رسالة إلى صديقي..!
محمد أنعم يكتب: رسالة إلى صديقي..!
هذه أول رسالة أبعثها إليك وأنت منذ انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017م، معتكف داخل منزلك، مستسلم، مفرط بكل حقوقك.. ووصلت سلبيتك إلى التفريط بحق مجتمعك وأهلك ومستقبل أولادك.. ولو صارحت نفسك، ستجد أنك لم تحتفظ حتى بالحقوق التي كانت مكفولة للعبيد في روما أيام ثورة سبارتاكوس..
سنوات وأنت ترتجف خوفاً من منولوج محتدم داخلك تخشى أن يوقظ ضميرك كإنسان عاش نصف عمره بحرية وكرامة.. تريد أن تعيش كآلة بلا قلب وبلا هم وطني أو مشاعر انسانية.. سنوات وانت تنتظر ام الجهال أو الوالدة تعود تحمل على ظهرها (صدقة) لتعيش عليها انت واولادك وانت القبيلي العسر.. لم يعد يعنيك حال الناس في حيك ولا مدينتك ولا قريتك ولا وطنك.. تنازلت عن حقوقك كمواطن وقبلت ان تكون مجرد (قرماد) حطب يجري تجفيفه ليحترق في معارك الكاهن.
لقد كنت وامثالك تشغلونا ليل نهار من فساد عفاش.. كنت تستحضر كل القصص البطولية للمسلمين الاوئل وتحكيها بتحمس الثائرين في مجالسنا ومساجدنا.. والبغلة التي لو عثرت سيحاسب عليها الخليفة.. صدى صوتك الجهور عن خطر التوريث في النظام الجمهوري.. عن المواطنة المتساوية.. عن الشراكة الوطنية في السلطة والثروة.. عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.. عن وعن.. وعن فساد النظام الذي يجب ان يسقط لانه المسؤول عن انطفاء الكهرباء ساعتين، وسقوط حمار عبده سعيد في الجبل وتسبب بطلاق بنت فلان من زوجها..
المهم.. طال نومك يا صديقي الجمهوري والمثقف والوطني الغيور.. اعرف انك تشاهد التلفاز وتتابع الاخبار وعضو في اكثر من مجموعة بالواتس وشبكات التواصل.. معقول كل ما يحدث في الوطن لم يعد يحرك ضميرك.. ولم تعد تكترث بمعاناة الشعب وبضياع مستقبل الاجيال.
الحوثيون اغلقوا المدارس.. اغلقوا الجامعات.. اغلقوا المساجد.. اغلقوا البرلمان اغلقوا المستشفيات.. اغلقوا الشركات والبنوك ومنعوا عن شعبنا المظلوم حتى المساعدات.. وانت يا صديقي ساكت.. خاضع وخانع.. جالس تضحك على نفسك.. هل ماتت فيك حتى الغيرة.. غيرة القبيلة.. والغيرة الوطنية والدينية.. ووصل بك السقوط إلى ان تضحي بمستقبل اولادك.. لا اعتقد!!
اذكرك يا صديقي بدعاء الرسول الذي تعوذ من علم لا ينفع، وعين لا تدمع.. اليوم علمك وشهادتك الجامعية صارت مجرد حبر على ورق.. وجالس تحاكي نفسك: نفسي.. نفسي يارب.. اعقل يا صديقي.. ان ما تعانيه ويعاني منه الشعب اليمني هو من فعل الحوثي.. وليس من ايام القيامة حتى تتخلى عن كل من حولك..
صحيح.. نحن نعيش مرحلة يبتلي فيها رجال الوطن ويبان فيها ثبات المؤمن الصادق.. المدافع عن الحرية والكرامة عن المشرعن للمهانة والمذلة والعبودية..
يا صديقي، لا نريدك ان تحمل السلاح.. لا نريدك ان تنتمي للمقاومة.. نريدك ان تكون كما عهدناك.. تقف ضد الظلم والطغيان.. تدافع عن حقوق الضعفاء والمساكين.. تعبئ الشباب تعبئة ثورية وتذكرهم بقول علي بن ابي طالب الذي يدعو من لا يجد قوت يوميه للخروج شاهرا سيفه.. تكلمهم عن الديمقراطية الانتخابات النيابية والرئاسية والمحلية وحرية الصحافة لدحض خرافة الولاية.. تحثهم على التمسك بالدفاع عن المقاصد الشرعية التي اكد عليها الاسلام..
مهمتك يا صديقي، ان تحث الآباء والامهات على حماية اولادهم ممن هم في سن المراهقة من ميليشيات الحوثي التي ترمي بهم إلى محارق الموت.. أن توعي الغوغاء ان اليمن لن يستقر الا بقوة القانون وليس بقوة الميليشيات كما يتوهم البعض..
اليمن بيتنا وساحة نضال لكل الوطنيين الاحرار ولا بد ان يكون لك دور نضالي مواكب لدور البندقية.. اعرف انك قد استلهمت الكثير من الدروس من الخروج الجماهير العفوي للمشاركة في عرس احد الشباب في ميدان السبعين، واتفق معك بان ذلك الخروج عبر عن انفجار وطني من سياسة الكبت، وكشف عن نضوج المقدمات الذاتية للعمل الثوري الذي يجب الاشتغال عليه لفعل وطني عظيم قادر على انقاذ البلاد..
أخيرا.. إن خروجك انت وامثالك من الراقدين في المنازل، كفيل بايقاظ من في الفنادق.. واذكركم ان بعض معتقلي انتفاضة الثاني من ديسمبر في سجون الميليشيات الحوثي تم اطلاق سراحهم، بينما انتم ستظلون في السجن واذا لم تتحركوا، فلن تنالوا حريتكم..
ودمتم