آراء

عن كتاب قطوف الحكمة من شعر البردوني

صلاح الواسعي يكتب حول: عن كتاب قطوف الحكمة من شعر البردوني


كتاب قطوف الحكمة من شعر البردوني هو واحد من الكتب الشعرية القيمة التي قرأتها مؤخرا.
والحقيقة أنني لم أكن لأقرأ شعر البردوني لولا أن الكتاب أحتوى قطوف يانعة جناها المؤلف من قصائد البردوني التي أحتوتها دواوينه الشعرية البالغة عددها اثني عشر ديوانا كثمرة جهد خمسة أعوام من الجني والدرس والتنقية.

ولأن الكتاب من ذلك النوع من الكتب التي تكشف لك إبتداء عن حالة من التشابه بينك وبين المؤلف على الأقل بما يتعلق بنمط التفكير وتماثل الأمزجة العقلية والنفسية.

فمذهبي في القراءة يختلف عن مذهب الكثير من الشباب القرا فالبحث عن المعرفة غايتي والكشف عن مواطن الحكمة والفلسفة سجيتي في القراءة والمطالعة أختلف بها عن الشباب الذين يتوقفون عند حدود الرواية والأدب ولا يراوحون مكانهم لغيرها، وهذا ما أشعر إنني وجدته في مؤلف الكتاب الأستاذ أمين الوائلي الذي عرفتنا به الصحف ككاتب سياسي وصحفي قد راح يقرأ البردوني قراءة فاحصة معمقة ودقيقة يقتفي أثر "الحكمة" ضآلته ولقد وجدها وكان أحق الناس بها.

فالمؤلف يبحث في بطون الشعر عن حكمة يسترشد بها الإنسان في حياته ويستبصر بها طريقه، وكأنه يريد القول: الشعر ليس مجرد كلام يقال لغرض التسلية ولا الشاعر يكتب الشعر لأن لديه فائض مشاعر وليس الشعر مقولات وجدانية تحضرنا في سياق المدح أو القدح أو التبجح أو التحشيد الإيديولوجي أو لأي غرض تعبوي آخر، فالشعر رغم ذلك كله ينطوي على شيء من الحكمة والفلسفة والقانون..

من المهم أن نعود الي البردوني الشاعر والمؤلف ونقرأ أسفاره العظيمة فالعودة لهذا الشاعر العظيم هي عودة الي الهوية اليمنية الأصيلة التي تتعرض حاليا لأكبر عملية تجريف تأريخية من قبل المد الإمامي الجديد الوافد لهذا البلد الذي يختلف عنه فكرا وإنسانا.

حينما أقرأ قطوف الحكمة من شعر البردوني فأنا أمسك بالعصى من منتصفها، فخلاصة البردوني تتوفر عندي ذلك ما يجعلني وأنا أقرأه أشعر بالإمتلاء ممزوج بالنشوة المصاحبة لإكتسابنا معرفة جديدة، والحقيقة أنه بقدر ما أشعرني بالإمتلاء بقدر ما فتح شهيتي لقراءة البردوني كله.

صحيح الكتاب لا يمكن أن يكون بديلا عن مؤلفات البردوني ومن الخطأ الفادح التفكير بذلك، ولكنه مقبلات تفتح شهيتنا أكثر للولوج الي عالم البردوني الممتلئ بالحكمة.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى