من ولماذا قَتَلَ حسن زيد؟
د. محمد شداد يكتب: من ولماذا قَتَلَ حسن زيد؟
ظهر المدعو حسن زيد، المنتحل لصفة وزير الشباب والرياضة، على قناة اليمن اليوم (الصنعانية) في 22 فبراير من العام الجاري منكسراً مطأطئ الراس لا تحمل بزته الأنيقة في طياتها شخصية وزير تحفُهُ النرجسية وغرور المنصب. أيقنت أن أحداث فصول المسرحية الدراماتيكية بدأت بالعرض وأنه راحل، ذكر خلال المقابلة أن منزله تعرض للمصادرة بما فيه وألقيت زوجته وبناته في الشارع. لجأ إلى القضاء كان الحكم لصالحه غير أنه وكما ذكر أن من ذهبوا لتنفيذ الحكم تعرضوا لإطلاق النار فانسحبوا إيثاراً للسلامة. سأله المذيع من هي الجهة القائمة بتلك الأفعال قال بالحرف "الصعاليك" أيقنت بعدها أن أمره قد حُسم.
نعم هي تلك الدولة التي مهدوا لها سياسياً وإعلامياً فباتت تأكلهم وتلك طبيعة الحركات الانقلابية على مر التاريخ. وهم من هم، هم قلاع الهاشمية السياسية ومراجعها الفكرية أكلتهم وستأكل كل أصحاب "الطيرمانات" كما قالوها قبل السقوط، غير أنهم اعتبروه قولاً طائشاً. وكما أكلت أحمد شرف الدين وجدبان ومحمد المتوكل والمرتضى المحطوري والقائمة تزخر بالأسماء لأن السلطة لا تنقسم على اثنين ولن يعتليها الذين تمرغوا بين نعيم الثورة والجمهورية لأنهم كما تفيد الحركة كانوا خونةً في يوم ما وعملوا ضدهم.
وفي مقابلة مع الشاعر حسن الشرفي قبل أن يموت على نفس القناة في 17 يناير من العام الحالي ايضاً قال إنه كان قد كتب مجموعةً من القصائد الإمامية تبشر بالفتح المبين بعد أن تنكر للثورة والجمهورية ونعيمها غير أن تلك القصائد مُنعت من البث والقراءة بأوامر من سلطتهم الحوثية قالها بمرارة وأنه منع من الظهور فيها.
لم تعد الطموحات التي حلموا بها قابلةً للتطبيق وسيذكرون صنعاء الجمهورية والثورة، وسيتمنون بعض ريح عبيرها وبعضاً من الحرية التي منحتها لهم كلياً وجزئياً لأحرار اليمن الباقين بعد من رحلوا، أخطأوا في التقدير ولم يحسنوا قراءة المشهد. تناسوا طبيعة الصراعات الإمامية على الحكم ودورات حروبهم وأنهم لم تقم لهم يوماً دولة بمعاير الدول القائمة على الأسس القانونية والإنسانية الصحيحة وأنها كانت ولا تزال صراعات من اجل البقاء.
تنكروا لكل الأضواء التي أهدتها لهم الجمهورية ورحبوا بالعصور المظلمة. فغروا أفواههم للهواء، للريح التي نفخت أحشائهم ولم تمنحهم سوى المهانة والصغار. تنكروا للسلام الجمهوري والنشيد الوطني ونكثوا بالمواثيق التي أقسموها في كل مراحل توليهم للمناصب أنهم سيحافظون على النظام الجمهوري ولن يخونوا عهده ودماء شهداؤه.
خانهم التقدير بأن اليمن لم يعد ضيعةً لأحد يحرثها بالمعاول والأدوات التي يريدها كيف يشاء وأن شعبها لم يعد القطيع الذي بإمكانهم سوقه معهم وفقاً لرغباتهم إلى ما لا نهاية. انطلقوا من جهالتهم ولم ينظروا إلى ما حولهم وأن اليمني بات باحثاً في أرقى جامعات العالم طبيباً ومهندساً ومحاضراً وصاحب براءات الاختراع العلمية في كل مجال، ناهيك عمن هم في الداخل يملؤون الجامعات والأرصفة وأماكن البحث عن الوظيفة! حكموا على اليمنيين من خلال بعض الباعة المتجولين والمفرغين من كل المعاني، اليمن ليست كذلك لم تعد شعباً يدور حول نفسه دون قياد.
ذاق اليمني معاني الحرية التي تعني التحرر من العبودية والعيش في استقلالية، والتفكير دون رقابة وفعل ما يُفكِّر به دون قيود أو وجود أجهزة قمعية تُحصي أنفاسه وتتحكم بخواطر فكره وفعاله، وأيقن أن سلب هذه الحقوق يُصير الإنسان كائن جُرِّدَ من معانيه الكلية والجزئية ولا فرق بينه وساكني القبو.
جحيم وعذاب الله قادم وسيحل بكل من حرض على قتل اليمنيين ودمر دولتهم وتسبب في كارثتهم التاريخية، فادعوا بالرحمة لآبائكم أيها المترحمون على حسن زيد، عَلّها تكون من واجبات الطاعة والوفاء لهم بعد الموت، لا تترحموا على قاتل قُتل وهو يدعو ويحرض على القتل ويباهي بارتكاب الجريمة..
فحياة الذل بطبيعتها ناقصة لعدم تمتع الشخص بكل حقوقه الإنسانية كاملة، ذلك في ضل الدكتاتورية العادلة أما الدكتاتورية التي تقوم على أساس التفوق العرقي والسلالي والحق الالهي تلك إضافةً أخرى لحياة المذلة إذ يبرز عندها تفوق عرق مقابل آخر، وصفاء جينات مقابل كدَر أخريات وهذا ما كان يعتقده حسن زيد ويدعو إليه ويكرسه في حياته ليل نها.
ألم يدع حسن، ساكني صنعاء من اليمنيين إلى ترميم منازلهم في الريف تهديداً لكل حرٍ قال كلمة حق أو اعترض على تصرفٍ جانب الصواب؟ ألم يكن البلدوزر الذي مهد سياسياً واجتماعياً لسقوط النظام السابق واقتحام الحركة الحوثية لصنعاء؟ ألم يدع إلى وضع الصحفيين والقادة الحزبيين في مخازن الأسلحة كي يقتلوا وتضيع دماءهم بين النار؟ وكان كل ذلك ولم يترحم على أحد ممن ماتوا ولو مجازاً!
ألم يحرض على إغلاق المدارس والدفع بطلاب اليمن ومدرسيهم، قلب المجتمع إلى محارق الموت؟ ألم يكن المنسق الخفي مع السفارة الأمريكية وغاشها الأول بأن حركته البشعة أتت لمحاربة الإرهاب وأقنعهم بذلك؟ ألم يكن أحد اللابسين لملابس الإمامة والداعي لها من سبعينات القرن الماضي؟ فعلام الترحم وعلى ما سيرحمه الله؟ رحمة الله وسعت كل شيء نعم غير أن الدماء وحقوق العباد فلا تسقط بالتقادم فإن الله عدل وعدله مطلق فيها، وذاكرة اليمنيين لم تعد ذاكرة السمك كما يُقال بل الذاكرة الالكترونية التي ليس لها حد ونهاية وستذكر في لحظة القضاء ولن يفوتها شيء.
عناوين ذات صلة: