[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

خمس قصائد للصّداقة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - خمس قصائد للصّداقة

1- المقيل:
حين تمضي الوعولُ إلى الماءِ،
مخفورةً بالصِّحابِ تعودُ،
وتلكَ التي لا صِحابَ لها
لا تعودُ إلى النبعِ،
يدركُها مللُ الموتِ
تقطعُ أيّامَها ظمأً
وانتظاراً..
فهل يظمأُ الأصدقاءُ إلى العُشْبِ؟
هل يعطشونَ إلى الجَلَساتِ البريئةِ
و (القاتِ)
عشبِ الصداقةِ؟
هل يستوي تحتَ أَضراسِنا
وأصابعِنا
حينَ لا يتلألأُ وجهُ الصديقْ؟

2- بلا عنوان:
ليسَ لي أصدقاءْ
أصدقائي الكثيرونَ لا أصدقاءَ لهم
والصديقُ الذي كانَ لي ماتَ
خَلَّفَ عنوانَهُ
ومضى راكضاً،
يتسكَّعُ تحتَ القبورِ الأليفةِ
بحثاً عنِ الأصدقاءِ الحميمينَ..
يا أصدقائي الكثيرينَ،
يا أيها الطيبونَ:
اتركُوني وحيداً
أفَتِّشُ بينَ القبورِ الأليفةِ
عنْ صُوَرٍ لبقايا الأحبَّةِ
والأصدقاءْ.

3- اللَّيل:
وتجرِّدُ عينيكَ
في عزلةٍ لا قرارَ بها
في فضاءٍ منَ الأصدقاءِ الذينَ مضوا
في فراغِ البلادِ التي سوفَ تَمْضي
وفي الغُرَباءِ الذينَ يجيئونَ.
خلفَ خطوطِ المدى المتهالِكِ..
لا تنحني ممسكاً بالهواءِ.
ولِلَّحَظاتِ الأخيرةِ لونُ الرَّصاصِ
وطَعْمُ الرَّدى
تبردُ الكلماتُ إذا اللَّيلُ جاءَ
ويحترقُ القلبُ
أوّاهُ يا ليتَنا
ثمَّ يا ليتَنا..
ثمَّ هل كانَ للأرضِ
أنْ تستعيضَ عنِ اللَّيلِ
أنْ تستضيفَ عصافيرَها
في حدائقَ منْ خضرةِ الشمسِ
في ساحةٍ لا ظلامَ بها؟
أيها اللَّيلُ.. مهلاً
وَرِفْقاً بنا يا دَمَ الوقتِ
رِفْقاً بهمْ.

4- الطفولة:
ليسَ لي في المدينةِ سِرٌّ
فأسرارُ روحي هناكَ معلَّقَةٌ
في فضاءِ القبيلةِ
في قريةٍ كنتُ شاعرَها،
قبلَ أنْ يكتبَ الشِّعرُ أوَّلَ حرفٍ
مِنَ اسْمي
حملْتُ لها في دمي صورةَ البحرِ
خارطةً للمتاهاتِ..
تاهتْ خُطايَ
وغادرَني ماءُ تلكَ الجبالِ
اختفى وجهُ فاتنةِ الرُّوحِ
تلكَ التي منحتْني انكسارَ السِّنينَ،
وشوقاً لنافذةٍ
يغسلُ الضَّوءُ أخشابَها.
وتلالاً، يدُ اللهِ - جَلَّتْ يداهُ -
كمِ استغرقَتْ في كتابةِ ألوانِها
وسكينتِها
وإضافةِ ما ليسَ يخطرُ للعينِ
ما ليسَ يخطرُ للرُّوحِ.
كم رَسَمَتْ منْ نخيلٍ على صدرِها
تتضاءلُ روحي إذا ما تَدَلَّتْ أصابعُها
كنسيجٍ منَ الجَمْرِ
إني أخافُ عليها لصوصَ المقابرِ
والمخبرينْ.

5- النداء:
سيّدي أيها الموتُ
هذا أوانُ التَّساقطِ
والاغتسالِ منَ العمرِ،
هذا أوانُكَ يا سيّدي..
جسدي يتساقطُ
وجهي، دمي
وطني يتساقطُ
وجهُ الحياةِ وإنسانُها يتساقطُ
مثلَ جدارٍ عتيقٍ
تَهاوى الحطامُ الذي كانَ شكلاً
وروحاً..
فلا تبتعدْ سيِّدي،
إنَّني...
إنَّ شعباً هنا في انتظارِ الرَّحيلْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى