[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
شعر وأدب

ونكظم الغيظ.. لكن كالبراكين (شعر)

قصيدة الشاعر اليمني يحيى الحمادي: نحن المساكين نعفو دون مقدرةٍ .. ونكظم الغيظ.. لكن كالبراكينِ (شعر)


نحن المساكين.. أبناء المساكينِ
لا نشرب الماء إلّا بالسّكاكينِ

أو نأكل الخبز إلّا وهو يعرق من
وقوفنا للتّقاضي في الدّكاكينِ

أو نضمر الجوع إلّا مظهرين به
خلف التّناهيد شيبًا في الثّلاثينِ

أعمارنا رغم طول البؤس ناقصةٌ
نحبو صباحًا ونمسي كالعراجينِ

وأرضنا "وهي أرض الجنّتين كما
قالوا لنا" لا نراها في المواعينِ

ماذا نرى وهي منذ الفتح مزرعةٌ
كلّ المحاصيل فيها للطّواحين!ِ

من حولها حين تؤتي أكلها نفرٌ
مرد التّقاسيم.. صلعٌ كالشّياطينِ

لا نشتكي الجوع إلّا زخرفوه لنا
أو حوّلوا الصّمت من عارٍ إلى دينِ

ونحن في الدّين قومٌ لا اعتراض لنا
لسنا من الله أدرى بالقوانينِ

***

نحن المساكين.. نحن الزّاحفون على
أعصابنا، في البراري والميادينِ

نحن المدانون حتى في مراضعنا
نحن المهانون حتى في الجثامينِ

نحن الحفاة الذين البؤس في دمهم
يسعى مع النّسل من جينٍ إلى جينِ

لا نبصر الفقر عيبًا.. فهو أعجز من
عيبٍ، وأضعف قلبًا للموازينِ

ما جار في الحكم إلّا قال قائلنا:
من ظلم نفسي لنفسي من يداويني!

حتى على الحقد تبدو غير قادرةٍ
أرواحنا، فهو نارٌ، والأسى طيني

حتى مع النّوم.. نمسي ظامئين على
أبوابه.. وهو يرمي بالفناجينِ

حتى مع الحبّ وهو الحبّ تغلبنا
قلادةٌ، من نحاسٍ أو بلاتينِ

لا يسأل الحظّ عنّا.. فهو منشغلٌ
بأهله في السّرايا والدّواوينِ

ويلٌ لنا إن رغبنا في زيارته
أو ذكره، فهو وقفٌ للملاعينِ

والويل إن زار أقسى، فهو أوّل من
يحثو ترابًا علينا بعد (ياسينِ)

***
نحن المساكين.. نحن الكادحون على
أوطاننا، بالضّحايا، والمساجينِ

وهي التي حين تشفى لا تبادلنا
حمدًا بحمدٍ، وآمينًا بآمينِ

لكنّها حين تكوي الحرب جبهتها
تقتادنا من قفانا كالقرابينِ

والجوع في الحرب أو في السّلم لادغنا
ما أشبه الجوع لدغًا بالثّعابينِ

لكنّنا اليوم أولى بالنّفير إلى
جعل القوانين ظلًّا للمضامينِ

لن نمنح العبد شبرًا فوق رتبته
أو نخفض الرّأس حتى للنّياشينِ

أو نرحم اللّصّ إلّا باستعادة ما
في كفّه، بعد سلخٍ للشّرايينِ

أو نكتب الشّعر إلّا ضاربين به
بين اليرابيع سدًّا والشّياهينِ

ما الشّعر إلّا رصيف التّائهين، وما
أصحابه غير سربٍ من عناوينِ

***
كن عاقلًا ما استطعت الآن يا قلقي
إنّ المجانين أدرى بالمجانينِ

لن نعلن اليأس.. إلّا واثقين به
لا شيء كاليأس يأتي بالبراهين

ولن نرى أنّ فردًا باستطاعته
قهر الملايين إلّا بالملايينِ

لا بدّ للقهر مهما طال من أمدٍ
سلطانه للضّحايا، لا السّلاطينِ

نحن المساكين.. نعفو دون مقدرةٍ
ونكظم الغيظ.. لكن كالبراكينِ

صفحة الشاعر

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى