زيارة هادي إلى حضرموت: إعادة اعتبار ورسائل سياسية وأمنية
يحاول الرئيس عبدربه منصور هادي، من خلال زيارته إلى محافظة حضرموت، شرقي البلاد، إعادة الاعتبار تنموياً للمحافظة التي ترفد ميزانية الدولة بأكثر من 50 في المائة من مواردها، وتعويضها عن عقدين من التهميش مرّت بهما المحافظة أثناء حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وكان صالح قد انتهج سياسة الإهمال تجاه محافظة حضرموت.
وبينما شكلت حضرموت أكثر المحافظات رفداً لخزينة الدولة، إلا أنها لم تشهد تنمية حقيقية، إذ بقيت مناطق الامتياز النفطية ذاتها من دون طرق معبدة بينما تبدو مدارسها في حالة رثة.
وأعلن الرئيس اليمني، الذي بدأ يوم الأحد الماضي زيارة للمحافظة للمرة الأولى منذ توليه منصب الرئاسة في 2012، عن حزمة مشاريع تنموية وتوجيهات من شأنها رفع مستوى الخدمات وتطبيع الحياة.
وفي السياق، وجّه الرئيس اليمني، أمس الأربعاء، محافظي إقليم حضرموت (حضرموت، المهرة، شبوة، سقطرى)، بالحفاظ على الموارد وتنميتها ومنع الإعفاءات والاستثناءات الجمركية، ومنع تصدير الحديد لتبعاته وأضراره على مصانع الحديد الوطنية والأيادي العاملة فيها.
وجاءت هذه التوجيهات بعدما كان هادي قد اعتمد إنشاء كلية للشرطة في حضرموت، فضلاً عن الإعلان عن تأسيس جامعة وادي حضرموت والصحراء، ووضع حجر الأساس لمحطة كهروغازية بقدرة 50 ميغاوات. كما وجه شركة المسيلة لاستكشاف وإنتاج البترول (بترومسيلة) لإنشاء وحدة لإنتاج الغاز المنزلي. كذلك أوعز بتحويل مستشفى سيئون إلى "هيئة".
كذلك وجه الرئيس بمنع الاعتقالات خارج القانون، في إشارة إلى ما أقدمت عليه السلطات في حضرموت من تكثيف حملات اعتقالاتها. ووجه الحكومة والسلطة المحلية باستئناف العمل في مطار الريان.
وفي الجانب الأمني أيضاً، اعتمد الرئيس تجنيد 3 آلاف جندي لرفد الجهاز الأمني في واي حضرموت، وتفعيل القضاء والنيابات وأقسام الشرطة. ووجه بإعادة فتح مصلحة الهجرة والجوازات، فضلا عن دفع رواتب المتقاعدين المتأخرة. كما أوعز هادي بتوفير كل ما يلزم لتعزيز قوات النخبة الحضرمية التابعة لقيادة المنطقة العسكرية الثانية وقوات الأمن عدداً وعتاداً ورفع كفاءتها وقدرتها.
وجاء إعلان الرئيس هادي لهذه المشاريع متسقاً مع الحراك الخدماتي الذي يقوم به محافظ حضرموت اللواء أحمد بن بريك، ومع تطلعات أبناء المحافظة الذين باتوا يشعرون أن مرحلة البناء قد حانت، خصوصاً أن المحافظة باتت تحظى باستقرار أمني لم تشهده من قبل.
وعلى الرغم من كثرة المشاريع التي أعلنها الرئيس اليمني، إلا أن التحدي يبقى في متابعة تنفيذها، إذ اعتاد الشارع اليمني على سماع الوعود التي كان يطلقها المسؤولون خلال السنوات الماضية فيما بقيت عشرات المشاريع حبيسة الأدراج.
وفي السياق، أبدى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مخاوفهم من أن تبقى هذه المشاريع مجرد وعود، فيما استدعى آخرون بسخرية وعود الرئيس السابق حينما أعلن عن إنشاء محطة كهرباء نووية في حملته الانتخابية عام 2006.
في غضون ذلك، كانت لافتة التحذيرات الضمنية التي وجهها هادي إلى محافظ حضرموت، بعدما نصحه بعدم تجاوز صلاحياته. وقال هادي، في كلمة له أمام قيادات سياسية وشخصيات اجتماعية، "إذا كنا في الفترة الماضية نتيجة للظروف الاستثنائية تغاضينا عن بعض التجاوزات هنا أو هناك، فلا يمكن أن نسمح باستمرارها أو تجاوز الصلاحيات والاختصاصات".
وأضاف "لا بد أن نحافظ على العمل المؤسسي والهيكلي والانضباط الوظيفي، والالتزام بالنظام والقانون، ولا يمكن أن تكون حضرموت في شخص أو أشخاص. حضرموت ليست فقيرة من الرجال والكفاءات في كل المجالات".
وتأتي رسالة هادي رداً على تشكيل محافظ حضرموت لجنة لإدارة القطاعات النفطية، وهو ما تراه الحكومة ورئاسة الجمهورية تجاوزاً لصلاحيات المحافظين.
رسائل هادي امتدت أيضاً لتشمل مليشيات الحوثيين وصالح وأطرافاً خارجية. وفي السياق، نشر الرئيس اليمني صوراً لموكبه الذي سلك طريقاً برياً من مدينة المكلا، مركز المحافظة، إلى منطقة المسيلة النفطية التي تبعد قرابة 200 كيلومتر، في إشارة إلى أن المحافظة قد تخلصت من تنظيم القاعدة وبات كرئيس دولة قادراً على التحرك في المناطق المحررة والتي تقول سلطات الانقلاب إن الرئيس لا يأمن على نفسه فيها.