[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

ثلاث قصائد للمطر

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - ثلاث قصائد للمطر

* سؤال:
هل سمعْتَ إلى الطينِ،
أَصغيْتَ للصَّخر..
في نشوة يلهجانِ بحمدِ السَّماءِ
التي صنعتْ كلَّ هذا الزَّبَرْجَدِ
في الأفْقِ؟
سيّدةٌ أشعلَتْها المحبّةُ للناسِ
- تلكَ السَّماءُ القريبةُ -
مدَّتْ أصابعَها للنجومِ،
النجومُ انحنتْ للذي منحَ الكونَ زينتَهُ
وكسا بالبنفسجِ وجهَ المكانِ
وأعطى الغيومَ مفاتيحَ خُضْرَتِهِ،
فارتمتْ تتكسَّرُ فوقَ الحقولِ ندىً
مطراً،
وتُداعبُ وجهَ الرِّمالِ فتخضَرُّ
تكتبُ فوقَ الأديمِ التَّصاويرَ
أبيضَ
أحمرَ
أزرقَ،
ترسمُ حقلاً منَ الماءِ
نهراً منَ الياسَمينْ.

* حلم:
كيفَ يَنْزعُ عينيهِ عنْ ضِفَّةِ النهرِ
والنهرُ لا يتحرَّكُ
والقَنَواتُ التي حولَهُ
تشتكي عطشاً
وتُواري عنِ الناسِ أعشابَها
وشُجَيْراتِها الظّامئاتِ،
وفي مدخلِ النَّهْرِ
تبدو البحيرةُ واجمةً
والطَّحالبُ تمتصُّ
ما أبقتِ السنواتُ العجافُ
منَ الماءِ
والطينِ،
لا شيءَ في النهرِ
لا شيءَ في الأفْقِ،
لا…،
فجأةً يبعثُ اللَّهُ جُنْدَ الرِّياحِ
وفي مِثْلِ حُلْمٍ بديعٍ منَ الغيمِ
والضوءِ،
ترتعشُ الكائناتُ
وتستقبلُ الأرضُ ماءَ السَّماواتِ
ينحدرُ البحرُ، يركضُ
لا شيءَ يطفئُ منْ شوقِهِ
وأعاصيرِهِ غيرُ صوتِ المطرْ.

* ذكرى:
يتسلَّلُ عبرَ الفضاءِ الفسيحِ
وينقُرُ نافذتي
كانَ ليلُ المدينةِ يرقدُ فوقَ شوارعِها
صامتاً
ورؤوسُ المآذنِ مُخْضَلَّةً بالنَّدى،
عَسَسُ اللَّيلِ في البِدَلِ الكامِداتِ،
توكَّأْتُ روحي
وأيقظْتُ في القلبِ أُغنيةً
هَرَّبَتْها ملائكةُ اللَّيلِ،
ثمَّ تذكَّرْتُ طِفلاً بدونِ حِذاءٍ
يضيقُ بِمَنْزلِهِ..
كلَّما لمعتْ في السماءِ نجومٌ منَ الماسِ
أطلقْتُ ساقيَّ للرِّيحِ والطُّرقاتِ
رذاذٌ خفيفٌ،
نجومٌ منَ الماسِ
تسقطُ
تسقطُ
تسقطُ،
كانتْ شفاهُ المدينةِ سَكْرَى
تَعُبُّ منَ الماسِ
ترسلُ ضوءَ مصابيحِها الشّاحباتِ،
وأشجارُها تتمايلُ..
هل يَحْزَنُ الشجرُ المتوحِّشُ
حينَ يخافُ اليباسَ
ويرقصُ منْ فرحٍ حينْ يأتي المطرْ؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى