[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

الصراع الهاشمي الهاشمي في اليمن: 1086عامًا، والقادم أسوأ (2-3)

بلال الطيب يكتب: الصراع الهاشمي الهاشمي في اليمن: 1086عامًا، والقادم أسوأ (2-3)


الإمام الطاغية عبدالله بن حمزة أحد المؤسسين الأوائل لنظرية الإمامة الزّيدِيّة في اليمن، ومُؤسس الدولة الزّيدِيّة الثانية، ما زالت كُتبه ومُكاتباته وأشعاره الأكثر أثرًا وآثارًا في الفِكرِ الزيدي، ومَا زالت سِيرته الأكثر ظُلمًا وعدوانًا في تاريخ الإمامة المُظلم.
كان يحيى بن أحمد بن سليمان قد أعلن عقب وفاة والده من صعدة نفسه إمامًا، رغم أنَّه لم يستوفِ شروطها، تلقب ب (المعتز بالله)، هادن الأيوبيين، فجعلوه حاكمًا باسمهم على ذات المنطقة، ليتوجه منتصف العام 595ه إلى خمر لمبايعة عبدالله بن حمزة الذي سبق وأعلن هو الآخر قبل عامين نفسه إمامًا، طالبًا منه ولاية صعدة، فأعطيها، ثم ما لبث أن جدد تمرده، وقيل دعوته، ثم يمم خُطاه صوب صنعاء.
وفي صنعاء حظي بدعم الأيوبيين، ثم عاد يحيى أدراجه مُنتشيًا، جاعلًا من جبل عيال يزيد مقرًا له، ومنها راسل ابن حمزة وسبه سبًا فاحشًا، ودعاه بمسيلمة الكذاب، لتدور على تخوم ذات المنطقة معركتان، انتهت بأسره، حُبس في خمر، وفي مسجد ذات المدينة قام يحيى بن حمزة بقتله خنقًا بعمامة كان يرتديها.
تَعمق بعد ذلك الخِلاف بين الحمزات، وآل الهادي، وانضم بعض الهادويين كعلي بن يحيى، وسليمان بن محمد لصفِ الأيوبيين، وفي شهارة وقف أحفاد القاسم العياني أيضًا ضد الإمام الحمزي، وتصدر جعفر بن القاسم تلك المعارضة.
بطش بالطريقة الهادوية
السبي أسلوب شنيع انتهجه ابن حمزة في معظم حروبه؛ الأمر الذي جعل عددًا من علماء الزّيدِيّة ينتقدوه لتصرفه ذاك، أما أنصاره ممن شاركوه جرائمه المُروعة فلم ينتقدوه إلا حينما امتدت أياديه لسبي نساء مُعارضيه من آل المفضل حفيدات الهادي يحيى بن الحسين، وقد علق على ذلك قائلًا: «قالوا: تسبي بنات الهادي؟ قلنا: نعم، نسبيهن لكفر أهلهن»!
توفي ابن حمزة بمدينة كوكبان محرم 614ه، فأعلن في الشهر التالي يحيى بن المحسن نفسه إمامًا، مُتلقبًا ب (المعتضد)، ورغم أنَّ الإمام المتوفي قال بأنَّه لا يعلم في دار الإسلام من هو أعلم من هذا العلامة الهادوي، إلا أنَّ الحمزات بقيادة ولده محمد حاربوه، وأخذوا منه مدينة صعدة عنوة.
تنقل المعتضد يحيى ما بين خولان الشام، والأهنوم، وشهارة، وفي الأخيرة حظي بمساندة أحفاد القاسم العياني، حقق بهم بعض الانتصارات، فيما كانت معاركه في جولتها الثانية مع الحمزات سِجالًا، حاول استعادة مدينة صعدة، ليُحصر بعد هزيمته في ضواحيها، وفي منطقة ساقين كانت وفاته رجب 636ه، وذلك بعد ثمان سنوات من ميلاد الدولة الرسولية.
بإعلان الشاب الثلاثيني أحمد بن الحسين من ثلا نفسه إمامًا عاودت الإمامة الزّيدِيّة الظهور وبقوة، صفر 646ه، وهو من نسل القاسم بن إبراهيم طباطبا، تلقب ب (المهدي)، وقيل إنَّ اختياره كان كحل وسط لإنهاء الصراع الدائر بين الحمزات، وآل الهادي.
كان الإمام الجديد عالمًا بِمذهبه، مُتعصبًا له، مُكفرًا لمُخالفيه، استولى على 20 حصنًا حصينًا، وعزز تواجده بسرعة خاطفة في أغلب المناطق الشمالية، حاول السلطان الرسولي عمر بن علي رسول استعادة تلك المناطق، لتدور بينهما عدة معارك، كانت حد وصف صاحب (السمط الغالي): «سِجالًا على قلة عسكره، وإقبال الناس على الإمام».
تحالف الحمزات منذ البداية مع ابن الحسين، إلا أنَّ المودة لم تدم بينهم طويلًا، اختلفوا، ودارت بينهم حروب، كانت معركة قارن أشهرها شوال 647ه، خسروا فيها أكثر من 380 مقاتل، وسقطت مناطقهم الواحدة تلو الأخرى حتى صعدة، وفي الأخيرة رفع أحمد بن عبدالله بن حمزة راية الاستسلام، وذلك بعد مقتل صديقه السلطان الرسولي عمر، صالح ابن الحسين بشروط إذلالية، وزوجه بدنيا ابنة أخيه محمد.
كان ابن الحسين بلا خبرة سياسية، لم يعمل على احتواء منافسيه الطامحين، ورغم خضوع الحمزات له، عمل على تهميشهم، وإذلالهم؛ الأمر الذي دفعهم إلى رفع راية العصيان، ارتموا في أحضان السلطان الرسولي يوسف بن عمر، وبدعم من الأخير استطاعوا أنْ يقضوا عليه، قتلوه بشُوابة، ومثلوا بجثته، وحزوا رأسه صفر 656ه.
استغلال الصراع الزيدي الزيدي
أثناء سيطرتهم على المناطق الشمالية عمل الأيوبيون ومن بعدهم الرسوليون على تنصيب ولاة من قبلهم على تلك المناطق، كان أغلبهم من الأكراد، وحين ضعفت الدولة الرسولية، استقر غالبية هؤلاء الأمراء ومماليكهم في ذمار، استغلوا الصراع الزيدي - الزيدي، وصاروا صُناع أحداث داخل دولة الإمامة نفسها، في سابقة لم تشهدها تلك الدولة الثيوقراطية من قبل.
لم يسيطر المهدي علي بن محمد (749ه - 774ه) على مُعظم المناطق الشمالية إلا بمساعدة هؤلاء الأمراء، ومماليكهم، زوج ولده الناصر صلاح الدين من فاطمة بنت الأسد الكردي، واستطاع بمساعدة والدها تثبيت أركان دولته، وكانت نتيجة تلك المُصاهرة حفيده علي الذي تولى الإمامة في صنعاء ذي الحجة 793ه، وعمره آنذاك 18 عامًا.
تلقب الإمام الصغير ب (المنصور)، وبويع بصنعاء في نفس اليوم لقريبه الأكبر منه سنًا وعلمًا أحمد المرتضى، تلقب الأخير ب (المهدي)، وهو جد أسرة شرف الدين، مال كثير من العلماء لصف الأول، وذلك بعد أخذ ورد فيما بينهم حول من يستحق الإمامة، تخلى بعضهم عن شرط الاجتهاد، وقالوا صراحة بجواز مُبايعة المفضول مع وجود الفاضل.
خرج المهدي أحمد إلى القبائل الشمالية مُغاضبًا، حظي بمساندتها ومساندة الحمزات، لتدور بعد ذلك حروب وخطوب بين الجانبين، انتهت مُنتصف العام 794ه بأسر هذا الإمام في معبر، وقتل 80 رجلًا من أصحابه، اقتيد بصورة مُخزية إلى صنعاء، وفيها تم حبسه مُكبلًا بالأغلال.
ومن هجرة قطابر أعلن علي بن المُؤيد بن جبريل نفسه إمامًا محرم 796ه، مُتلقبًا ب (الهادي)، مُؤسسًا دولة زيدية في شمال الشمال، وهو أيضًا من نسل الهادي يحيى، وجد آل المُؤيدي، وممن بايعوا المنصور علي عام قيامه، حاول الاستيلاء على مدينة صعدة، وبويع له في خولان الشام، والأهنوم، وبلاد الشرف.
