دراسات وبحوثرئيسيةعلوم و تكنولوجيا

حول تعريب مفردات الفيزياء والاخطاء الفادحة

حول تعريب مفردات الفيزياء والاخطاء الفادحة: دراسة تستعرض أبرز الأمثلة في وقوع أخطاء الترجمة - د. مصطفى بهران


تعريب المصطلحات والصيغ العلمية عن الانجليزية أمر جديد نسبياً، منذ الخمسينات تقريباً، وأشتهر في هذا مجمعا اللغة العربية في كل من مصر وسوريه وبينهما خلافات واختلافات، ومؤخرا دخلت دولة قطر على الخط بشكل إيجابي من خلال اهتمامها المعاصر بقضايا اللغة العربية من خلال مشروع معجم الدوحة القائم حالياً!

إذن، لا شك أننا سنجد تباينات في ترجمة العلوم إلى العربية وخاصة الفيزياء، فعلى سبيل المثال اثناء بداياتي الفيزيائية كتلميذ في جامعة صنعاء شدني التباين في ترجمة مصطلحات عديدة مثل مصطلح spin ما بين الترجمة السورية "برم" والمصرية "دوران مغزلي"، ومثال أخر مصطلح momentum ما بين "كمية حركة" لدى المصريين و "زخم" لدى السوريين، ويميل كاتب هذه السطور أإلى أن الترجمة المصرية أصح وأقرب للفهم من قبل التلاميذ العرب!

المشكلة اليوم ان عدد ممن يعربون مصطلحات الفيزياء عموما والفيزياء خصوصا (وهم مشكورون على كل حال لمحاولاتهم) يقعون في اخطاء لغوية فادحة تنتهي بتناقض حاد ما بين الهدف من التعريب ونتيجة تعريبهم، ماذا اعني؟

الهدف من التعريب هو جذب اكبر كم من الناطقين بالعربية نحو الفيزياء وتسهيل فهمها وخاصة الدارسين لها ممن لا يجيدون الإنجليزية، وهذا أمر ايجابي وعظيم، ولكن عندما تكون الترجمة أو يكون التعريب خاطئاً أو غير متسق مع اللغة العربية تكون النتيجة كلمات أو مفردات تتسبب في ضياع المعنى الفيزيائي وتعرقل الفهم وتعيقه وهذا مناقض للهدف.

فحين يقرأ الطالب بعض هذه الترجمات يجدها بلا معنى أو تعطيه معنى لا يتوافق والمقصود منها، فمثلاً نجد أن الفارق في المعنى اللغوي لمفردتي لف ودوران كبير فاللف لا يكون حول الذات في حين أن الدوران الذاتي ممكن وعليه لا يصح استخدام مفردة لف لترجمة كلمة spin وهي صفة ذاتية للجسيمات، ويصح استخدام دوران لان الفعل الثلاثي دار يصح ان يكون ذاتياً في حين أن الفعل الثلاثي لفّ لا يكون إلا حول شيء أخر فيما يشبه الطواف أو بمعنى يلف الشيء حول شيء أخر وهكذا، وبالمثل لا يجوز استخدام كلمة برم وذلك لان الفعل الثلاثي برم يعني لف أو فتل وعليه لا يكون البرم ذاتياً وسأعود لهذا في ال أجزاء لاحقة.

وفي حلقات يعيد نشرها نشوان نيوز قد تتابع أو يفصل بينها كتابات اخرى (ولكنها سوف تستمر مع الوقت)، سأتعرض، يقول الكاتب لترجمة عدد من المصطلحات الفيزيائية بغرض لفت عناية المترجمين والمؤلفين بالعربية لمادة الفيزياء من أجل الوصول إلى الهدف المرتجى وهو توصيل المعلومة الفيزيائية إلى الناطقين بالعربية بشكل صحيح لغوياً وفيزيائياً!

كمي أو كمومي كترجمة لـ (quantum):

منذ بداياتي مع ميكانيكا الكم كتلميذ ثم كاستاذ للمادة في جامعة صنعاء لسنوات طوال اعتمدت على قواعد اللغة العربية (بحسب فهمي لها) في تصريف الصيغ المختلفة للكلمات انطلاقاً من المادة اللغوية التي غالباً ما تكون الفعل الثلاثي، بما في ذلك ما يتعلق بكلمة "كم" أو "كمية" وهي ترجمة للمصطلح quanta، وبالتالي تكون صيغة "ميكانيكا الكم" أو "الميكانيكا الكمية" هي الترجمة الصحيحة لمصطلح quantum mechanics ، ولكن ظهرت في الساحة صيغة لم اعرف عنها إلا بسبب الفيسبوك فهي متداولة إلى حد كبير مع أنها صيغة تخرق قواعد اللغة العربية و لا تعطي المعنى الفيزيائي الصحيح للمصطلح، اتحدث هنا عن صيغة "كمومي" أو "كمومية" بدلاً عن "كمي" أو "كمية"، وهي صيغة غريبة وغير صحيحة لغةً وفي معناها الفيزيائي! كيف؟

تعالوا نفندها لغةً:

* "كمْ" مع تسكين الميم بدون تشديد هو اسم ثنائي مبني على السكون يفيد معنى العدد أو الكمية وهذه الأخيرة مشتقة منه أساسا، وبالتالي يكون استخدام صيغة ميكانيكا الكم أو الميكانيكا الكمية صحيح لغةً وصحيح في معناه فيزيائياً في آن واحد، وليس للاسم "كمْ" تصريف أو اشتقاق بصيغة كمومي أو كمومية!

* "كمَّ" مع نصب وتشديد الميم هو فعل ثلاثي (كمَمَ): كَمَّ، كَمَمْتُ ، يَكُمّ ويَكِمّ ، اكْمُمْ / كُمَّ واكْمِمْ / كِمَّ ، كَمًّا وكُمومًا ، فهو كامّ ، وكمومي، والمفعول مَكْموم ..الخ، ومنه أيضاً الكِمَامة التي استخدمناها كثيرا بسبب كوفيد ١٩، وعليه فإن صيغة كمومي مشتقة من فعل التكميم وليست مشتقة من اسم الكم، وبالتالي يكون معنى صيغة "ميكانيكا كمومية" لغةً هو ميكانيكا الكتم أو الستر أو الإخفاء أو الاسكات ويصح استخدام المصطلح لوصف السياسات الديكتاتورية مثلاً ولكنه لا يصح اطلاقاً لوصف ميكانيكا الكم!

* ربما يسأل البعض لماذا أركز على هذا المصطلح بالذات مع أن هناك ترجمات خاطئة لمصطلحات علمية كُثر، والإجابة هي أن ميكانيكا الكم ذات أهمية خاصة في فيزياء اليوم من جهة وهي قريبة الى القلب كثيرا من جهة أخرى، ثم أن الأمر خاطئ ومعوجٌ ومزعجٌ وبحاجة إلى استقامة وتصحيح ويتداوله الناس بشكل مستفز للغة ولفيزياء الكم معاً! ولذلك اتمنى من جميع الفيزيائيين والفيزيائيات العرب عدم استخدام كمومي لوصف ميكانيكا الكم فذلك ضد كل من اللغة والفيزياء في نفس الوقت، ولهم ولهن أجمعين خالص التحية!

 

كمية الحركة أم زخم كترجمة لـ (momentum):

الـ (momentum) في قاموس اللغة الإنجليزية يعرّف بأنه (the quantity of motion) أي كمية الحركة، ويستخدم هذا المصطلح بين الناس ليدل على حالة التقدم إلى الأمام وشدته لأمر ما، مثل القول بأن الشركة حققت أرباحاً سنوية ممتازة وتنظر قدما لاستمرار كمية الحركة هذه، وفي الفيزياء الكلاسيكية هو مقياس لحركة الأجسام من حيث سرعتها وكتلتها معاً بتناسب طردي في الحالتين، وفي فيزياء الموجات هو مقياس للحركة يتناسب عكسيا مع الطول الموجي.

وفي الفيزياء الحديثة لا يَشترط وجود كتلة كحال الفوتون مثلاً، وهذا المقياس جوهري في التفاعلات المتبادلة (interactions) بين الأجسام سواء في العالم الكبير (الفيزياء الكلاسيكية ) أو في العالم الصغير (الفيزياء الحديثة) إذ يمكن النظر إلى هذه التفاعلات المتبادلة باعتبارها انتقالات لكمية الحركة من طرف في التفاعل المتبادل إلى طرف أو اطراف اخرى. وهذا المقياس يأتي على شكلين خطي وزاوي، وعلى ذلك نجد أن هذا المقياس هو كمية جوهرية في الفيزياء عموماً وكمية محفوظة بسبب التماثل (symmetry) الخطي أو التماثل الزاوي!

دعونا الان نرى ما هي الترجمة المناسبة لمصطلح (momentum) إلى العربية:

* مصطلح (momentum) في معناه الفيزيائي يتناسب لغةً تماما مع الصيغة "كمية الحركة" وهي ترجمة لمعناها في قاموس اللغة الإنجليزية كما جاء أعلى هذا، وتعطي صيغة "كمية الحركة" المعنى الفيزيائي بشكل ممتاز بل وكأنها تساهم في فهم المعنى الفيزيائي، حتى أنني عندما ادرس هذا المفهوم للتلاميذ الناطقين بالإنجليزية استخدم ما يقوله القاموس فاقول عنه بالإنجليزية بأنه (the quantity or the amount of motion) وبالتالي أرى أن هذه الترجمة هي الترجمة المناسبة السهلة البسيطة والصحيحة، وهي فعلاً متداولة بين دارسين الفيزياء العرب إلى حد جيد!

* هناك ترجمة اخرى متداولة بين الدرسين العرب وهي "الزَخْم"، وأساس استخدامها هو أنها تتوافق مع استخدام المفردة (momentum) لغوياً في غير الفيزياء بين الناطقين بالإنجليزية بأن لأمر ما زخم في تناميه وتقدمه، فمثلاً لشركة ما زخم من ارباحها السنوية العالية إذ تنظر قدما للاستمرار عليه كما جاء سابقاً، ولكن هل يصح استخدم زخم لوصف كمية الحركة الفيزيائية باللغة العربية؟

دعونا نرى معنى الزخم لغةً: الزَخْم هو مصدر الفعل الثلاثي زَخَمَ بمعنى دفع، أي زَخَمَ يَزخَم، زَخْمًا، فهو زاخِم، والمفعول مَزْخوم ، وزخَم الشَّخصَ أو الشَّيءَ: دفعه دفعًا شديدًا، وزخمه فرماه أرضًا، والدفع لغةً ليس دفعاً ذاتياً بل يكون دائماً بفعل فاعل في حين أن كمية الحركة هي صفة ذاتية، بمعنى أن الدفع أو الزخم يُحدث كمية حركة ولكنه ليس هو كمية الحركة، أي أن الزخم هو فعل الدفع أي فعل قوة الدفع وهو فعلاً يستخدم لغةً بمعنى قوة إلا ان معنى القوة لا يتناسب مع معنى كمية الحركة، وبالتالي من الواضح والجلي عدم صحة استخدام الزخم لوصف كمية الحركة! بل إن استخدامة يخلط مفاهيم الفيزياء فيحدث تداخلاً مخلاً وسوء فهم كبيراً بين مفهومي القوة وكمية الحركة.

بناء عليه أتمنى أن يتوقف الزملاء والزميلات في الوطن العربي أو الناطقين بالعربية عموماً وفي تدريس الفيزياء بالعربية عن استخدام مفردة "زخم" لهذا المقياس ، أي الـ(momentum) والالتزام باستخدام "كمية الحركة".

 بين البرم واللف والفتل والغزل والدوران كترجمة لـمصطلح (spin):

دعونا أولاً نسأل ما هو الـ (spin) بحسب ميكانيكا الكم، والاجابة سهلة وواضحة بجلاء عندما نستخدم الرياضيات (أنظر الصورة والرابط الأول في الهامش ٣ الذي يشرح الصورة)، ولكنها ليست كذلك عندما نستخدم اللغة (أي لغة كانت) لماذا؟

طور البشر اللغة كأداة رئيسة للتواصل والتفاهم، وهاهو كاتب هذا المقال يستخدم اللغة لشرح موضوع تشابك فهمه بسبب اللغة نفسها، فعندما يُطرح موضوع الـ(spin) رياضياً لا يكون هناك التباس، وبمجرد ما تبدأ اللغة بشرحة خاصة لعموم الناس بما في ذلك شريحة المتعلمين غير الفيزيائيين وقسم من الفيزيائيين غير المختصين بالموضوع ينشأ اللبس وسوء الفهم، سوء الفهم هذا ليس في موضوع الـ(spin) فقط بل في كثير من مواضيع الفيزياء الحديثة خاصة ميكانيكا الكم والفيزياء النسبية (العامة والخاصة)، ولكن لا سبيل هنا (في الفيسبوك) للشرح إلا باللغة وقليل جداً من الرياضيات فالحديث موجه لمن هم في المستوى الجامعي على الأقل من جمهور الفيسبوك، فالرياضيات ليست لغة عموم الناس، مع أنها لغة الفيزياء التي إذا ما ابتعدنا عنها يضيع علينا طريق الفهم الصحيح! ولكن دعونا نحاول!

غالباً، عندما نستخدم اللغة في الفيزياء نستعير صيغ المجاز فيها، وهذا ليس غريباً علينا كبشر فالصيغ المجازية شائعة في استخداماتنا اللغوية اليومية مثل القول "أموت حزناً هذه الأيام" ومع أن هذه حالتي على الشعب الفلسطيني وأهل غزة خصوصاً إلا أنني لا أموت فعلاً، أو قول أحدهم أن رأسه "ينفجر من الصداع" وهو لا ينفجر حقيقة! ولكن احساس ألم الرأس مهول، أو عندما يقول الرجل لمن يحب "لا استطيع العيش بدونك!" وهو في الحقيقة سيعيش بل يقصد أن حياته حينئذ مثلها مثل عدمها. إذن لا غرابة في استخدام المجاز في اللغة لشرح مفاهيم الفيزياء، وهذا هو منطلق شرح كلمة (spin) في هذه الكتابة.

كنت فيما مضى قد كتبت مقالاً صغيراً بعنوان "له برم ولكنه لا يبرم!"، أي "لا دوران له ولا هم يحزنون!"، ماذا عنيت؟

نحن هنا نتحدث عن العالم الصغير -الذري وتحت الذري- ومفهوم الدوران أو اللف أو البرم أو الفتل أو الغزل الخ فيه يختلف تماماً عما في مفهوم عموم الناس، أو عن معنى هذه الكلمات لغةً، فالدوران مثلاً في ميكانيكا الكم لا يعني أن شيئاً يدور مثلما تدور العجلة حول محورها أو تدور المتزلجة حول نفسها على الجليد، بل لا يوجد دوران فعلي يمكن رؤيته كما نرى دوران الأشياء في العالم الكبير، كلما في الأمر أننا نستعير كلمة دوران مجازاً دون أن نقصد معناها الحرفي كاملاً كما نعرفه في العالم الكبير، نستعيرها من اللغة للتعبير عن خاصية ذاتية للجسيمات الذرية وتحت الذرية، ونقوم بتلك الاستعارة حتى نُقَرب فهم هذه الخاصية إلى ذهن الدارس أو المستمع!

وأقرب مفردة انجليزية لهذه الصفة الذاتية هي "spin" وترجمتها الأصح بالعربية "دوران ذاتي" كما سيأتي أدنى هذا، وأصل لجوئنا لاستخدام هذه المفردة هو أن هذه الخاصية الذاتية نعبر عنها رياضياً باستخدام جبر المتجهات، أي أن لهذه الخاصية اتجاه، مثلما نقول يدور يميناً أو يساراً، أو في اتجاه عقارب الساعة أو عكس عقارب الساعة، ولذلك تكون مفردة دوران مناسبة جداً لأن الدوران يتضمن اتجاه، ولكن يجب أن نتذكر أننا لا نتحدث عن شيء يدور فعلياً!

وللتوضيح أكثر يجب أن يفهم القارئ وتفهم القارئة ما هو مكتوب في رابط الهامش ، ادنى هذا حول ما جاء سابقاً بأن استخدام اللغة، أي لغة كانت، سواء الإنجليزية أو العربية أو غيرهما، ليس دقيقاً في كثير من الحالات في وصف الفيزياء عموماً وفيزياء الكم أو الصفات الميكانيكية الكمية خصوصاً، وذلك لأن اللغة الأساس للفيزياء هي الرياضيات بصرامتها ودقتها وليست اللغة الإنجليزية أو غيرها، ويقل الأمر إشكالية عندما نتحدث عن الفيزياء الكلاسيكية وهي فيزياء العالم الكبير، أي فيزياء الجسيمات الكبيرة ذات الحيز الفراغي المرئي، ويزداد أو يكثر إشكالية عندما نتحدث عن فيزياء العالم الصغير الذي فيه جسيمات نقطية لا حيز لها في الفراغ يمكن قياسة بحسب افضل ما لدينا من قدرة تكنولوجية! وحتى تلك التي لها حيز في الفراغ تتحرك في هذا الحيز دون ان تتضمن حركتها المظاهر التي نعرفها عن العالم الكبير مثل الدوران أو الحركة المستقيمة أو أي شكل من أشكال الحركة المنتظمة، فلا توجد حركة منتظمة في العالم الصغير!

في اللغة العربية نجد (فيزيائياً) أن الدوران واللف والفتل والغزل والبرم كلها مفهومه فراغياً أي في الفراغ ثلاثي الابعاد في العالم الكبير، ولأن البشر بحاجة إلى استخدم اللغة فقد تم التوافق باللغة الإنجليزية على مفردة (spin) كونها الأقرب للمعنى المتوخى في ميكانيكا الكم بسبب طبيعتها الذاتيّة (intrinsic)

معنى أن الجسيم الذي له (spin) له ذلك في ذاته تماما مثل دوران الارض حول محورها هو دوران الارض في ذاتها, وبالتالي تكون اقرب ترجمة لكلمة (spin) هي كلمة دوران ذاتي وليس اللف أو البرم أو الفتل أو الغزل، لأن الدوران يمكن أن يكون حول شيء مثل دوران الأرض حول الشمس ويمكن أن يكون حول الذات مثل دوران الارض حول نفسها (محورها) أو دوران الراقص على الجليد حول محور جسده الرأسي، أو دوران الدوامة حول محورها الرأسي أو دوران العاصفة (الإعصار) حول مركزها، وهكذا، في حين أن اللف لا يكون إلا حول شيء خارج الجسد، فالفعل الثلاثي لفّ معناه دار أو طاف حول شيء ما، فنقول مثلاً لف الحبل حول عنقه، ولا نقول لف الشي حوّل نفسه مثلما يمكن ان نقول دار الشيء حوّل نفسه اي حول محور من محاوره.

أما البرم، فالفعل الثلاثي بَرَمَ لغةً يفيد اللف والطوي، واللف والطوي يكون حوّل شيء خارجي وليس حول ذات الشيء، أي أن برم الشيء لفه وطواه كما نبرم السلك أي نلفه او نطويه حول مسمارٍ مثلاً، وبرم الشنب أي لف شعيراته حول بعضها بمعنى أن كل شعرة تلتف على بقية الشعبرات ولكن الشعرة الواحدة بذاتها لا تُبرم بمعنى لا تُلف حول نفسها، وبرم ايضا تأتي بمعنى فَتَلَ، وفتل الشيء لواه، واللي ليس دوراناً كاملاً مستديماً بل جزئياً محدوداً، وبناء عليه لا يصح استخدام مفردة برم كترجمة لمصطلح (spin) أيضاً، وهذا ينطبق على الكلمات لف وفتل وغزل لأنها مترادفة في كونها جميعا تكون حول شيء ما وليست ذاتية!

إذن: الدوران الذاتي هو التعبير الأصح لترجمة كلمة (spin) في الفيزياء ومع أن استخدام مفردات برم أو لف أو فتل أو غزل على خطئها يمكن غفرانه لغير المختصين إلا أن كاتب هذه السطور ينصح المختصين بالذات الالتزام بصيغة "الدوران الذاتي" في ترجمة مصطلح (spin) في ميكانيكا الكم!

 

* صفحة الكاتب

 

زر الذهاب إلى الأعلى