصا الحرب الأهلية- وتمثيل القوي السياسية في الحكومة، عملية جوهرية لإبقاء الطموحات والمصالح في الإطار المشروع، والشراكة الوطنية في الحكومة ستمكننا من استعادة البوصلة وتوحيد الجهود لإنهاء الانقلاب، والشراكة بين الشمال والجنوب في الحكومة بالمناصفة، كان أحد مخرجات الحوار الوطني، كإحدي الضمانات، وبقيتها تضمنته مسودة الدستور الاتحادي، وهي كفيلة بالحفاظ علي اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، وأي قضايا سياسية تطرح علي الطاولة بعد التغلب علي الانقلاب، واستعادة السيطرة وبسط نفوذ الدولة علي كافة الاراضي، التي تقع تحت سيطرة الميليشيات.

عقدت محكمة عسكرية تابعة للحكومة اليمنية في محافظة مأرب، جلسات لمحاكمة زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي و174 آخرين من جماعته، بتهمة الانقلاب علي الشرعية، وتشكيل «تنظيم إرهابي مسلح»، بدعم من إيران وحزب الله.. لماذا تأخرت هذه الخطوة وما دلالاتها حاليا؟

هذه هي الخطوة الطبيعية، وما ليس طبيعياً هو ترك هؤلاء المجرمين في قيادة الجماعة الانقلابية، دون إسقاط الحماية القانونية عنهم، وهم الذين تزعموا الانقلاب علي نظام الدولة العام، والنظام السياسي، وأشعلوا الحرب علي الشعب، ودمروا الحواضر ونهبوا عائدات الموارد العامة، وأباحوا ملايين المواطنين للمجاعة والأوبئة والأمراض، وقد كان ينبغي الشروع في محاكمة قادة الحوثيين، بعيد اقترافهم لجرائمهم الأكثر من جسيمة، لكن بسبب الانقلاب وتخريب مؤسسات الدولة والنظام العام، بما فيها مؤسسات القضاء، فقد تطلب بناء المؤسسات والأنظمة العامة من جديد، في المدن المحررة وقتاً طويلاً، بسبب جملة من المصاعب الميدانية واللوجيستية، ومن ثم تأخرت محاكمة القادة الضالعين في الانقلاب والحرب، والدلالة هنا مجابهة قادة الانقلاب، فالحرب مستمرة علي كل الأصعدة، وبكل السبل القانونية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية.

تقارير دولية عدة حذرت من وجود كارثة إنسانية في اليمن، بسبب تفشي فيروس كورونا وانهيار نظام الرعاية الصحية في البلاد، فما هي الحقيقة حول أوضاع جائحة كورونا في اليمن؟

الوباء يمثل تحدٍيا مضاعفا حينما نتحدث عن اليمن، فبعد خمس سنوات من الحرب القطاع الصحي في اليمن متهالك، والتجهيزات شبه منعدمة، ونحن نواجه الوباء بأقل نسبة أدوات فحص في العالم، ولدينا نقص حاد في محاليل وأدوات الفحص، إلى جانب عدد محدود من أجهزة التنفس، وأسرة العناية المركزة، بينما نحو 80% من المواطنين يعتمدون في معاشهم علي الدخل اليومي، أو علي شراء احتياجاتهم الغذائية بصورة يومية، وهذا يعقد مسألة فرض قيود علي الحركة.

وقد تعاطت الحكومة بمسئولية عالية وشفافية كاملة مع وباء كورونا، فشكلت لجنة طوارئ عليا يرأسها نائب رئيس الوزراء، وعملت علي دعم القطاع الصحي، واتخاذ سياسات تحد من تفشي الوباء، وكونت فرقا صحية للعمل في المنافذ المختلفة، وجهزت مراكز للعزل، وأعلنت وقف اطلاق نار من طرف واحد، ووجهت مبادرات علنية لتشكيل إدارة صحية موحدة للأزمة، وتم تخصيص ميزانيات إضافية للقطاع الصحي - حسب الإمكانيات المتاحة- لتوفير الإمدادات الطبية الخاصة بمكافحة كورونا، والتنسيق مع رأس المال الوطني، للإسهام في توفير وسائل الحماية والتطبيب، والوضع مختلف في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، فهناك استخفاف بأرواح المواطنين، في ظل رفضهم الإعلان عن الإصابات، وترهيب الطواقم الطبية العاملة والمرضى، وهو ما يجعل الوضع كارثيا بكل المقاييس.

نحن نتواصل بشكل مستمر مع منظمات الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية، ولدينا شراكات معها في نشر الوعي وإدارة المحاجر الصحية، ونعمل معها لتوفير النقص من المستلزمات والأجهزة الطبية.

والحقيقة أن الدعم الدولي تأخر عنا كثيرا، فحتي هذه اللحظة ما تم تقديمه لنا، يكاد لا يذكر مقارنة بحجم التحدي الذي يمثله الوباء، ومعظم الجهود تتم حتي الآن بدعم حكومي، لكن هناك تعهدات من عدد من الشركاء الدوليين، والحكومة تبحث معهم تخصيص هذا الدعم بشكل سريع، للقطاع الصحي والقطاعات المتضررة من الوباء.

 

عناوين ذات صلة:

 

الوسوم
زر الذهاب إلى الأعلى