تقارير ووثائق

تقرير حقوقي يوثق تفجير الحوثيين المنازل في اليمن: أساليب وأضرار

تقرير حقوقي للهيئة المدنية لضحايا تفجير الحوثيين في اليمن منازل المدنيين ويوثق 888 منزلاً لمدنيين: أساليب وأضرار وتوصيات


سلط تقرير حقوقي حديث الضوء على جانب من تفاصيل وآثار تفجير الحوثيين منازل المدنيين في اليمن ، ووثق قيام الجماعة بتفجير 888 منزلاً على مدى أكثر من عشر سنوات.

ورصد التقرير الصادر عن الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل، والذي حصل نشوان نيوز على نسخة منه، تفجير الجماعة 130 منزلاً في محافظة مأرب، و120 منزلاً في محافظة تعز، و120 منزلاً في محافظة البيضاء، و96 منزلاً في محافظة صعدة. كما وثّق التقرير تفجير 89 منزلاً في محافظة إب، و76 منزلاً في صنعاء، و74 منزلاً في محافظة الجوف، و35 منزلاً في محافظة ذمار، و34 منزلاً في محافظة عمران.

وأشار التقرير إلى أن محافظة الحديدة شهدت تفجير 13 منزلاً، فيما تم توثيق تفجير 33 منزلاً في محافظة حجة، و24 منزلاً في محافظة لحج، و15 منزلاً في محافظة شبوة، و4 منازل في محافظة أبين، ومنزل واحد في محافظة عدن.

جدول يبين معلومات حول المنازل المفجرة من الحوثيين في عدد من المحافظات
جدول يبين معلومات حول المنازل المفجرة من الحوثيين في عدد من المحافظات

طرق التفجير والمستهدفون

ونقل التقرير إفادات بعض أصحاب المنازل المفجرة وشهود العيان الموثقة لدى "الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل"، بعد أن يستولي الحوثيون على أي منطقة، يفرضون حولها طوقاً أمنياً، وتنتشر نقاطهم المسلحة في المنطقة.

بعد ذلك، يشن مسلحو الجماعة حملة مداهمات وتفتيش لمعظم منازل المنطقة والمنشآت العامة والخاصة، بحثاً عن مطلوبين من أبناء تلك المنطقة، حيث يحتفظون بسجلات سابقة بمعارضيهم. يتم احتلال بعض تلك المنشآت والمنازل، وينهبون ويعبثون بمحتويات البعض الآخر قبل التفجير.

أما عن الأشخاص المستهدفون بتفجير منازلهم، يقول التقرير إنهم في الغالب يكونون في واحدة من ثلاث حالات: إما أن يكونوا قد قتلوا، أو معتقلين لدى مسلحي جماعة الحوثي، أو هاربين إلى منطقة أخرى أكثر أماناً لا توجد فيها سيطرة للجماعة.

وعند توجه مسلحي الحوثي إلى المنزل المستهدف، يمنحون ساكنيه مهلة قصيرة لمغادرته دون اصطحاب أي شيء، بما في ذلك الأثاث والمقتنيات الشخصية، مهددين بتفجيره فوق رؤوسهم إن أصروا على البقاء. وقد حدث هذا مع أسرة آل الحبيشي في مدينة صعدة عام 2011، حيث فجر المنزل بما فيه، ما أدى إلى مقتل 14 شخصاً، معظمهم نساء وأطفال.

بعد طرد الساكنين، يقوم مسلحو الحوثي بمداهمة المنزل، وتفتيشه، ونهب كل ما فيه من أثاث وتجهيزات وأوراق ومستندات مهمة.

التجهيز للتفجير

بعد ذلك، يواصل التقرير، يأتي خبراء التفجير ليفخخوا المنزل من جميع أركانه الأربعة بعبوات ناسفة (T.N.T) ومواد متفجرة محلية الصنع، مضافة إليها مواد تزيد من القوة التدميرية، مثل مادة C4 المخلوطة بمواد أخرى، وفقاً لإفادة أحد خبراء التفجير الذين فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم.

