صدر عن مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق ديوان «شعراء حمير» بأجزائه الثلاثة تحقيق الدكتور مقبل التام عامر الأحمدي، وقد تضمن هذا الديوان أشعار حمير من الجاهلية حتى نهاية العصر الأموي، والذين بقي من أعمارهم ظمأ قصير أدركوا به أول دولة العباس، والذين لم يستطع تحديد عصورهم.
وقسم الديوان إلى أربعة أقسام، الأول أشعار الجاهليين، والثاني لأشعار المخضرمين وشعراء صدر الإسلام، والثالث لأشعار الأمويين، وبآخر كل واحد منها أشعار مجهولين، أما الرابع فكان لأشعار مجهولي العصر وبآخره أشعار مجهولي الأسماء والعصور.
وقد سعى الأحمدي في هذا الديوان إلى تحقيق الأشعار بما يليق بها قدر الوسع في وجازة غير مخلة واكتفى بكتابة أسماء الأعلام بخط عريض وكتابة أسماء البلدان بخط عريض مائل ثم ترجمت أسماء الأعلام تراجم موجزة في فهرس الأعلام وترجم أسماء البلدان نحو ذلك في معجم مواضع حمير والمواضع الواردة في شعرها، واحتل كل واحد من شعراء هذا الديوان مكانه حسب وفرة شعره، المكثر فالمقل، ثم رتب شعر كل شاعر حسب الراوي هجائياً ورتبت أحرف الروي بعد ذلك حسب حركاتها المكسور فالمضموم فالمفتوح فالمقيد، ورتبت النصوص ضمن الروي الواحد وفقاً لدوائر العروض، ولما فرغ الكاتب من الديوان فراغاً تاماً جمعاً وتحقيقا ذيل بثلاثة عشر فهرساً تعين القارئ على الوصول إلى ما فيه.
واشتمل هذا الديوان على بابين تضمنا خمسة فصول، فأما الباب الأول فللقبلية وشعرائها وكان في فصلين، تضمن أولهما القبلية: نسباً وبلاداً وأياماً وعلاقات وعقيدة، يضاف إليه ملحقان رُحلا، رغبة في التخفيف، إلى ما بعد خاتمة الدراسة. واشتمل أول الملحقين على شجرة نسب أولاد الهميسع بن حمير كما جاءت في ذيل الجزء الثاني لمخطوط كتاب الإكليل، واحتوى الثاني على معجم مواضع حمير منسقة حسب حروف الهجاء، تتخللها المواضيع الواردة في الشعر.
أما الفصل الثاني فكان لتراجم الشعراء الذين قامت على أشعارهم الدراسة، وهم خمسة وخمسون شاعراً ما عدا المجهولين، وعددهم ثلاثون شاعراً، وأما شعراء الملحق من التبابعة ومن في حكمهم وعدتهم اثنان وخمسون شاعراً فيهم أربعة مجهولون، فقد اكتفي برفع نسب كل واحد منهم إلى حمير الأكبر.
وأما الباب الثاني فكان لدراسة الشعر، واشتمل على ثلاثة فصول، كان الأول لمصادر شعر حمير وتوثيقه، وبان فيه أن شعر حمير جمع فيما جمعه السلف من أشعار القبائل، أما الفصل الثاني فكان لموضوعات هذا الشعر المجموع، وبان فيه تناولهم موضوعات الشعر الرئيسة، من حماسة، وفخر، ورثاء، وهجاء، ووصف، وشكوى من الهرم والزمان ومعه الحكمة، وغزل، ومدح، وكان الفصل الثالث للظواهر الفنية، المعنوية منها واللفظية، فالمعنوية: المتعلقة بوضوح المعاني وغموضها والصور البيانية من تشبيه واستعارة وكناية، ثم المحسنات المعنوية كالطباق والمقابلة، وما لذلك كله من أثر في إبراز هذه المعاني، وإيضاح الغامض منها، وزيادة جلاء الوضوح وتقوية معناه، ثم الحديث فيها عن مصادر معاني أشعارهم.
أما اللفظية: المتعلقة بمنهج بناء القصيدة، وموسيقا الشعر خارجية كانت أو داخلية، ثم الظواهر اللغوية والنحوية والعروضية، وهي ذات شجون، لما امتازت به هذه القبيلة عن غيرها من القبائل، سواء ظهر ذلك في شعرها أم تُنُوقل الحديث عنه على ألسنة السلف من دون أن يصيبوا لقولهم هذا ناصراً من النثر، ولا شفيعاً من الشعر.