آراء

يوم المسند اليمني.. أينا أحق باستدعاء ماضيه

عبدالله اسماعيل يكتب في يوم المسند اليمني.. أينا أحق باستدعاء ماضيه


تستدعي السلالة اسوأ ما في تاريخها، وتستجلب خرافات التاريخ وأحقاد الماضي. تتكئ على تفسيراتها العنصرية للدين، وتفرض مروياتها المزعومة المتنافية عقلا وشرعا وضرورة مع مقاصد ديننا الإسلامي الحنيف والمبادئ البشرية السامية التي تجعل المساواة على رأس قائمة القيم الإنسانية المتفق عليها.
تُصر هذه السلالة على فرض التفاضل والتمايز العرقي والطبقي بين اليمنيين، وهدفها من كل ذلك: إذلال وسحق الشخصية الحضارية للإنسان اليمني، في محاولة مستمرة لم تتوقف لتبرير خرافة الحق السماوي في الحكم، وتضليل الناس لتركيعهم لمشروعها وسرقة حقوقهم أو تهجيرهم أو قتلهم.

على امتداد مسيرة العصابة الآثمة حتى ابغض تجلياتها اليوم، لم يأت أي كاهن بجديد او فكر قادر على التعامل مع الواقع، وتلبية احتياجات التطور، ولم تتغير مبررات اعلاء قيمة الهدم والقتل والتحريش، بل ظلت تلك المنطلقات الماضوية العنصرية وسيلة الكهنوتيين لضرب استقرار اليمنيين وتعايشهم، وآلة مدمرة لتحويلهم إلى عبيد وبيادق وأدوات دمار في مؤامراتها بعدما كانوا أهل تجارة وصناعة وحرفة وحضارة وعلم وفن.

ولإن هذه الجريمة لا يمكن أن تتحقق إلا في بيئة مظلمة قائمة على الجهل والتخلف، عمدت السلالة ولا زالت لاستهداف حضارة اليمنيين ومحو هويتهم وإبادتهم ثقافيا بحسب تعبير الكاتب اليمني همدان العليي في كتابه الجريمة المركبة، فدمرت مآثرهم، واخفت أو اعدمت نتاجهم الفكري، ودمرت مدارسهم وأحرقت مكاتبهم وجوعت علمائهم، واجتهدت لربط تاريخهم ببداياتها، وكأن اليمني لا يمتلك تاريخا أو اسهاما حضاريا. بل يربطون النجاة في الدنيا والآخرة بالولاء لهم والعبودية لعرقيتهم وامتلاك رقاب الناس في بلادهم.

في وجه هذه الكارثة المتكررة، تتعاظم ضرورات مشروع الاستنهاض الحضاري، ويتأكد واجب استعادة اليمني لذاته ومكانته، وايمانه باسهامه الوازن في كل مراحل التاريخ، وقدرته على تحقيق الاعجاز، إذا انطلق من اسسه الحضارية الصلبة، وادراكه العميق لطبيعته القادرة على إحداث الفرق والانجاز.

إن عودة اليمنيين إلى ماضيهم القريب والبعيد، واستحضارهم لعبر التاريخ ودروسه، واستلهامهم لعظيم ارثهم الفكري والمادي، ليس هروبا من واقعهم، بل جهد جمعي لمواجهة الاستعداء السلالي، الذي يفرض عليهم غوصا عميقا وقراءة واعية لتجاربهم لالاف السنين، واستدعاء ذكيا لكل ما يعيد للروح اليمنية ايمانها بذاتها، وقدرتها على التحكم في مصيرها وصناعة مستقبلها، بعيدا عن خرافات السلالة القاتلة.

تلك المهمة العظيمة كانت حاضرة في أكثر من منعطف تاريخي من صراع اليمنيين مع الفكر العنصري، وكانت وسيلة اليمنيين الأكثر تاثيرا لمجابهة التغول الكنوتي، والملفت أن رموز ذلك الاستنهاض خلال ألف عام من الصراع، شخصيات لم تجد تناقضا بين مهمتها وبين الدين، بل وجدت أن انتصارها لهوية اليمني وتاريخه باعتبار ذلك جزءا من نصرتها للدين وتنزيها لسماحته ونقاءه من ادعاءات السلالة وعبثها.

وأخيرا ونحن نحتفل بيوم المسند اليمني، وتتضافر الجهود لنبش بعده الحضاري، وما نتج عن ذلك خلال سنوات قليلة من كشف لأسراره واثره على اللغة العربية وكتابتها، وابداع اليمني في تكوينه وتشكيله وتطويره، ودوره في حفظ تاريخ اليمنيين ومآثرهم واساليب حياتهم، يقدم دليلا مهما يؤكد ضرورة استعادة ايجابيات الماضي، لتتعزز شخصية الحاضر، لمواجهة الاستعداء السلالي والبناء للمستقبل.

نستدعي الماضي لنستفيد ونبدع ونبني ونعلي قيم العدل والمساواة، وتستدعي السلالة ماضيها لتفسد وتهدم وتنشر التخلف والعبودية.. فاينا أحق باستراجاع ماضيه؟!

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: بالفيديو والصور – المسند اليمني يزين الصفحات والجدران وأكف الجميلات

زر الذهاب إلى الأعلى