بعد سبع سنوات من حبسه، نجح المهدي أحمد بالهرب، تنقل بين عدة مناطق، ثم توجه إلى صعدة حيث الهادي علي، تحالف مع الأخير، ليقضي المنصور علي فيما بعد على تلك الدولة الضعيفة، أخذ صعدة، فيما استمر المُؤيدي في ضواحيها، مُحأولًا استعادتها حتى وفاته محرم 836ه.
مواجهة في قاع جهران
توفي المنصور علي في صنعاء محرم 840ه، وهو العام الذي حلَّ فيه وباء الطاعون، ومات بسببه الآلاف، منهم مُنافسه المهدي أحمد، وولده الناصر محمد الذي حكم لـ40 يومًا فقط، لتتحكم زوجة الأخير فاطمة بنت الحسن بن صلاح، ومملوك زوجها قاسم بن عبدالله بن سنقر بالأمر.
حين رأت فاطمة عدم رضا العامة عنها، أجمعت ومساندوها على اختيار صلاح بن علي - من نفس الأسرة - إمامًا، وزوجًا، تلقب الأخير ب (المهدي)، وعزم بعد عدة أيام على التخلص من المملوك سنقر، إلا أنَّ الأخير أحبط محاولته، وزج به في السجن، لتنجح زوجته الأميرة فاطمة بإخراجه، أخذته معها إلى صعدة، وهناك كان لها الأمر والنهي دون منازع.
نَصَّب المملوك سنقر في صنعاء الناصر بن محمد إمامًا، كان الأخير صغير السن، قليل العلم، تلقب ب (المنصور)، تيمنًا بالمنصور علي جده لأمه مريم، لتنجح الأخيرة بتهريبه؛ وذلك حين وقع الخلاف بينه وبين ذلك المملوك المُتسلط، طلت وجهه باللون الأسود، والبسته لبس الجواري، وهربته إلى حصن هران في ذمار.
الحمزات من جهتهم استغلوا ذلك الصراع، وأعلن المُطهر بن محمد من الأهجر نفسه إمامًا، مُتلقبًا ب (المُتوكل)، استدعاه المملوك سنقر إلى صنعاء، وأعلن تأييده له، كما أيده عدد من العلماء، ليخرجا معًا لمحاربة المنصور الناصر، وفي قاع جهران كانت المُواجهة.
استعان الإمام الناصر بالطاهريين، وبهم انتصر، أسر مُعارضه المُطهر، وأمر بحبسه، كما أمر بخنق سنقر، ليدخل بداية العام التالي صنعاء دخول الفاتحين، بعد أن انتصر بالخديعة على زيد بن المملوك الصريع، وذلك بالتزامن مع هروب المُتوكل المُطهر من سجنه في حصن الربعة بذمار، تقوى بعد ذلك أمر الأخير، توجه شمالًا، وحظي بمساندة بني عمومته الحمزات، وكانت أغلب حروبه مع المهدي صلاح، وأخذ على الأخير صعدة، بعد أن ناصره سكانها.
حرب على الزوجات
بعد خمسة أعوام من الصراع، استعاد المهدي صلاح السيطرة على صعدة، ملأ سجونه بغالبية سكانها، ونهب أموالها، وخرج قاصدًا صنعاء 846ه، التقاه المنصور الناصر بسفح جبل نقم، هزمه شرَّ هزيمة، وغنم أمواله، وزج به في السجن، ثم توجه بقواته المُنتشية بالنصر صوب صعدة، سيطر عليها، ولم يترك للأميرة فاطمة سوى بعض الحصون، ليصطلحا بعد عامين، وذلك بعد أن زوجته ببدرة ابنتها من زوجها المتوفي المهدي محمد.
وبالعودة إلى أخبار زوجها الثاني المهدي صلاح، فقد توفي هو الآخر بسجنه في صنعاء مسمومًا ربيع الأول 849ه، وذلك بالتزامن مع استعادة المُتوكل المُطهر لنفوذه، سيطر الأخير على بلاد الشرف، وعدد من الحصون، ثم توجه صوب صعدة بطلب من الأميرة فاطمة، وهناك تزوج بابنتها بدرة، بعد أن فسخ نكاحها من المنصور الناصر، آسره وآسر زوجها من قبل؛ بذريعة أنهما أخوة من الرضاعة!