أثناء التفجير

عند اكتمال التفخيخ، يأتي أفراد آخرون يحملون كاميرات وهواتف، ويجلسون في أماكن آمنة، موجهين عدسات كاميراتهم نحو المنزل. وأثناء عملية التفجير، يرددون شعاراتهم المعروفة، مثل "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، ويوثقون عملية التفجير بالصوت والصورة، لنشرها عبر وسائلهم الإعلامية بغرض نشر الرعب والخوف بين الآخرين وتحقيق أهداف أخرى.

بعد التفجير

تترك جماعة الحوثي المنزل بعد تفجيره وهو عبارة عن كوم من التراب والأنقاض، تاركة الأسر بلا مأوى ومصيرهم مجهول، يواجهون التشرد والشتات. وقد أشار التقرير إلى الأثر السلبي العميق الذي يطال هذه الأسر جراء هذا الفعل الإجرامي، وسيتم التطرق إليه بشكل مفصل في ثنايا التقرير.

تفجير رداع

سلط التقرير الضوء على تفجيرات رداع، بوصفها الأحدث أو "اليوم الأسود" كما وصفه، في 19 مارس/آذار 2024، حين أرسلت جماعة الحوثي قوات خاصة إلى حي الحفرة في مدينة رداع بمحافظة البيضاء لتفجير منازل آل الزيلعي وآل ناقوس، مستخدمة متفجرات من نوع TNT.

ويضيف التقرير "كان ذلك المشهد وحشياً ومروعاً لا يمكن تخيله. أسفر التفجير عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 13 آخرين، إضافة إلى تدمير 7 منازل بشكل كلي و14 منزلاً بشكل جزئ"ي.

ويقع حي الحفرة في وسط مدينة رداع بمحافظة البيضاء وسط اليمن، وهو عبارة عن حي سكني شعبي مبانيه ملتصقة ومكتظ بالسكان.  كما يقع بجوار مسجد ومدرسة العامرية الأثرية، التي تبعد عن مكان الانفجار 150 متراً، وعلى مقربة مئات الأمتار من قلعة رداع التاريخية، المعروفة بقلعة شمر يهرعش.

التأثيرات المختلفة لجريمة تفجير المنازل

لخص التقرير العديد من التأثيرات على تفجير المنازل من قبل الحوثيين، على النحو التالي:

التأثير النفسي على الأطفال: يعاني الأطفال من تأثير نفسي عندما يشاهدون منزلهم يُلغّم ويفجر أمام أعينهم. هذه اللحظات الرهيبة تظل محفورة في أذهانهم، وتتولد لديهم تساؤلات حول أسباب التفجير والتهجير، ما قد يؤسس لمشاعر انتقامية لاحقاً.

تأسيس لظاهرة الانتقام: تفجير المنازل يغرس في نفوس ضحاياه شعوراً بالقهر والرغبة في الانتقام. الأشخاص الذين يُفجر منزلهم يحملون مشاعر حقد قد تدفعهم للثأر، وهذا يعزز من ثقافة العنف وعدم الاستقرار.

معاناة التشرد والتهجير: الأسر التي تتعرض منازلها للتفجير تجد نفسها مجبرة على ترك منازلها ومنطقتها، وتتحمل عناء العيش بعيداً عن موطنها وأرضها.

المعاناة الاقتصادية: الأسر التي تُفجر منازلها وتُجرد من ممتلكاتها تواجه صعوبات اقتصادية خانقة، خاصة إذا كان عائل الأسرة قد قتل أو اعتقل.

افتقاد الأمان: تفجير المنزل يفقد الأسرة إحساسها بالأمان، ما يؤثر سلباً على نفوسهم ويزيد من حالة عدم الاستقرار.

تفتيت الأواصر الأسرية والقبلية: تفجير المنازل لا يمزق المنزل فقط، بل يؤثر على العلاقات الأسرية والقبلية، إذ يشعر صاحب المنزل المتضرر بالغضب تجاه قبيلته إذا لم تقف معه.

