[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

من أناشيد الغسق

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - من أناشيد الغسق

منذُ عامِ 1960م - وربما قبلَ ذلكَ - وحتى عامِ 1970م، كتبتُ مجموعةً كبيرةً منَ القصائدِ العموديّةِ، ثمَّ حاولْتُ منذُ عامينِ جمعَ هذه القصائدِ في ديوانٍ مستقلٍّ بعنوانِ (أناشيدُ الغَسَق) ، ورتَّبْتُها في قسمينِ:

أوَّلاً: منْ أناشيدِ الغَسَقِ الأوَّلِ.. قبلَ الثورةِ.

ثانياً: منْ أناشيدِ الغَسَقِ الثاني.. بعدَ الثورةِ.

و (الغَسَقُ) في اللُّغةِ يدلُّ على بدايةِ اللَّيلِ ونهايتِهِ، و (الغَسَقُ) الذي أعنيهِ هنا هوَ غَسَقُ ما قبلَ الفَجْرِ.. الظلامُ الذي يسبقُ النُّورَ.

وقد رأيتُ أخيراً أنْ أكتفيَ بنشرِ هذا القَدْرِ منْ قصائدِ (الغَسَقِ) ، لا لأنها أحسنُ ما في المجموعةِ العموديّةِ، وإنما لأنها تشيرُ إلى جانبٍ منْ قضايانا التي ما تزالُ تثيرُ أكبرَ الاهتماماتِ. ويبقى موضوعُ الشكلِ وقد تعرَّضْتُ له بشيءٍ منَ (الشَّطَطِ) في مقدِّمَةِ ديوانِ (مأربُ يتكلَّمُ) وسوفَ أرجعُ إلى هذا الموضوعِ في أماكنَ أخرى.

من أناشيد الغسق الأول:

إليه

إليكَ ما منْ (خِطابٍ) غيرُ أحزاني
ودمعةٍ تتهادى خلفَ أجفاني

شددْتَ للنَّوحِ أعصابي وفي غضبٍ
ألقيْتَ بي، يا إلهي، بينَ نيراني

فأثمرَ الألَمُ المجنونُ، عاصفةً
وخفَّفَتْ كلماتي وزنَ إيْماني

جحيمُ خلقِكَ يتلو موتَهم، وأنا
معجَّلٌ، فجحيمي حاضرٌ آني

صرخْتُ حينَ اشْتَوَتْ روحي وعذَّبَني
صوتي، وأشعلَني خوفي، وأدماني

تلفَّتَتْ عينيَ الغَرْقَى فما وجدَتْ
إلاّ هياكلَ عَظْمٍ فوقَ أبدانِ

مددْتُ كَفّي وقد شاطَتْ أصابعُها
في النارِ، واحترقَتْ في ليلِ حرماني

أدعوكَ، واللَّيلُ في صنعاءَ ما برحَتْ
نجومُهُ بينَ جلاّدٍ وسجّانِ

وأمُّنا خلفَ سورِ القَصْرِ تنهشُها
عصابةٌ منْ تماسيحٍ وجرذانِ

لَهْفي عليها تعاني كلَّ كارثةٍ
وتشتوي في جحيمٍ قاتمٍ قاني

على رمادِ بنيها السُّمْرِ عاكفةٌ
تهزُّ بالنَّوحِ وجهَ العالَمِ الهاني

إنْ كنتُ قربانَها للنارِ قد رضيَتْ
نفسي، فما ذنبُ أحبابي وإخواني؟

دَعْهُمْ يعيشونَ في دنياكَ ضاحكةً
أفراحُهم كطيورِ المربعِ الحاني

إني أناجيكَ منْ أعماقِ محرقَتي
فهل تجيبُ نداءَ العاثرِ العاني؟

صنعاء 1961م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى