[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

خسائر اليمن ومكاسب الحوثيين بين اليوم والأمس!‏

عَدد ممثلي الحوثي في مؤتمَر الحوار الوطني 35عضواً، وبالمقابل عدد الدبابات التي ‏يمتلكها أيضاً 37 دبابة؛ وهذا يعني أن كل عضوِ كان يُحاور في صنعاء ويطالب بدولة مدنية ‏وحقوق الإنسان ومبدأ التعايش، كانت هناك دبابة تنوب عنه في صعدة والجوف وعمران ‏وأرحب تنتهك عرض الدولة وترتكب الجرائم بحق الإنسانية (قتلاً وأسراً وسجناً وتهجيراً ‏وتشريداً وتنكيلاً) وتنسف قيم التعايش والحرية والمواطنة المتساوية بالتزامن تماماً مع مطالبة ‏أولئك الأعضاء وتشدقهم هنا في صنعاء بها .‏

والأغرب من الغريب وأنكر المنكرات أنه كان الساسة والقادة وذوو الأمر والشأن بالرئاسة، ‏وكبار القيادات العسكرية، وغالبية التيارات السياسية والحزبية، والمثقفون والإعلاميون ‏والكتاب والصحفيون والناشطون والناشطات ومن في صفهم، والموالون وغالبية العامة، كانوا ‏جميعاً مهتمين بما يقوله أعضاء الحوار الحوثيون بل كانوا مؤمنين ومصدقين لمغالطاتهم ‏وأكاذيبهم الكلامية وأعاروها اهتماما عاليا بل إن الدولة ممثلة بالقيادة السياسية سارعت في ‏الإعتذار ل (جماعة الحوثي) عما ارتكبته تلك الجماعة في حق أبناء صعدة بالإضافة إلى قتلها ‏أكثر من أربعة آلاف جندي يمني كانوا يدافعون عن حياض الوطن والجمهورية..‏

‏ نعم صدّقوا أكاذيب الحوثيين في صنعاء وتعاطوا معها ووقفوا إلى جانبها في الوقت الذي لم ‏يلتفتوا إلى حمامات الدماء التي سفكتها دبابات الحوثي نفسه الذي يحاور في صنعاء، ولم ‏يحاولوا الاستماع إلى صوت قذائف الدبابات ومجنزراتها وهي تدك البيوت على ساكنيها في ‏دماج وكتاف ودنان وأرحب مفضلين الإصغاء لخطب ومحاضرات وتدليس أعضاء الحوثي ‏بالحوار.‏

أما ثالثة الأثافي فهي أن أولئك القادة والساسة وكل من ذكرته عالياً كانوا ينظرون بإنبهار ‏ويستمعون بإنصات لممثلي الحوثي، أثناء تحدثهم من على منبر "موفمبيك" عن التسامح ‏والتعايش والسلم الإجتماعي والمدنية وضرورة سحب السلاح، مبدين إعجابهم واقتناعهم ‏بتصفيقات حارة جداً في الوقت الذي تتحدث فيه عشرات المنابر الإعلامية المحلية والخارجية ‏وعشرات الناشطين والحقوقيين والمنظمات الإنسانية عن جرائم الحوثيين -الذين تم التصفيق ‏لهم سابقاً- وعن استمرار التهم العسكرية في قتل اليمنيين ودك منازلهم وتفجيرها وتشريدهم ‏وتهجيرهم قسراً وانتهاك سيادة الدولة، التي لا يؤمن الحوثيون أصلا بها ويصفونها بالعميلة، ‏غير أن أولئك المصفقين يلوون رؤوسهم متظاهرين بعدم الاستماع وعدم المعرفة والدراية بما ‏يجري وأنهم لا يفقهون كنه أبعاد تلك الحروب وأهدافها، وهؤلاء بتصرفاتهم وردات أفعالهم ‏إزاء ما يتعرض له اليمنيون في عدة محافظات على أيدي مليشيات الموت (الحوثيرانية) ‏والمتناقضة مع ردات أفعالهم إزاء كذب وتدليس وتضليل الأبواق الحوثية في صنعاء تحولوا ‏إلى اثنين لا ثالث لهما. فالأول إما مشكك في أبعاد وتداعيات ما يحدث في الميدان (تبريرا ‏لموقفه المخزي) أو متعاطف مع آلة القتل الحوثية لهدف وآخر وهؤلاء غالبيتهم من الليبراليين ‏والعلمانيين (دعاة الإنسانية المتحررين من القيم الدينية والذين استطاع الحوثي بمكره وتلونه ‏احتضان أفكارهم واحتواءهم) ومؤتمريين (المتحالفين مع الحوثي نكاية بأطراف سياسية) ‏وانفصاليين (لأن الحوثي تبنى مشروعهم الانفصالي وتغنى به في وسائله الإعلامية ) وحاقدين ‏وموالين وغيرهم من بعض التيارات والأحزاب والجماعات والناشطين والناشطات ... الخ، ‏وهؤلاء مكشوف ستارهم معروف أمرهم .‏