مسمار مختوم بالشمع
كانت للمنصور الناصر حروب مع المُتوكل المُطهر، الذي تحالف هو الآخر مع الطاهريين، وكانت هي الأخرى سِجالًا، لينجح الأول بعد عشر سنوات من الصراع المُنهك بالسيطرة على صعدة شوال 860ه، قبض على الأميرة فاطمة وأعوانها، واقتادهم مُقيدين إلى صنعاء، فيما نجحت ابنتها بدرة بالهروب إلى خولان الشام.
استعاد المُتوكل المُطهر بعد ذلك زمام المبادرة، وتمكّن بعد ست سنوات من أسر المنصور الناصر، وكانت نهاية الأخير كما المهدي صلاح في السجن قتيلًا، بعد أن تعرض لصنوفٍ من العذابِ المهين، وعن ذلك قال ابن فند: «وكان موت المنصور الناصر قتيلًا، دق في أذنيه بمسمار، وخُتم عليه بشمع حتى لا يخرج منه دم».
خلف المنصور الناصر عام أسره ولده محمد ذو الـ14 ربيعًا، تلقب ب (المُؤيد)، وظلت صنعاء تحت حكمه، ليتحقق للطاهريين السيطرة عليها بطلب منه، نكاية بالإمام الحمزي، مُقابل 50,000 دينار سُلمت له على أن يبقى مُعتزلًا في قصره، إلا أنَّ ذلك الوضع لم يستمر طويلًا، فسرعان ما استعادها بالخديعة.
ظهر خلال تلك الفترة عدد من الأئمة الضعاف، كعبدالله بن المُتوكل المُطهر، الذي خلف الإمام الحمزي المتوفي، ومن خولان الشام أعلن عز الدين بن الحسن المؤيدي نفسه إمامًا شوال 880ه، تلقب ب (الهادي)، وبايعه أغلب فقهاء مذهبه، ودخلت تحت طاعته بلاد السودة، وكحلان، والشرفين، ودارت بينه وبين الحمزات حروب وخطوب.
ومن ثلا أعلن محمد بن يوسف نفسه إمامًا، مُتلقبًا ب (الناصر)، رجح الحمزات رغم ضعفه الخطبة له في صعدة لـ12 عامًا، وذلك نكاية بالهادي عز الدين، ضعف بعد ذلك أمره، وفي ثلا كانت وفاته شعبان 893ه، كما أعلن إدريس بن عبدالله من بلاد الظاهر نفسه إمامًا، وهو حمزي النسب، تلقب ب (المهدي)، ومات قبلهم، وكان أضعفهم جميعًا.
في أواخر العام 900ه أعلن محمد الوشلي من وادي ظهر نفسه إمامًا، تلقب ب (المنصور)، سيطر بسرعة على عدد من المناطق، وفي صنعاء حصل شيء من الإزدواج الإمامي، بحيث كان الدعاء في مساجد ذات المدينة لهذا الإمام، والسلطة الفعلية لصاحبها المُؤيد محمد، ليتوفى الأخير في شعبان 909ه، تاركًا الحكم لأخيه غير الشقيق أحمد، الذي تلقب ب (المنتصر بالله).
كان إمام صعدة الهادي عز الدين قد توفي قبل إعلان الوشلي دعوته ببضعة أشهر، ليخلفه ولده الحسن، مُتلقبًا ب (الناصر)، حالف هذا الإمام الطاهريين، وعارض الوشلي، فأخذ الأخير عليه صعدة شعبان 909ه، لينجح في أواخر العام التالي السلطان عامر بن عبدالوهاب بدخول مدينة صنعاء، وقد كانت نهاية الوشلي على يديه، فيما عادت صعدة لحكم حليفه المُؤيدي.
بعد عامين من قضاء السلطان عامر على دولة الإمامة الزّيدِيّة في صنعاء، وجدها (العلامة) يحيى شرف الدين فرصة سانحة لتصدر المشهد، أعلن من ظفير حجة نفسه إمامًا جمادي الأولى 912ه، وتلقب ب (المُتوكل)، ورغم أن أخواله من الحمزات، لم يتوقف الصراع بينه والأخيرين طوال فترة حكمه.
صراع بين الأبناء
بخروج المماليك من صنعاء أواخر العام 923ه دانت هذه المدينة والمناطق المجاورة لهذا الإمام، فيما ظلت معظم المناطق الشمالية تحت سيطرة الناصر الحسن المُؤيدي، تقوى في بداية العام التالي جانب الأخير، وأعلن بمساندة الحمزات الحرب على إمام صنعاء، وقد وصل في إحدى توغلاته إلى مدينة ثلا، لتنتهي تلك المواجهات بصلح مؤقت.
بعد أكثر من 15 عامًا من الحروب والصراعات بينه وبين الحمزات، وآل المُؤيدي، عزم المتوكل شرف الدين على التوجه شمالًا، وتسنى له بداية العام 940ه دخول مدينة صعدة، غادر الحمزات الأخيرة، وجيشوا أكثر من 15,000 مُقاتل، ودارت بينهم وقوات الأمير المُطهر بن شرف الدين معركة كبرى عُرفت بموقعة (المخلاف)، وسقط منهم 1,000 قتيل، ليقوم ذات الأمير وبأوامر من والده بحز رأس 600 أسير.
دخل بعد ذلك الحمزات في طاعة الإمام المُنتصر وهم صاغرون، فأذن لهم بالعودة إلى الجوف، وكان في المُقابل كثيرٌ من آل المُؤيدي قد سبقوهم في إعلان الطاعة، امتدت بعد ذلك سيطرة هذا الإمام إلى رداع، وإب، وتعز، وجازان، وأبي عريش.
قسم الإمام شرف الدين ما تحت يديه بين أولاده الخمسة الأكبر سنًا 948ه، مُوجهًا بذكر أسمائهم في الخطبة بعد اسمه، وما هي إلا سنوات معدودة حتى استعر الخلاف بينهم، انحاز لصالح ولده الأصغر الأمير شمس الدين، مُتحمسًا لتوليه الإمامة 952ه؛ كونه الأكثر علمًا، والأفضل خلقًا، وكون ولده الأكبر الأمير المُطهر غير مستوفٍ شروطها.
وحشية الإمام الأعرج
أعلن المُطهر تمرده، ووجه جنوده إلى الجراف لمحاصرة والده 953ه، خلعه عن الإمامة، وفرغه للعبادة، وأصبح الحاكم الفعلي، تلقب ب (الناصر)، وصك العملة باسمه، وعزل معاوني أبيه، وصار الإمام الأعرج في سابقة لم تشهدها الإمامة الزّيدِيّة من قبل.
وفي العام 960ه أعلن الحسن بن حمزة نفسه إمامًا، وتلقب ب (المهدي)، كان كأسلافه الحمزات ضعيفًا قليل الأنصار، استقر بالأهنوم مدة، استأمنهم على زكاته، وخرج لبعض المشاغل، ليجدهم بعد عودته قد استهلكوا أمواله، فعاش فقيرًا معوزًا لا يأكل إلا أوراق الشجر، وزاد من مصيبته مُطاردة الإمام المُطهر له، وتدميره منزله، ليصطلحا بعد ذلك، أعمر له الأخير منزلًا، وأجرى له كفايته حتى وفاته.
وكان قد سبقه بالتمرد بعامين صلاح بن أحمد، أعلن الأخير من منطقة الطويلة نفسه إمامًا، ثم ما لبث أن آثر هو وأصحابه الاستسلام، وكان جزاؤه أنْ ضرب الإمام المُطهر عنقه، وأمر بأن تبقى جثته في العراء، أما أصحابه فقد ربطت أرجلهم على الجمال، وسحلوا على وجوههم، حتى تمزقت أجسادهم، وتناثرت أشلائهم في الطرقات.
انتهت بوفاة الإمام المُطهر بن شرف الدين رجب 980ه إمامة أسرة شرف الدين، ولم يستطيعوا النهوض من جديد رغم عدة محاولات يائسة، ولم يسلم من ظلم هذا الطاغية أقرب الناس إليه، عزل أبيه، وحارب أخوته، وحبس بنيه، وفيه قال الشاعر حسن بن إدريس:
ماذا نظن بمن ألوى بوالده
حتى أقر له بالطوع والقوَدِ
وحاز أخوته قهرًا فأوردهم
ببطشه مورد الأحزان والنكدِ
نعم وأولاده في السجن خلَّدهم
لما طوى قلبه القاسي على الجلَدِ
يتبع...

الصراع الهاشمي الهاشمي في اليمن

عناوين ذات صلة:

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى