مقالان من أرشيف 2008
عادل الأحمدي يكتب على هامش تطورات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا: مقالان من أرشيف 2008
بالأمس، قبل 14 عاما خلال أزمة جورجيا، كنت متحمساً أكثر لعودة التقاطب العالمي، لكنني اليوم حزين حقاً على أوكرانيا، ومتفهم لدواعي الروس في هذا التدخل الصارم حتى لا يغدو الجار الاوكراني نسقاً أوّلَ لأعداء موسكو.
بودي لو أن رئيس أوكرانيا يقول لنفسه في هذه الأثناء: لا يكفي أن تكون فناناً شجاعاً كي تجنّب بلدك عراك الدببة والفيَلة.. جارك أولى بك وأنت أولى به.
الروس عائدون!!
عادل الأحمدي
صحيفة الناس 31، أغسطس 2008
أيها الناس: رمضان كريم وكل عام وأنتم تلامسون المزيد والمزيد من أدوات الاستنتاج السليم في غمرة المتغيرات التي لا تترك لأحدنا الفرصة في التقاط الأنفاس والتقاط الأفكار..
واضح أن النزاع الدائر في جورجيا بين الدب الروسي وحلف الناتو يمهد وبقوة لخلط أوراق اللعبة الدولية من جديد وإعادة شيء من التوازن للمشهد العالمي الذي استفردت به الولايات المتحدة الأمريكية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي نهاية 1991.
ويبدو واضحاً أن الروس مصرون على تكوين سحائب جديدة لحرب باردة أهم نتائجها في رأيي أنها ستؤدي إلى تخفيف القبضة الأمريكية على المنطقة العربية ويبدو هذا جلياً من خلال خفوت التصريحات الصادرة من البيت الأبيض بخصوص بعض القضايا والمشاكل في منطقتنا العربية.
إلى ذلك فإن الرياح الأمريكية أساساً كانت متجهة نحو أفريقيا وهو ما استوجب أن يقف الأمريكيون لتصعيد مرشح رئاسي من أصول أفريقية هو السيناتور باراك أوباما الذي يراد له أن يكون الصنارة التي يصطادون بها نفائس الماس الأفريقي ويسيطرون على نفط الصحراء الكبرى وأخشاب الغابات الاستوائية.. والأمريكان ماضون بتخطيط دقيق باتجاه هذا الهدف الذي يتنافسون فيه مع التنين الصيني ويزيحون الديك الفرنسي الذي كان الأسبق في الدخول إلى القارة السوداء..
سبق وأن أشرنا في نفس هذا المكان قبل أشهر إلى ملامح وخلفيات هذه الاستراتيجيات العالمية الجديدة وتطرقنا إلى أن اليمن بسبب هذا التدافع الدولي باتجاه أفريقيا يمكنها لعب دور تحصد من خلاله الكثير من المصالح وذلك بسبب حرص الصينيين واليابانيين على أن تكون اليمن بوابة انطلاقتهم لمزاحمة الولايات المتحدة وفرنسا في أفريقيا، وعليه فإن واشنطن تمارس ضغوطاً شتى على صنعاء أملاً في سد الأبواب على الصينيين.. علماً أن الأمريكان لا يهبون اليمن أية امتيازات مادية مقابل عدم استفادتها من بكين!
الآن، تأتي المشكلة الجورجية لتبعثر الاهتمام الأمريكي وتربك الكثير من حساباته الجشعة.. وفي هذا خير كثير للبلدان المستضعفة التي عانت الأمرين جراء النظام الدولي الجديد.. وحيد القرن!!
الجمهورية اليمنية والدول العربية بشكل عام بحاجة إلى مد جسور التعاون مع روسيا وهذا ما هو حاصل الآن بأنماط شتى أغلبها سرية أملاً في إحداث توازن من نوع ما.. وهذه هي طبيعة السياسة والحصيف هو الذي يلتقط الفرصة في وقتها المناسب.. وهكذا يدفع الله الناس بعضهم ببعض.
في الأسبوعين الماضيين حدثت في اليمن تطورات نوعية بشأن الانتخابات لكن سفارة واشنطن وملحقاتها من هيئات ومنظمات تلفعت بصمت القبور، ولم تنبس ببنت شفة.. هذه هي إحدى تجليات الوضع الجديد الذي يتزامن مع فترة انتقالية تعيشها السياسة الأمريكية ريثما يتمكن بوش الابن من جمع “عفشه” لمغادرة البيت الأبيض ومجيء الرئيس الجديد الذي تقول أغلب المؤشرات أنه سيكون أسمر اللون.
سيغادر بوش الابن غير مأسوف عليه.. هذا لأن الولايات المتحدة تحولت في عهده إلى “وحش عضلاته أكبر من عقله”.. يحاول الجميع اتقاء شره بكل الأساليب ويضمرون له في باطنهم لعناً كبيراً!!
_____
روسيا اليوم .. خطاب مختلف!!
عادل الأحمدي
صحيفة الناس 21 سبتمبر 2008
احتمال وارد أن ينتبه العرب لطبيعة التغيرات الحادثة في عالم اليوم في وقت متأخر.. أحداث جورجيا أربكت الأمريكان وأظهرت أن الروس استغلوا انشغال واشنطن بملف العراق وأفغانستان والقاعدة لإعادة بناء أنفسهم من جديد..
الخميس الماضي صادف الذكرى السابعة لأحداث الـ(11) من سبتمبر على مانهاتن وجزء من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وهو ما عمدت قناة "روسيا اليوم" الإخبارية على فتح ملفاته الغامضة وإعادة النظر في الأطروحات الأمريكية القائلة بأن القاعدة وابن لادن يقفان وراء تلك الهجمات.
تبذل قناة "روسيا اليوم" جهدا إعلاميا جديدا ومدروسا باتجاه إزاحة الهالة الكبيرة التي رسمها الأمريكان حول أنفسهم وتعمل على تخفيف حالة الهلع من النسر الأمريكي الذي تبدو مخالبه الآن أقل حنكة من مخالب الدب الروسي الذي خرج من بلاد الثلج بعد بيات شتوي ليس بالطويل.
وباتجاه إعادة التوازن المطلوب بين قطبي الأمس وقطبي اليوم "روسيا وأمريكا" بدأت الأولى في رسم تحالفات إعلامية مع إيران بغرض زيادة الضغط على أمريكا في الوقت الذي تدرك فيه أن تعاملها مع طهران يجب أن يكون محدودا حتى لا تخسر العرب الذين يعبرون بشكل واضح عن انعدام ثقتهم بنوايا طهران تجاه المنطقة العربية فضلا عن مؤشرات التعاون الخفي بين طهران وواشنطن في كثير من الملفات من بينها العراق وأفغانستان وإن كان الطرفان مختلفين على نسبة كل واحد منهما من كعكة صدام!
وغني عن الذكر أن العرب في الوقت الحالي لا يمتلكون مشروعا ولا يمثلون قوة، وهم في هذه الحالة محتاجون لوجود توازن دولي جديد يخفف القبضة الأمريكية عنهم على عكس ما ذهب إليه الرئيس السوري بشار الأسد قبل أكثر من أسبوع حينما ذهب إلى أن حدوث حرب باردة جديدة سيكون على حساب منطقة الشرق الأوسط!!
الآن بدأت واشنطن تستقبل سفراءها المطرودين من الدول بدءا ببوليفيا ثم فنزويلا فيما قناة الحرة الفاشلة تركز إعلامها وخطابها على دارفور بطريقة لا تخفي سيلان لعاب أمريكا على نفط دارفور والصحراء الكبرى عموما.
على عملاء الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن وفي غير اليمن أن يخففوا من حماستهم كثيرا ذلك أن الروس عائدون – وبقوة – هذا بعد أن تخلصت روسيا من كل العوائق التي كانت تحول دون تعملقها أيام الاتحاد السوفييتي.
اقرأ أيضاً: حرب أوكرانيا – روسيا توسع هجومها وتتبادل وقف الرحلات مع أوروبا