أما الثاني (الكارثي) فهم أصحاب موقف "الحياد" في قضية هي من صلب مهامهم وواجباتهم ‏حيث ادعوا عملهم بسياسة الحياد تبريراً لضعفهم وقلة حيلتهم وتواطؤهم ولأن الأمر ليس ‏بأيديهم، وأعني رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء والنواب ووزارة الدفاع وقادة الألوية ‏العسكرية المتواجدة في صعدة وبقية مناطق النفوذ الحوثي مقتصرين بواجباتهم على ‏تصريحات فاضحة كشفت مواقفهم المخزية في عبارة صرح بها ناطق ما يسمى بوزارة الدفاع ‏ما معناه "نحن نقف موقف الحياد ونتعامل مع الجلاد والضحية بمسافة واحدة وبحجة أننا في ‏حوار وطني " بالإضافة إلى إرسال وساطات فاشلة تأتمر بأوامر الحوثي ولا نهي لها ولمن ‏شكَّلها وكلَّفها ولا أمرُ..‏

‏ وهؤلاء واضح أنهم أجْبَروا أنفُسَهم أو أنهم أُجبِرُوا من قبل أطراف وقوى إقليمية وعالمية ‏على غض الطرف والتغافل عما يفعله الإماميون بأبناء اليمن وعدم التدخل في شأنهم وإن ‏اقتضت الحاجة للتدخل فلابد أن يكون لمصلحة الحوثيين ويخدم مشروعهم الإمامي الصفوي ‏وذلك واقع حصل وتم تطبيقه وتنفيذه ولا يستطيع أحد إنكاره أو التغطية عليه، أضف إلى ‏أصحاب موقف الحياد حزب الإصلاح الذي برر حياده قبل أيام قلائل بعد أن وقف موقف ‏المتفرج إلى ما يتعرض له إخوانه بمن فيهم بعض أتباعه بقوله إنه "ليس دواء أبو فاس"، ‏بالإضافة إلى بعض القبائل المتخاذلة والتي تواجدت بحكم الضرورة المكانية في المناطق التي ‏شن الحوثيون عليها حروبهم وأذاقوا أهاليها (غالبيتهم تجمعهم روابط نسب وعقيدة بتلك القبائل ‏المحايدة) شتى أنواع العذاب .‏

واليوم وكما هو بالأمس فقد دخل الإماميون الحوثيون مؤتمر الحوار الوطني وهم منتهكين ‏لسيادة الجمهورية اليمنية باسطين نفوذهم على محافظة بأكملها وأجزاء من محافظات أخرى ‏وخرجوا وهم أكثر توسعا ونفوذاً، دخلوا الحوار الوطني وبحوزتهم ترسانة من الأسلحة ‏السيادية والآلات العسكرية - والتي لا يحق لأي جماعة امتلاكها في ظل دولة - وهي مصوبة ‏إلى صدر الجمهورية اليمنية وإلى رؤوس أبناء اليمن بمن فيهم أبناء القوات المسلحة في ‏صعدة وغيرها وخرجوا من الحوار وهم أكثر تسلحاً وأسلحتهم التي كانت مصوبة قد أصابت ‏الجمهورية والجمهوريين ونهشت وبهشت، دخلوا الحوار الوطني غير معترفين برئيس ‏الجمهورية -بعد أن رفضوا انتخابه- غير معترفين بحكومة الوفاق، غير معترفين بوجود دولة ‏وكل ما يصدر عنها من قرارات حتى قرار هيكلة الجيش وخرجوا وهم غير معترفين ‏بالجمهورية اليمنية! ‏

‏ دخلوا مؤتمر الحوار الوطني وقد قتلوا ما يربوا على خمسة عشر ألفا من أبناء القوات ‏المسلحة والأمن والمواطنين من أبناء اليمن، وجرحوا عشرات الآلاف، وهجروا مئات ‏الآلاف، ونسفوا بيوت الآلاف، وخرجوا من الحوار وقد زادوا في عدد قتلاهم وجرحاهم، وقد ‏هجروا قرابة الخمسة عشر ألفا إضافة إلى المهجرين السابقين، ونسفوا ودمروا مئات المنازل، ‏دخلوا الحوار وهم متمردين وملكيين وخرجوا وهم أكثر تمردا وحقداً على النظام والقانون ‏والجمهورية والجمهوريين وأكثر ملكية .‏

وبعد كل هذا وبعد أن كشفوا عن حقيقة مشروعهم وأهدافهم ما يزال الجميع التابع والمتبوع ‏الرئيس والمرؤوس في غيهم يعمهون منتظرين العسل أن يخرج من فم الأفعى منتظرين نجاح ‏مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبحجة أنهم في فترة توافقية انتقالية )حتى يكاد الجَمَل أن ‏يضيع بما حَمَل) وهنا أتذكر قول الشاعر :‏
ومن يزيل منكراً بأنكرا... كغاسل حيض ببول أغبرا

‏* رئيس تحرير صعدة أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى