[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

اللوحة السادسة والسبعون

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - اللوحة السادسة والسبعون

دخلَ الغربُ قريتَنا
فوقَ شاحنةٍ منْ حديدْ،
استفزَّ بمنظرِهِ رجلاً مؤمناً
فامتطى فرساً
ومضى يتحدّاهُ،
سارتْ على الجسدِ العجلاتُ
وسرعانَ ما امتلأَتْ بالقرى
الشّاحناتُ!
بكتْهُ السَّواقي
وقالتْ:
كانَ هذا الذي يتغطَّى بأكفانِهِ
رجلاً مورقاً بالحياةِ
ومُتَّشِحاً بالمروءةِ والحبِّ
للأرضِ والناسِ
لا يسأمُ الخيرَ للأقرباءِ وللغرباءْ
كانَ هذا الذي يرتديْهِ الترابُ
ويطوي مسرّاتِهِ
يرتدي أملاً ليقيْهِ منَ اليأسِ،
لكنّهُ الموتُ صادفَهُ في الطريقِ
فألقى عليهِ السلامَ
وقلَّمَ حزنَ أصابعِهِ
فمضى يترجَّلُ في عطشٍ نحوَ ماءِ الخلودْ.

* * *
(نظرَ منَ الشرفةِ إلى الطريقِ
رأى غباراً وحيواناً منَ الحديدِ يتحرَّكُ..
ضجيجٌ لم تسمعْهُ الأذنُ منْ قبلُ
صرخاتٌ عاليةٌ تجمعُ بينَ الخوفِ والدَّهشةِ..
إنها السيّارةُ
كيفَ استطاعَ هذا الوحشُ الأوروبيُّ
أنْ يتسلَّقَ الجبالَ الوعرَةَ
ويجتازَ مجاريَ السِّيولِ..
إنهُ عصرُ الأقدامِ المطّاطيّةِ.
هل هذا هوَ التابوتُ الذي جاءوا بِهِ
ليحملَ آخرَ ما تبقَّى منْ جسدِ الإنسانِ؟
عددٌ غفيرٌ منْ هؤلاءِ المحتشدينَ لاستقبالِهِ
سيعلمونَ - ولو بعدَ حينٍ -
أنَّ هذا هوَ اليومُ الأجردْ).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى