مقبل التام الأحمدي.. لا تقوضوا أعمدة قصر غمدان مرة أخرى
مقبل التام الأحمدي يكتب عن مقبل التام الأحمدي لا تقوضوا أعمدة قصر غمدان مرة أخرى
منشور يتيم رأيته قابعا في حياء على صفحته في الفيس بوك وبعض التبريكات المحتشمة والسريعة مكتوبة في خانة التعليقات أو معلقة على صفحة زميل أو زميلين له، هذا هو كل ما وجدته من صدى خبر تشريف سوريا لأخينا وصديقنا وزميلنا الحبيب الأستاذ الدكتور: مقبل التام عامر الأحمدي باختياره عضوا في واحد من أهم المجامع اللغوية وأعرقها وأشدها حرصا على اللغة العربية وعلى العلمية، أقصد بذلك مجمع اللغة العربية في دمشق الذي شرف اليمن واليمنيين باختيار الدكتور مقبل عضوا فيه ولم يشرفه وحده بذاك.
لقد امتلأت سعادة بذلك القرار الذي لم يحظ به من اليمنيين قبله سوى أستاذنا الدكتور: عبد العزيز المقالح الذي صار لنا رمزا ثقافيا عابرا للحدود والبلدان، ولكنني امتلأت حسرة على قتلنا المعنوي دوما لكل من يصعد نجمه منا، فيعترف به الآخرون ولا نعترف به نحن.
لقد بعث هذا الحدث الذي يفترض أن يكون عزيزا على كل يمني شجونا كثيرة وأفكارا مماثلة شتى؛ فقد تذكرت كيف شكا ابن بسام في مقدمة كتابه الذخيرة ظلم علماء الأندلس ومؤرخيه لأبناء جلدتهم من المبدعين والكتاب الأندلسيين الذين لو لاقوا الاعتراف والإنصاف في بلدهم لفاقوا في إبداعهم وكتاباتهم ما خلفه المشارقة في ذلك، ولكنهم كانوا مسكونين -كما نحن- بعقدة الأجنبي وبالشعور الدائم بالتقزم والانسحاق الذاتي أمام الآخر؛ الأمر الذي جعل كثيرا من المبدعين والكتاب والعلماء منهم يرددون قول القائل:
"وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند"،
وهذا، للأسف، هو حالنا نحن اليمنيين، مهزومون من الداخل؛ لذا لا نعترف لأي منا بما بلغ من مكانة علمية أو أدبية أو فنية ولا نحتفي به إذا صار شيئا مذكورا كما يفعل المصريون على سبيل المثال؛ فلو فتشت في مؤلفات وصحافة وإعلام هذا القطر الأقرب إلى قلوبنا، لوجدت كيف يكبرون من يصل إلى عضوية المجمع اللغوي في القاهرة إلى الدرجة التي تجعلك تشعر أن الانتماء إلى المجمع أهم وأرقى من الانتماء إلى المؤسسات العلمية والأكاديمية في المدارس العليا والمعاهد والجامعات، ولا بد أنه يحضرك الآن أحمد لطفي السيد وعباس محمود العقاد وأحمد أمين وطه حسين وشوقي ضيف وغيرهم من الأسماء التي ترأس أصحابها المجمع أو كانوا أعضاء فيه.
لقد رأى المصريون وغيرهم مجامعهم اللغوية كبيرة ومهمة جدا فرأوا كل من يشرف بالانتماء إليها كبيرا جدا ومهما جدا؛ لأنهم يعون دور هذه المجامع في رسم تصورهم للحياة، بل في عيشها؛ فليست هذه المجامع للتزين والافتخار، بل هي المسؤولة الأولى عن توليد ما به تفهم حياتنا المعيشة المعاصرة، ولكن غياب هذا الفهم عن وعينا هو الذي يؤدي بنا إلى عدم إحساسنا بأهمية أن يصير الدكتور مقبل الأحمدي مثلا عضوا في المجمع العلمي اللغوي في دمشق وإلى عدم الاحتفاء الكبير بالحدث، لذا ظل خبر تعيينه هامشيا ومهمشا في إعلامنا وكتاباتنا واحتفاءاتنا وتداولاتنا اليومية، والسبب يعود إلى أنه منا وينتسب إلى آل البيت اليمني؛ فلا حظ له في اعترافنا به ما دام منا وما دام ليس غريبا عنا حتى لو بلغ مكانة الكبار الكبار.
لقد تأخرت، فعلا، في تهنئتك دكتور مقبل، ولتتقبل مني كل التهاني والتبريكات بهذا الارتقاء العلمي لا السياسي ولا الإداري؛ فإذا كان ارتقاء المناصب السياسية أو الإدارية مما يمكن أن يتربع عليها من لا يستحقها في الغالب الأعم عندنا، فارتقاء درجات العلم الحقيقي والجاد لا يمكن أن يصعدها إلا ذوي الهمم وذوي الاستحقاق في الغالب الأعم.
مجددا أبارك لك هذا التشريف العلمي الكبير وأشاطرك الفرحة بهذا التتويج، ولينفع الله بك في هذا الصرح كما نفع وينفع وسينفع بك في صرح معجم الدوحة التاريخي للغة العربية وفي صرح ترسيخ الهوية الثقافية اليمنية التي نذرت لها حياتك منذ رسالة الماجستير وحتى هذه اللحظة.
اقرأ ايضاً على نشوان نيوز: الدكتور مقبل التام الأحمدي في حوار: عملت على إحياء التّراث العربي باليمن