أسباب فشل الدبلوماسية اليمنية خلال السنوات الماضية
همدان العليي يكتب: أسباب فشل الدبلوماسية اليمنية خلال السنوات الماضية
منذ بداية الحرب، واليمنيون يجمعون بأن سفارتنا في الخارج لا تقوم بواجبها على أكمل وجه، وها نحن اليوم نجني ثمار هذه الرخاوة الدبلوماسية الطويلة، لاسيما تلك الموجودة في دول أوروبا والتي لم تمثل اليمن بالشكل المطلوب.
ثمة أسباب كثيرة تسببت في هذا الفشل الدبلوماسي الذريع، لكن أهمها هو عدم تعيين أصحاب الخبرة والقدرة على التحرك، وتحويل هذه السفارات إلى استراحات يقضي فيها بعض السياسيين فترة نقاهة نهاية الخدمة، أو تعيين أقارب وأصدقاء المسؤولين الذين لا يملكون أي خبرة في العمل الدبلوماسي، بل أن بعضهم يجهل متى بدأت حرب الحوثيين على الدولة التي يمثلونها..!
ومن أسباب هذا الفشل، تعيين دبلوماسيين يحرصون على علاقتهم بالحوثيين. بعضهم ليسوا مع الحوثيين لكنهم يخشون على منازلهم وأملاكهم الموجودة في المناطق الخاضعة لسيطرة عصابة الحوثي الإرهابية ولهذا لا ينشطون لصالح الحكومة التي يمثلونها لأن هذا سيغضب الحوثيين. والبعض الآخر بلا موقف، "رجل مع الجمهورية، والرجل الأخرى مع الإمامة الحوثية".
ولهذا لا يعملون بالشكل المطلوب. وهناك نوع آخر، مجرد موظف لكنه بلا قضية.. لا يؤمن بعدالة قضيته، وبالتالي لا يبذل أي جهد لخدمة المشروع الوطني، ولا يهتم بالنصر أو الخسارة. أغلب هؤلاء ممن يؤمنون بمشاريع مناطقية ويجهلون أهمية استعادة صنعاء وصعدة. لكن الأخطر، هم الدبلوماسيون الحوثيون المندسون في السلك الدبلوماسي والموجودون في كثير من السفارات اليمنية في الخارج والذين يعملون لصالح الحوثي من مواقعهم بصمت.
ومن أسباب الفشل الدبلوماسي بحسب دبلوماسيين يمنيين، هو غياب الرؤية الواضحة. يقول أحدهم: "عندما نلتقي بشخصيات حكومية أجنبية، يتم سؤالنا: ماذا تريدون بالضبط؟ لكننا لا ندري ماذا نقول، لعدم وجود أي موجهات لدينا". وبناء على هذا الطرح يمكن القول بأن الخارجية في السابق كانت بلا معطيات ولا بيانات ولا موجهات ولا خطط ولا متابعة وتقييم.
لكن المبرر الأكثر حضورا، هو عدم توفر الإمكانيات لدى السفارات لتنفيذ أنشطة تشبيك وتعريف بالقضية اليمنية، وهذا مبرر نتفهمه للوضع المالي الصعب الذي تعيشه البلاد، لكن من المهم الإشارة هنا إلى أن هذه السفارات قادرة على أن تنفذ أنشطة دون أن تدفع أي تكاليف. وهذه بعضها:
1-الزيارات واللقاءات المستمرة بسفراء الدول المؤثرة في البلد التي يتواجد فيها السفير، مع كل قضية أو حادثة سياسية وحقوقية وإنسانية متعلقة باليمن، والقيام باستعراض أبعاد هذه الحادثة وتبيين موقف الحكومة اليمنية منها.
2-اللقاءات المستمرة بالبرلمانيين وصناع القرار في هذه الدول لاسيما المهتمين بالشؤون الخارجية لتوضيح ما يحدث في اليمن.
3-العمل على التواصل مع وسائل الإعلام في البلد المضيف عند ارتكاب الحوثيين لأي جريمة، أو عندما تتخذ الحكومة قرارات سياسية أو عسكرية سيكون لها دور مباشر أو غير مباشر في تحقيق السلام وإنهاء المعاناة الناتجة عن الوضع الإنساني الصعب.
4-التشبيك مع الصحفيين والناشطين في البلد المضيف وحثهم على الكتابة حول اليمن وتزويدهم بما يحتاجونه من بيانات ومعلومات وتقارير بالإضافة إلى كشف تفاصيل الفكر الحوثي العنصري الإرهابي.
5- تنفيذ معارض صور فوتوغرافية في مبنى السفارة أو في الميادين العامة، بما يساعد على اظهار جرائم الحوثيين ومعانات المواطنين الناتجة عن سياسة التجويع وسرقة المساعدات، ودعوة الجمهور والناشطين والإعلاميين والسفراء والجامعات والمنظمات للحضور.
ولدينا كثير من القضايا والانتهاكات التي يمكن العمل عليها (معرض عن زراعة الألغام، ومعرض عن التهجير، ومعرض عن تجنيد الأطفال، ومعرض عن حصار المدن، ومعرض عن القنص ومعرض عن الانتهاكات ضد النساء، ومعرض عن الانتهاكات ضد حرية التعبير، ومعرض عن آثار نهب المساعدات... إلخ).
6-التواصل مع الجامعات في الدول المستضيفة وإشعارهم بأن السفارة على استعداد تام لتوفير المعلومات والتفاصيل للباحثين المهتمين بالشأن اليمني، أو المشاركة والحضور في أي فعاليات تقيمها الجامعات والمراكز البحثية عن الشأن اليمني.
7- تنظيم لقاءات مستمرة مع الناشطين والصحفيين والجالية اليمنية في الدولة المستضيفة وتنسيق الأعمال والخطط للعمل المشترك بهدف خدمة القضية اليمنية.
8-تفعيل ما يسمى بالدبلوماسية الشعبية داخل أوساط البلد المضيف كما تفعل إيران مستخدمة أتباعها في أوروبا تحديدا.
9-تنفيذ زيارات للمؤسسات الإعلامية والمنظمات في هذه الدول والتشبيك معها.
10-تنفيذ فعاليات ومناقشات عن اليمن عبر برنامج زوم، يتم فيها دعوة مهتمين بالشأن اليمني سواء كانوا سياسيين أو صحفيين أو حقوقيين أو منظمات.
ما سبق، بعض الأنشطة التي يمكن تنفيذها دون الحاجة إلى مال، لكن لا يمكن ذلك إلا بوجود أشخاص يؤمنون بقضيتهم ولا يوجد ما يقيدهم أو يمنعهم من القيام بواجبهم. نحتاج إلى أصحاب قضية لديهم الخبرة الكافية في العمل الدبلوماسي، وليس مجرد موظفين (على الأقل السفراء أو من ينوب عنهم). نحتاج إلى دبلوماسية الحرب..
يقول الباحث والمحلل السياسي حسين خلف موسى: "الحرب والدبلوماسية صنوان لا يفترقان، فكل حرب يسبقها ويتخللها ويتلوها دبلوماسية، وقد يحقق الجنود نتائج باهرة في ميادين القتال، وتخذلهم الدبلوماسية فلا يرقى مستواها لمستوى الأداء القتالي، وقد تنتصر الدبلوماسية وحدها دون إطلاق رصاصة واحدة، إلا أن الحرب وحدها لا تحقق أهدافها دون دبلوماسية مناسبة".
عناوين ذات صلة: