عبدالفتاح بن محمد البتول - سيرة غير ذاتية
عادل الأحمدي يكتب: عبدالفتاح بن محمد البتول - سيرة غير ذاتية
كان يحب القات ويكره العوَز. يحب مدكاه ومنزله وعائلته وكتبه بشكل يفوق التصور.
إصلاحي يدرك معنى المؤتمر ويحترم تاريخه ونضاله.
إصلاحي مثله الأعلى عبدالناصر وصدام، وليس الزنداني ولا قطب. أخذ البتول محراثه وأوغل في شعاب ووديان التاريخ وفي الأخير رمى بالتحزب وراء ظهره بعد أن حط يده على الجرح الكبير.
حينما تتوغل في معرفة الإمامة وخبثها، تنظر باحتقار لحواجز الحزبية وتمترسات الساسة، ولا يؤثر عليك بعدها اختلاف اللهجات بين مناطق اليمن، فاليمن كله بكل مناطقه وقبائله وأحزابه، صار يسكن في فؤادك، ولا عدو إلا مجرمو الكهنوت.
طلب مني مرة (تقريبا في 2007)، أن يُذكر الاسم الثلاثي في مسمى المركز، بحيث يغدو: مركز نشوان (بن سعيد) الحميري للدراسات والإعلام، ورأيه وجيه غير أني هممت الطول وأردت أن يصبح المسمى سائلاً على الألسن بلا مشقة.
حينما ترتبط بنشوان يصغر في عينك كل بذل تؤديه، وحينما تقترب من الزبيري ترتفع إلى أفق غير محدود، وحين تتأمل السلال تملأك الجسارة وحينما تقتفي خطى علي عبدالمغني يضيء عقلك، وحينما تعرف أيلول يصبح اليمن أحبّ أبنائك إليك.
بعد وفاته بساعة، قال لي العزيز خالد أخوه الأصغر، إن الأستاذ عبدالفتاح "من زمان طويل يقول لي اذا تركتني أو فرقتنا الحياة كن ملازما لعادل الاحمدي". خنقتني العبرة.
نم قرير العين مجللاً بالنور يا من كشفت "خيوط الظلام". نم فلقد قتلتهم 70 مرة وجعلتهم يصيحون ألف مرة، يا عاشق المدينة الخضراء والقات العُمَري والمدكى الأنيق.
رحل عن 53 عاما فقط، أي في سن القوة والحكمة والعطاء. هذا حقا ماً يحزنني، ثم أتذكر أنك في الحقيقة عشت آلاف السنين، لأنك قرأت التاريخ وسبرت أغواره:
من لم يعِ التاريخ في صدرهِ
لم يدرِ حلو الدهر من مُرّهِ
ومن درى أخبار من قد مضوا
أضاف أعماراً إلى عمرهِ
سنجفف دموعنا ونواصل الاحتفاء بأيلول وفاء لأيلول ولك. وسبحان الله كيف اخترت هذا التوقيت العزيز موعدا للرحيل.
رحمك الله أستاذ عبدالفتاح البتول. وسلّم لي على عثمان أبو ماهر الذي كنت تقول مازحا أنه يقصدك حين قال: هذي بلادي وانا فلاحها والبتول.
عناوين ذات صلة: