[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مؤتمر الحوار.. من الداخل!

الحوار الوطني المرتقب في بلادنا، صار الضوء الوحيد الموجود في نهاية النفق أمام الجميع.. ومع هذا فإن الأخطار التي تواجه انعقاده، وتلك التي تكمن في داخله، قد تجعل الحوار أزمة بحد ذاته.

لن نتحدث عن الأخطاء التي تواجه مؤتمر الحوار قبل انعقاده، فقد شغلت مساحات كبيرة في الصحف والتظاهرات الشعبية، لكن من المهم أيضاً أن تقرأ تلك الأخطاء التي ستدخل قاعة المؤتمرات وغرف اللجان الفرعية مع دخول أعضاء المؤتمر.. ربما كان من هذه الأخطاء أن المؤتمر سيتحول فوراً إلى سوق عكاظ (يمني هذه المرة) لا تحكمه ضوابط الحد الأدنى التي توفر الجهود لما هو تفصيلي، وإذا كان هناك فريق يريد أن يجعل من الانفصال وفك الارتباط أو منح جنوب اليمن حق تقرير المصير، فلماذا لا نتوقع أن تأتي أطراف أخرى بمشاريع مشابهة مثل إعادة الدولة الحضرمية السابقة التي سقطت بثورة عام 1967م ومنح (عدن) حقها في أن تكون كما يقرره أهلها..

وأن يطالب الحوثيون مثلاً بخصوصية في المناطق التي يتحكمون فيها؟ أو تشتعل المناقشات حول الإسلام والعلمانية، ويظهر من يطالب بمراجعة إسلامية كاملة مقابل من يطالب بدولة لا دينية علمانية صريحة؟

ولو قيل إن طريق التصويت سوف يحسم هذه الأمور، فالراجح أن ذلك سيكون من الأوهام.. فما الذي يمنع أن يتكرر في اليمن ما حدث من القوى غير الإسلامية التي انسحبت من الجمعية التأسيسية لإعداد مشروع الدستور المصري الجديد، وأشعلت فتيل أزمة تطورت حتى وصل الحال في مصر إلى ماهو عليه الآن؟

بعنى آخر أكثر تحديداً، من الممكن أن ينسحب أعضاء المؤتمر الشعبي العام إن وجدوا شيئاً لا يوافقون عليه.. أو ينسحب الحراكيون الانفصاليون بدعوى رفض القبول بما يفرض عليهم.. أو تنسحب مجموعات ترفض المرجعية الإسلامية أو ترفض الدولة العلمانية؟

ما الذي سيحدث حينها؟ الله أعلم! لكن الراجح أن أهل اليمن داخل مؤتمر الحوار لا يملكون جواباً شافياً لذلك.. وربما كان هناك تعويل على الدور الخارجي (الأمريكي – الأوروبي) تحديداً لفرض نتائج لا تقبل المعارضة.. لكن حتى هذا لن يكون مضموناً في الأخير.. فمن السهل الانسحاب، ومن الأكثر سهولة التظاهر بالموافقة ثم قلب الطاولة بعد الخروج من قاعة المؤتمر!

مأزق ليس هيناً.. وساحة الحوار ستكون فرصة تاريخية للأصوات العالية والعنتريات وحتى المجاهرة بالمواقف الشاذة فكرياً وسياسياً!

في مؤتمر الحوار القادم لن يتواجه السياسيون فقط مع بعضهم، فحتى التاريخ الجغرافيا والدين والمذاهب، بكل ما في تاريخها من رؤى وانقسامات ومواجهات – وربما دماء –، سوف تتواجه خلف أو أمام متحاورين يفترض فيهم أنهم سوف يمهدون لإخراج اليمن واليمنيين من النفق الطويل الذي عاشوا فيه!

الضوء في آخر النفق مهم وضروري.. لكن الأكثر أهمية أن يراه المتحاورون ويتمكنوا من السير نحوه مغالبين الذين لا يريدون الخروج من النفق إلا وهم رابحون 100%!

زر الذهاب إلى الأعلى