آراء

جهود ومسارات التسوية.. بين تأكيدات السفير السعودي ورفض الحوثيين

فؤاد المنصوري يكتب: جهود ومسارات التسوية في اليمن.. بين تأكيدات السفير السعودي ورفض الحوثيين


ما يزال الموقف السعودي تجاه اليمن واضحا فيما يتعلق بمبادرة السلام السعودية كقضية جوهرية لدى السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية ويتجلى ذلك في حديث وزير الخارجية السعودي الامير / فيصل بن فرحان - في تصريحه الاخير- حول ابعاد المبادرة والذي يعني بفصيح العبارة "إن أي تلكؤ يصدر من اي طرف في التعاطي الايجابي مع مبادرة السلام السعودية يثير مزيدا من الشكوك حول اتخاذ القرار، وان أي دعوة لوقف الحرب وفتح المنافذ والمعابر لا يجوز اخلاقيا وسياسيا وإنسانيا تبرير رفضها أو الاعتراض عليها مهما كانت الذرائع "، كون المبادرة واضحة وهادفة لمعالجة الازمة، وتدعم كل الجهود السياسية التي أجمع عليها المجتمع الدولي، من أجل الانتقال باليمن إلى مرحلة جديدة من السلام والامن والاستقرار والتنمية.
مجددا ووسط خيارات عدة وبين المساعي الدولية الحثيثة وإن كانت من طرف واحد، يؤكد السفير السعودي محمد ال جابر في تغريده له على صفحته الرسمية بتويتر على اهمية وقف إطلاق النار في اليمن وذلك خلال لقاءة يوم امس الثلاثاء بالمبعوث الأمريكي لليمن، ورغم ما ذهب اليه سعادة السفير على المستوى الدبلوماسي الدولي إلا ان الطرف الاخر ما يسمى بالحوثيين لا يزالون في منأى عن الاستجابة لدعوات السفير المتكررة والمنطلقة من خيار المبادرة الموضوعة على طاولة الحوار بإجماع دولي من أجل تحقيق السلام وايقاف نزيف الدم والحرب.
وبعد دقائق فقط من تأكيد معالي السفير محمد ال جابر في اليمن على أهمية إيقاف إطلاق النار، استنفرت جماعة الحوثي طاقتها عبر ادواتها الاعلامية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي للرد على الاجتماع الذي جمع بين السفير والمبعوث الأمريكي لليمن بطريقة ضعيفة واسلوب هزيل، يكشف عبثية التفكير السلالي وافتقادهم إلى المسؤولية الوطنية، حيث عكست تلك الردود رفض جماعة الحوثي، لأي مساعي للسلام متمسكين بمشروعهم الأمامي وطيشاهم السياسي الذي تتم تغذيته من إيران، بغية منهم في الوصول إلى تحقيق أهدافهم الزائفة، دون الاخذ بالاعتبار لأي من الجهود والمسارات الدولية، التي تعمل من أجل تحقيق عوامل السلام والامن والاستقرار في اليمن بشكل خاص والمنطقة عموما.

لعل أبرز الخيارات الاستراتيجية الأكثر توافقا والقريبة جدا من مواقف المجتمع الدولي، تتجسد في الدور الكبير الذي يضطلع به السفير السعودي في هذا الاتجاه والمتمثل في دعم السلام في اليمن ومساندة اليمنيين في إطار أفاق التسويات والحلول، وما يمكن التوصل الية من توافقات يمنية بدعم من دول التحالف، وهذه الخيارات التي لا زالت متاحة وتشكل فرصه غير مسبوقة امام جماعة الحوثيين، تعتبر الطريق الوحيد والخيار الأفضل، إذا ما سارعت جماعة الحوثي للأخذ بها وابداء الرغبة في الجنوح للسلم، بدلا من خيار التمترس خلف الأجندة الإيرانية، وإصرارهم المفروغ منه على محاولة تصعيد القتال في جبهة مارب التي يقطنها ونزح اليها قرابة اكثر من مليوني نسمه من شمال اليمن.

ما يمكن قوله ان مسار التسوية السياسية لا يمكن لها ان تتم بالطريقة التي يراها السفير السعودي ويعمل لأجلها مع جماعة عقائدية تعمل بالوكالة لصالح إيران وترى نفسها بأنها صاحبة الحق الإلهي، غير مكترثة بخيارات السلام التي ذهبت إلى تحقيقها المملكة العربية السعودية وشرعت في تنفيذها على مستوى الأرض والأنسان، وبجهود ومساعي حثيثة ساهمت في انعاش الجانب الاقتصادي والتنموي من خلال دعم وتمويل مئات المشاريع الخدمية بمليارات الدولارات، وبإشراف مباشر من سعادة السفير السعودي والذي في الحقيقة لم يتوقف لحظة واحدة عن العطاء والبحث عن الحلول المجدية وتقديم مبادرات تلو الاخرى للتسويات السياسية الرامية لإحلال السلام بين الأطراف اليمنية المتصارعة.

ليس من صالح جماعة الحوثيين تغييب المشهد السياسي الحالي ولا حتى ما يمكن التنبؤ به من خيارات المرحلة القادمة، مالم تكن جاده في تعاملاتها ومدركة تماما لما قد تترتب عليه الأمور في حال استمرت في تعنتها أمام المجتمع الدولي، وعليها ان تكون قريبة من الحلول وان تضع خيار السلام والمصالحة الوطنية في مقدمة اجندتها، في اطار مبادرة السلام السعودية والتي تصب جهود وتحركات السفير السعودي محمد ال جابر في اليمن نحو تحقيق التوافق على مسار الحوار وبإشراف اممي ودولي إضافة إلى جملة من التعهدات الانسانية وأهمها إعادة الإعمار والتنمية من خلال البرنامج السعودي لتنمية واعمار اليمن.
التجاذبات السياسية التي تقف خلفها أطراف عدة كانت محلية أو دولية والتي تنظر البها جماعة الحوثي على انها بوابة للانتصار، لم تكن مجدية اطلاقا لها أمام خيارات وتوجهات وجهود المجتمع الدولي، ولا يمكن لجماعة الحوثي في هكذا حال ان تستكمل مشروعها الامامي في السيطرة على كافة المناطق اليمنية كما تزعم هذه الجماعة، وعليها ان تعود لرشدها وتتخلى عن اوهامها وطموحاتها والانخراط جنبا إلى جنب مع كافة الاطراف اليمنية في جهود التسوية والسلام.
هذا إذا ما ارادت لنفسها البقاء ضمن المكونات السياسية القادمة وفي إطار القوانين والتشريعات المحلية والدولية، وان لا تنظر الي اليمن كغنيمة تحاول الانفراد بالسلطة عليه، بل عليها ان تنظر إلى اليمن في سيا محيطه العربي واولويات امنه واستقراره، وان اليمن أيضا كدولة أرضا وإنسانا ترفض مشاريع التجزأة والتطرف الديني والعقائدي ولن تقبل الوصاية الإيرانية أو التبعية لمشروع إيران التوسعي أو ان يكون اداة ضغط ضمن سلة إيران التدميرية في المنطقة العربية بل إن اليمن جزءا لا يتجزأ من منظومة العمل الدولية في الشراكة والسلم والحرب، كما هو حال الجارة والشقيقة الكبرى السعودية الأقرب جغرافيا على الارض مع اليمن .

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى