خطاب الرئيس العليمي بالأمم المتحدة: لائحة مبادئ
عمار القعطبي يكتب عن خطاب الرئيس العليمي بالأمم المتحدة: لائحة مبادئ
(مواجهة الظروف السياسية والاقتصادية والمناخية الصعبة التي يمر بها العالم تستلزم من الجميع ابتكار الحلول المناسبة باعتماد آليات حديثة لمقاربة التحديات وإنهاء معاناة البشر وفي المقدمة منها معاناة الشعب اليمني)..
بهذه الكلمات استهل فخامة الرئيس رشاد محمد العليمي خطابه الذي ألقاهُ في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين. وهو استهلال عميق الدلالة أراد فخامته من خلاله التشديد على المجتمع الدولي بضرورة التخلي عن انتهاج الطرق التقليدية في إدارة عملية السلام باليمن وابتكار طرق جديدة لصناعة سلامٍ عادل ومستدام.
وقد أشار الرئيس إلى أن ذلك السلام العادل والمستدام هو ذاته الذي يطمح اليه الشعب اليمني وتعمل الحكومة الشرعية على تحقيقه تلبيةً لتطلعات اليمنيين وحرصاً على تثبيت استقرار دائم في كافة ربوع الوطن الأمر الذي دفع بالحكومة لإعادة تصحيح المؤسسات السياسية بما يخدم ذلك الهدف ويهيئ الأجواء لمباحثات سلام حقيقي قدمت الدولة لأجله الكثير من التنازلات.
عند نهاية الفقرة السابقة من خطاب الرئيس يتوقف المتابع مترقباً الموقف الحوثي من تلك الجهود والتنازلات التي بذلتها الحكومة وكل ما يتوقعه هو تكون قد اثمرت في إقناع المليشيا للدخول بمصداقة في حوار يفضي الى السلم المنشود، لكن الحقيقة التى ضمنها الرئيس في الفقرة التالية تكشف من أي زاوية ينظر الحوثيون للحوار، إذ يوضح الرئيس فيها بأن تجارب الحكومة مع الحوثيين في المشاروات السابقة قد اكسبتها الخبرة الكافية لفهم نوايا ومطامع المليشيا من أي حوار يكونون طرفاً فيه فهم لا يشاركون في مشاورات السلام من أجل تحقيق السلام، بل من أجل تعطيل قرار الحسم، وكسب المزيد من الوقت لترتيب أوراقهم ونهب الموارد وإهدار الحقوق والحريات.
من كل ما سبق يستشف المتابع خطاباً مترابطاً لقائدٍ لديه من الحنكة السياسية والخبرة الدبلوماسية ما يكفي لفضح حقيقة المليشيا وكشف نواياها، وبالتالي بلورة رؤية جديدة لتعامل المجتمع الدولي والوسطاء معها على أساس الوعي الدقيق بها كجماعة ضبابية تناقض نواياها وافعالها ما تصرح به في الإعلام، لذا فقد حملت بقية أجزاء الخطاب مضامين واضحة شكلت في مجملها رؤية متكاملة لصناعة السلام والخروج بوثيقة نهائية تضع نقطة النهاية لجولات الصراع الطويل، ولتجنب تكرار الفشل في إدارة عملية السلام يجب الاخذ بالاعتبار كل النقاط التي طرحها فخامته والتي يلخصها المتابع بسهولة في ما يلي:
١- السلام المستدام يجب ان يتأسس على المرجعيات الثلاث المتفق عليها وطنيا واقليميا.
٢- السلام المستدام يستوجب ضرورة توفر الضمانات الكافية لتحقيقه.
٣- السلام المستدام يجب ان يقوم على العدالة، والانصاف، ومعالجة آثار الماضي، والقضايا الرئيسية العالقة ذات البعد الوطني.
٤- السلام المستدام يتطلب إجراءات لبناء الثقة ينبغي ان تكون قادرة على تحقيق نتائج ملموسة وفورية لتخفيف معاناة الشعب اليمني، وان يستفيد منها ضحايا الصراع وليس قيادة المليشيات المسلحة وفي المقدمة النساء والأطفال.
٥- السلام المستدام يلزم الاحتكام للشرعية الدولية.
٦- السلام المستدام يجب أن يعني الشراكة الواسعة دون تمييز او اقصاء، والتأسيس لمستقبل أكثر اشراقا.
هذه هي الرؤية التي شكلت جوهر خطاب الرئيس والتي سردها بعد أن أشاد بدور المملكة العربية السعودية وعمان في إخصاع الجماعة الحوثية للحوار من أجل السلام مؤكداً أن ذلك هو الهدف الرئيس الذي تسعى إليه الحكومة الشرعية غير انها ليست على استعداد لتقديم المزيد من التنازلات لأن هدف الحوثيين من الحوار ليس إلا اقتطاف المزيد من التنازلات وكسب المزيد من الوقت وليس هدفها صناعة سلام.
وغير بعيد عن البنود التي لخص الرئيس فيها رؤيته فقد حمل الخطاب رسائل كثيفة دعا فيها المجتمع الدولي إلى تبني موقف حازم وحاسم تجاه الملف اليمني لتفادي أخطار إن حدثت فلن يكون من السهل إيقافها ومنها إمكانية أن تتحول اليمن إلى بؤرة للمنظمات الإرهابية التي يدعمها النظام الإيراني ويسخدمها في زعزعة الاستقرار الاقليمي والملاحة البحرية وما يحدث ذلك من تبعات على الاقتصاد والسلام العالمي. كما اشار إلى تبعات الحرب على اليمن شعباً وحكومة ودعى الى ضرورة دعم الاقتصاد اليمني من أجل أعادة بناء الثقة بين الشعب وحكومته والاهتمام بالملف الانساني في ظل استمرار الصراع.
وبالنظر بعين المحلل إلى خطاب الرئيس بشكل عام فأن الخطاب يمكن اعتباره كدليل إرشادي للمتجمع الدولي إذا ما أراد القيام بدور فعال عملية إحداث السلام.
أما بالنظر للخطاب بعين المتابع اليمني البسيط فيبدو كلائحة من المباديء التي تعتمدها الحكومة من أجل تحقيق تطلعات الشعب اليمني كاملة دون نقصان وأن المزيد من تقديم التنازلات للحوثيين يعتبر تخلياً منها عن أحلام وتطلعات الأمة وهذا غير وارد.