من الأرشيف

حدود الوطن

لا أستبعد أن يطل علينا "علي البخيتي" خلال الأيام القليلة المقبلة بصورة "سيلفي" مع الأستاذ خالد الرويشان، ولن يكون مفاجئا أن يقرنها بعبارات الثناء للأستاذ الذي يمثل واجهة للصمود من الداخل، ملك الكلمة والحرف، مختتما منشوره بأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، سيكون خلالها الأستاذ "الرويشان" منشغلا بقراءة التعليقات تعتلي وجهه نظّارته المميزة.

أحمل الكثير من مشاعر الإعجاب لقلم وروح الأستاذ الرويشان، وسبق أن لقيت علي البخيتي في الرياض، وهو الشاب المثير للجدل الذي يجيد القفز من ديوان "الزعيم" في صنعاء إلى جناح "الجنرال" في الرياض، والتحليق من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب قبل أن يرتد إلى الرئيس "هادي" طرفه، ولا أريد في الحقيقة جعل الحديث شخصي عن الرجلين.

ما لفت نظري حالة الهرج والمرج التي سادت، وما فاضت به نفوس الناس بين مؤيد ومعارض، بين من يحمل يافطة "الوحدة أو الموت" ومن يردد الهتاف المعروف "ثورة ثورة يا جنوب"، وهناك من هو متألم على حالة الانقسام الغير معلن، والتمزّق المجتمعي الرهيب.

من وجهة نظري البسيطة لا أرى الانفصال "كله خير" ونتائجه مضمونة، فما الذي يحول بين نهضة عدن ومحافظات الجنوب المحررة حاليا ؟! ثم أن أبناء الجنوب لا يتفقون على صيغة واحدة، ثمّة محافظات ترى بأن "الانفصال" يعني عودتهم لحكم الجنوب مجددا، وأبناء حضرموت لهم مطالب وسقف آخر من الآمال المشروعة، وأبناء شبوة والمهرة كذالك. أرى أن الخلل إداري وتنفيذي في المقام الأول.

ثم من قال بأن محافظات الشمال يأكلون بملاعق من ذهب بفضل الوحدة، وأن حياتهم ستكون مهددة بعدها، بل على العكس من ذلك، ربما ظروفهم أًصعب مقارنه بباقي المحافظات، كما أن المقومات البشرية والزراعية لديهم تفوق باقي المحافظات.

ما يعصف بالبلاد ناتج عن خلل في الصفوف الأولى، ومن بيدهم مقاليد الحكم وكل النخب السياسية تتحمل المسؤولية التأريخية أمام الأجيال في ما حل بالبلاد في سنواتها الأخيرة.

المواطن البسيط ينتظر وطنا بعيد عن كل تلك المهاترات، لا تهمه مقاييسه الجغرافية بقدر أن يحظى بالعيش الكريم في أرضه، وينعم بالأمن والصحة والتعليم وغيرها من حقوقه المشروعة، ولا يرى خطوطا حمراء أمام الوصول إلى تلك الغاية.

ليس في الحديث عن الانفصال حساسية، ولا في الإيمان بالوحدة جريمة "والعكس صحيح"، بل قيمة الإنسان والمواطن وكرامته هي المحور الذي ينبغي أن نقيس عليه، ومتى ما ضمننا عيشه بسلام وأمان، فهناك الحدود الفعلية للوطن الغائب.

زر الذهاب إلى الأعلى