شرعنة جريمة تفجير المنازل: جماعة الحوثي تروج لهذا السلوك كنوع من العقاب والانتقام، مما قد يشجع فئات أخرى على تبني هذا الأسلوب الإجرامي.

هدم القيم المجتمعية: تفجير المنازل ينتهك القيم والتقاليد المجتمعية التي تحترم حرمة المسكن، ويجعل منطق القوة والغلبة هو السائد.

معاناة الاندماج مع البيئة الجديدة: الأسر النازحة تواجه صعوبة في التأقلم مع البيئة الجديدة، وخصوصاً في ظل غياب مقومات الحياة الأساسية.

الحرمان من الخدمات الأساسية: المناطق التي تنزح إليها الأسر تفتقر غالباً للخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والصحة.

انقطاع الأطفال عن التعليم: الأطفال الذين يضطرون للنزوح يفقدون فرصهم في التعليم، حيث يعجزون عن مواصلة الدراسة بسبب البعد عن المدارس وغياب الوثائق التعليمية.

توصيات ودعوات لمختلف الأطراف

وخلص التقرير إلى عدد من التوصيات، شملت المطالبة بحماية الممتلكات الخاصة من خلال دعوة الأطراف المتحاربة إلى الالتزام بالقوانين الدولية التي تحمي هذه الممتلكات، مثل اتفاقيات جنيف، والتأكيد على ضرورة تفادي استهداف الممتلكات المدنية والالتزام بمبادئ التناسب والتمييز.

كما أوصى التقرير بتوثيق الانتهاكات عبر إنشاء آليات فعالة لرصد وتوثيق الانتهاكات المتعلقة بالممتلكات الخاصة بشكل دقيق وموضوعي، ودعم استخدام التكنولوجيا في توثيق الأضرار والممتلكات المدمرة، بما في ذلك الصور والفيديوهات.

ودعا التقرير إلى توفير الحماية القانونية للضحايا من خلال تعزيز القوانين المحلية والدولية لحماية حقوق الأفراد المتضررين من الانتهاكات، وتحميل الدول مسؤولية تقديم الدعم القانوني للمتضررين.

وأوصى التقرير بتسهيل وصول الضحايا إلى العدالة عبر إنشاء قنوات قانونية سهلة الاستخدام لرفع شكاوى حول الانتهاكات، ودعم المحاكمات الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.

كما شملت التوصيات تقديم التعويضات للمتضررين، من خلال وضع آليات لتعويض الأفراد والمجتمعات عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم، وتعزيز التعاون مع منظمات الإغاثة الدولية لتقديم الدعم لهم.

وأكد التقرير على أهمية إعادة الإعمار والتعافي، وذلك من خلال تطوير استراتيجيات لإعادة بناء الممتلكات الخاصة المتضررة بعد انتهاء النزاع، وتشجيع الاستثمار في مشاريع التعافي وإعادة الإعمار التي تشمل المجتمعات المحلية.

كما دعا التقرير إلى رفع الوعي والتعليم عبر تنظيم حملات توعوية حول حقوق الأفراد والمجتمعات أثناء النزاعات وكيفية حماية ممتلكاتهم، وتوفير تدريب للعاملين في المنظمات الإنسانية حول حقوق الملكية في سياق النزاعات.

وحث التقرير على تعزيز التعاون الدولي من خلال تشجيع الدول والمنظمات الدولية على الضغط من أجل احترام حقوق الملكية خلال النزاعات، ودعم المبادرات الدولية التي تهدف إلى حماية الممتلكات الخاصة من الانتهاكات أثناء الحروب.

وأوصى التقرير بإشراك المجتمع المدني عبر دعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على حماية حقوق الأفراد والممتلكات أثناء النزاعات، وتشجيع المجتمع على المشاركة في عمليات التوثيق والمراقبة.

وفي الختام، أكد التقرير على ضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، من خلال تقديم الدعم النفسي لمساعدتهم على التعافي من آثار النزاعات، وتطوير برامج لمساعدتهم على إعادة الاندماج في المجتمع بعد انتهاء النزاع.

زر الذهاب إلى الأعلى