أرشيف محلي

أكاديميون وخبراء: إدراج اليمن تحت البند السابع له تداعيات ‏سياسية واقتصادية خطيرة ‏

في توجه جاد لإثراء القضايا السياسية الراهنة والإجابة على ‏التساؤلات التي تثار حول ‏المستجدات التي تمر بها اليمن ، نظم مركز ‏البحوث للدراسات السياسية والإستراتجية بصنعاء ‏حلقة نقاشية لعدد ‏من الأوراق العلمية شارك فيها عدد من الأكاديميين والخبراء وعلماء ‏‏الشريعة، بعنوان (اليمن والفصل السابع : الدوافع، الدلالات، ‏المآلات)..‏

وقدم المشاركون قراءة سياسية واقتصادية وقانونية ‏لقرار مجلس الأمن رقم (2140)، والذي ‏أُدخل اليمن بموجبه تحت ‏الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وركزت الحلقة النقاشة على ‏‏حيثيات هذا القرار ودوافعه وتأثيراته السياسية والاقتصادية والقانونية ‏على واقع اليمن ‏ومستقبله وأمنه واستقراره، حيث كشفت الأوراق ‏العلمية المقدمة في الحلقة النقاشية عن دوافع ‏الاهتمام الغربي ‏وخصوصا الأمريكي باليمن وذلك لطبيعة النظام الدولي القائم على ‏الرأسمالية ‏التي تطورت نحو عالمية السوق المفتوحة (العولمة)، ‏وهذا التطور فرض استحقاقاته على ‏الجغرافيا خاصة ما يشرف منها ‏على المضائق ذات المواقع الإستراتيجية التي تتحكم بطرق ‏الملاحة ‏البحرية، ومن هنا تطورت أهمية الموقع اليمني من نقطة ارتكاز ‏وتموين كما كان ‏إبان حقبة الاستعمار البريطاني إلى جزء من حلقة ‏حساسة في سلسلة طرق بحرية مترابطة ‏تمثل اليوم عصب التواصل ‏للعالم الصناعي، وعلى هذا الأساس أدرك الغربيون أن اليمن ليس ‏‏من السهل تجاوزها دون وضعها وبإحكام تحت السيطرة للتحكم ‏بجغرافيتها.‏

كما أن التفكير الأمني للغرب في القرن الحادي والعشرين ينطلق من ‏منطق شامل حيث أن ‏أغلب الأزمات والنزاعات المعاصرة لها من ‏الأسباب ما لا يمكن احتوائه عن طريق المفاهيم ‏العسكرية التقليدية، ‏فالخطوط الفاصلة بين الحرب والسلام، بين السياسة الداخلية ‏والخارجية، ‏بين ما هو عسكري وما هو مدني، ما بين السياسة ‏والاقتصاد، تفقد وضوحها إذا ما نُظر إليها ‏بمعزل عن الصورة ‏الشاملة للعالم بالمنظور الغربي..‏

ورأى المشاركون في الحلقة النقاشية أن القول بأن القرار الأخير ‏تنصب تبعاته على أشخاص ‏وقوى سياسية معرقلة للانتقال السلمي، ‏دون أن يشمل الدولة اليمنية، هو قول يتعارض وأحكام ‏المادتين 41. ‏‏42، من الفصل السابع‎ ‎علما أن المادة 41 تتعلق بالتدابير التي تتطلب ‏استخدام ‏القوات المسلحة، أما المادة 42 فتجيز لمجلس الأمن أن يتخذ ‏بطريق القوات الجوية والبحرية ‏والجوية من الأعمال ما يلزم لحفظ ‏السلم والأمن الدوليين، ولذا ‏‎ ‎فالقرار يضع اليمن بمجملها ‏تحت الفصل ‏السابع الذي يقرر أن الدولة التي تدرج تحت الفصل السابع تهدد السلم ‏والأمن في ‏العالم، ولذا اعتبر القرار 2140 أن "الحالة في اليمن ‏تهدد الأمن والسلم والدوليين"، واعتبر ‏المختصون في الحلقة ‏النقاشية أن هذه الفقرة فقرة ملغومة تمهد لاحتلال اليمن في إطار ‏‏‏"الشرعية الدولية" بذريعة حفظ السلم والأمن الدولي، بل أن هذا يعد ‏ذريعة كافية لحلف الناتو ‏للتدخل في الشأن اليمني بما يتفق مع ‏استراتيجيه الدوليه لما بعد الحرب الباردة خاصة بعد ‏التعديلات التي ‏اجراها على نظامه الأساسي في العام 1999م.‏

‏•‏ توسع مفهوم " السلام والأمن الدوليين " ‏
كما لفت المشاركون في الحلقة النقاشية النظر، إلى مسألة تتعلق ‏بتطور مفاهيم لها علاقة ‏مباشرة بالمصطلحات التي تضمّنها القرار ‏الأخير، وهي (حفظ السلام والأمن الدولي)، حيث ‏أصبح هذا ‏المفهوم، منذ مطلع تسعينات القرن الماضي يتسع ليشمل انتهاكات ‏حقوق الإنسان، ‏وغياب دولة وسيادة القانون، وعدم الالتزام ‏بنصوص الدستور، بمعنى أن أحكام المادة 42 ‏يمكن أن تستخدم ‏كذريعة للتدخل العسكري بحجة إعادة الأمن والسلم إلى نصابه، ففي ‏هذه ‏المادة فقرة تنص على أن لمجلس الأمن إذا وجد أن التدابير التي ‏نص عليها في الفصل السابع ‏لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به ‏جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية ‏من الأعمال ‏ما يحقق بها الأمن والسلم الدوليين أو إعادته إلى نصابه، ويجوز أن ‏تتناول هذه ‏الأعمال المظاهرات والحصار والعمليات الأخرى بطريق ‏القوات الجوية والبحرية التابعة ‏لأعضاء الأمم المتحدة.‏

‏•‏ نقطة إيجابية في قرار مجلس الأمن دون أي ضمانات
وأشار المشاركون إلى نقطة إيجابية في القرار رقم 2014 الصادر ‏سنة 2011م والقرار ‏‏2015 الصادر في 2012م، والبيان الرئاسي ‏بتاريخ 23 فبراير 2013م،حيث أكدت على ‏التزام مجلس الأمن ‏القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، لذلك فإن ‏الدعوات ‏الانفصالية الهادفة إلى تفتيت وحدة التراب اليمني تتعارض ‏والتزامات مجلس الأمن، غير أن ‏النقاش حول هذه النقطة أشار إلى ‏أن تاريخ مجلس الأمن يُبيّن أن مجلس الأمن لا يفي ‏بالتزاماته ما لم ‏تتفق تلك الالتزامات مع مصالح الدول الكبرى. ‏

‏•‏ الدوافع الاقتصادية لوضع اليمن تحت البند السابع ‏
ومن جهته قال الدكتور مشعل الريفي أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ‏إن وضع اليمن تحت ‏الفصل السابع يُظهر جلياً مجموعة من الأهداف ‏والدوافع الاقتصادية التي تصب في صالح ‏دول مجلس الأمن والدول ‏القوية في العالم، وبالنظر إلى الدوافع الاقتصادية التي تقف خلف ‏‏القرار الأممي بوضع اليمن تحت الفصل السابع، يلخص الدكتور ‏الريفي، تلك الدوافع، في ‏الأتي : ‏
‏1 تأمين ثاني أهم ممر تجاري بحري دولي وأكثرها ازدحاما ‏والمتمثل في خليج عدن وباب ‏المندب والبحر الأحمر، والذي ‏تشرف عليه اليمن من جهتي الشمال والشرق.‏
‏2 حماية مصالح الشركات العالمية العاملة في اليمن ولاسيما‎ ‎‏ ‏في قطاعي النفط والغاز.‏
‏3 ضمان حصص احتكارية لعدد من الدول في السوق اليمنية.‏
‏4 توفير الأمن للدول الغنية بالنفط المجاورة لليمن.‏

‏•‏ البند السابع كأداة لفرض مسار سياسي مرسوم دوليا ‏
وكشفت ورقة الدكتور الريفي عن أن وضع اليمن تحت الفصل السابع ‏يأتي كأداة لفرض ‏المسار السياسي الانتقالي المرسوم دولياً على ‏اليمنيين، وضمان تنفيذه على أرض الواقع عبر ‏انتقال اليمن من دولة ‏بسيطة إلى دولة فيدرالية بستة أقاليم محددة سلفاً، وهو ما لا يتناسب ‏مع ‏اليمن من الناحية العلمية إطلاقا الأمر الذي سيضيع الجهود في ‏مشروع محكوم عليه بالفشل ‏ابتداءً.‏
‏ ويرى الدكتور الريفي أنه في حالة وجود عراقيل لهذا المسار من ‏الداخل سيكون من الممكن ‏أن يتخذ مجلس الأمن الدولي بعض التدابير ‏كالحظر المعلوماتي والمقاطعة الاقتصادية ‏والتدخل العسكري، ومثل ‏تلك التدابير تتسع وتشتد بمقدار اتساع وقوة الرفض الشعبي ‏والسياسي ‏الداخلي للمسار السياسي المفروض على الشعب اليمني فرضا، وهذا ‏ما قد يعرض ‏الاقتصاد اليمني الهش والمتخلف والضعيف أصلاً إلى ‏مزيد من التدهور في مختلف ‏المؤشرات والقطاعات وهو ما يعني ‏ازدياد معدلات البطالة والتضخم والفقر والجوع والأمية ‏وتراجع ‏معدلات النمو الاقتصادي ومستويات التشغيل والمعيشة أكثر فأكثر، ‏ما يجعل منها ‏تداعيات كارثية بالنظر إلى الوضع المتردي أصلاً ‏للاقتصاد اليمني.‏

القرار شلّ السيادة اليمنية ووفر الشرعية للتدخل ‏
أما الورقة التي قدمها الدكتور أحمد عبد الواحد الزنداني أستاذ ‏العلوم السياسية بجامعة ‏صنعاء ورئيس مركز البحوث للدراسات ‏السياسية والإستراتيجية والتي حملت عنوان "دلالات ‏إدراج ‏اليمن تحت الفصل السابع" فقد كشفت عن عدد من الدلالات ‏أهمها : ‏
‏1.‏ تعليق سيادة الجمهورية اليمنية والتدخل فيما يعد من صميم ‏سلطانها الداخلي إذ أن ‏إدراج أي دولة تحت الفصل السابع ليس ‏له إلا تفسير واحد، وهو أن المجلس قد جمّد سيادة ‏الدولة ‏المعنية، وعليها أن تُذعن لقرارات مجلس الأمن، أو مواجهة ‏المجتمع الدولي لإجبارها ‏على تنفيذ قرارات المجلس، وإن ‏استلزم الأمر استخدام العقوبات الاقتصادية والقوة العسكرية. ‏

‏2.‏ إدراج اليمن تحت الفصل السابع، توافق ضد الشريعة والوحدة، ومن الواضح أن ‏مجلس الأمن لم يتوافق على شيء واضح ‏ومحدد سوى إدراج اليمن تحت الفصل السابع لتنفيذ ‏مخرجات ‏الحوار التي تستهدف الشريعة الإسلامية والوحدة اليمنية، ‏ودلالة ذلك هو وضع ‏القوى السياسية اليمنية تحت الضغط ‏لتنفيذ مخرجات الحوار، ولذا فقد أقرّ مجلس الأمن في ‏قراره ‏محل الدراسة (2140) تشكيل لجنة وخبراء بذريعة تحديد ‏المعرقلين لتنفيذ مخرجات ‏الحوار، ولقد تم منح اللجنة وفريق ‏الخبراء صلاحيات للتحقيق والتفتيش، وهذا يعني أن جميع ‏‏أعضاء المجلس قد توافقوا على استباحة السيادة اليمنية، ليس ‏بهدف الحصول على المعلومات ‏بقدر وجود الرغبة في ‏ممارسة أكبر قدر من الضغوط على المكونات السياسية في ‏اليمن، ‏وابتزازها سياسيا، ودلالة هذا أن اليمن قد أقحمت في ‏متاهات مجلس الأمن الذي لا يبحث عن ‏مصلحة اليمن بقدر ما ‏يبحث عن مصالح دول المجلس وهذا يبعث على القلق ويزيد ‏من تعقيد ‏الأمر في اليمن.‏

‏3.‏ التهيئة للفوضى السياسية والأمنية، إذ أن انتهاك سيادة أي ‏دولة يعتبر مؤشرا من ‏مؤشرات عدم الاستقرار، وينبئ ‏بالاختلال الأمني، ومبعث على الحروب سواء المحلية أو ‏‏الإقليمية أو الدولية، كون الدول الفاعلة، الاقليمية والدولية، ‏نظرت إلى الثورة اليمنية كمؤشر ‏لاختلال ميزان القوى في ‏المنطقة الأمر الذي دفعها للتدخل وإعادة ضبط توازن القوى ‏من ‏جديد بما يتفق مع مصالحها، وفي أغلب الحالات المشابهة ‏فإن إعادة توازن القوى لا يتم إلا ‏عن طريق الإجبار والقوة ‏والعنف، ولهذا اُتخذ قرار إدراج اليمن تحت الفصل السابع، ‏فالقرار ‏بحد ذاته مؤشر من مؤشرات استخدام القوة والعنف في ‏اليمن ومهمته الأساسية توفير ‏‏"الشرعية الدولية" كغطاء ‏لاستخدام القوة في اليمن.‏

‏4.‏ فشل مجلس الأمن في التوافق على مكمن الخطر في اليمن، ‏فمن الواضح أن مجلس ‏الأمن لم يتمكن من تجاوز مسألة إدراج ‏اليمن تحت الفصل السابع، إذ جاء القرار خاليا من أي ‏علامة ‏بارزة تثبت توافق مجلس الأمن الدولي على ما يسمى ‏بالمعرقلين، فقد خلت صيغة ‏القرار من استخدام مصطلحات ‏قانونية آمرة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، كما أن القرار لم ‏‏يحدد أي جهة معينة خارجة عن السيطرة سواء من الناحية ‏القانونية أو العملية، يطلب منها ‏الخضوع لأمر ما، وبهذا لم ‏يُظهر قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن توجها واضحا ‏‏للمجلس يطبق على أساسه مواد الفصل السابع من ميثاق الأمم ‏المتحدة لاسيما التدابير ‏الاقتصادية والعسكرية. ‏

‏5.‏ القوى الكبرى تتصارع والقوى السياسية اليمنية قد تستفيد من ‏توازن القوى لإنقاذ ‏اليمن، فعدم توافق أعضاء مجلس الأمن ‏الدولي بعد بشأن من يحكم اليمن، يعني أن أعضاء ‏مجلس ‏الأمن يخوضون صراعا فيما بينهم بشأن الحكومة القادمة في ‏البلاد، ودلالة ذلك أن ‏القوى السياسية في اليمن، إلى الآن، ‏غير مهددة من الناحية العملية والقانونية ولا تزال قادرة ‏على ‏المناورة والعمل على تحقيق أجندتها السياسية، وان مجلس ‏الأمن لا يقف عائقا أمامها ‏لتنفيذ أجندتها السياسية، فهو مشلول ‏الحركة بحكم عدم توافق اعضائه كما بيّنا أعلاه، ومخاطر ‏ذلك ‏أن تنجر البلاد إلى الحروب الأهلية.‏

‏6.‏ الصراع في اليمن بين القوى الدولية والإقليمية صراع سياسي ‏وليس قانوني، وهذا ما ‏يؤثر على اليمن، ولعل هذا يفهم من ‏فقرة مهمة احتواها قرار مجلس الأمن الدولي محل ‏الدراسة ‏‏(2140) والتي تدعو إلى " التشجيع‎ ‎على‎ ‎إجراء‎ ‎حوار‎ ‎بين‎ ‎اللجنة‎ ‎‏[المكونة من جميع ‏أعضاء مجلس الأمن المقررة في البند ‏‏19] والدول‎ ‎الأعضاء‎ ‎المهتمة،‎ ‎ولا‎ ‎سيما دول‎ ‎المنطقة،‎ ‎‎بوسائل‎ ‎تشمل‎ ‎دعوة‎ ‎ممثلي‎ ‎هذه‎ ‎الدول‎ ‎إلى‎ ‎الاجتماع‎ ‎باللجنة‎ ‎لمناقشة‎ ‎تنفيذ ‏التدابير؛". ودلالة ذلك ‏أن القوى الدولية والإقليمية تتفاوض ‏بشأن ترتيب الوضع في اليمن، وأن التيار الأكثر تضررا ‏من ‏نتائج هذا التفاوض هو التيار الإسلامي، ليس في اليمن فحسب ‏وإنما في المنطقة. ‏

وقد قدم الدكتور إسماعيل السهيلي مدير مركز البحوث للدراسات ‏السياسية والإستراتيجية ‏ورقة بحثية تناولت المآلات الناجمة والمتوقعة ‏عن وضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق ‏لأمم المتحدة. ‏

تصورات المؤيدين للقرار‎ : ‎
عرض الدكتور السهيلي التصورات التي يروج لها المؤيدين للقرار ‏مجملاً إياها في القول ‏بأن القرار يمكن أن يؤدي إلى طي مرحلة نظام ‏الرئيس السابق، والانتقال لمرحلة جديدة، ‏واستعادة أموال الشعب ‏المنهوبة، وتحقيق الاستقرار ومساعدة اليمن على النهوض، ومنع ‏‏استمرار الأعمال الإرهابية والتخريبية للخدمات العامة والبنية ‏التحتية، ووقف انتهاكات حقوق ‏الإنسان، ومعاقبة الجماعات المسلحة ‏التي تنتهج العنف، وبالتالي يمكن أن يمثل قرار مجلس ‏الأمن سنداً ‏لمحاسبة الجهات والقوى التي تستخدم السلاح في الشأن السياسي ‏وليس فقط ‏الإرهابيين والخارجين عن القانون،إضافة إلى أن القرار ‏سيؤدي إلى تشكيل لجنة للتحقيق في ‏أحداث 2011م، وفي نفس ‏الوقت الإسراع بإصدار قانون العدالة الانتقالية، بما يحقق العدالة ‏‏والإنصاف‎.‎

‎ ‎المآلات السلبية لقرار مجلس الأمن‎ :‎
‎ ‎وفي مقابل ذلك تناول الدكتور السهيلي عدد من المآلات السلبية ‏للقرار ويمكن إجمالها في ‏التالي‎: ‎
‏1.‏ أن القرار فتح الباب لوصاية مجلس الأمن على اليمن ونقلها من ‏دولة كاملة السيادة إلى ‏دولة منتقصة السيادة. كما أنه شرعن ‏لاستمرار نوع من الولاية على اليمن، حيث نص القرار ‏في أكثر ‏من فقرة على أن مجلس الأمن سيبقي الحالة في اليمن قيد ‏الاستعراض المستمر،وهنا ‏يصبح التخوف مشروعاً من أن ينتج ‏القرار تبعات مدمرة لليمن ولمستقبله كدولة حرة ومستقلة ‏ذات ‏سيادة‎، ‏‎وقد ذكّر الدكتور السهيلي بالحالة العراقية حيث تم وضع ‏العراق تحت الفصل ‏السابع ‏‎1990 ‎بعد احتلاله لدولة الكويت ‏واستمر رغم زوال الدواعي التي اقتضت ذلك حتى ‏يوليو ‏‏2013م‎.‎
‏2.‏ القرار يضع اليمن رهناً للجنة العقوبات التي سيكون لها القدرة ‏على تحديد من على ‏الصواب ومن على الخطأ في اليمن، ومن ‏الذي ينبغي أن يعاقب ومن الذي ينبغي أن يكافئ، ‏وما على ‏اليمنيين إلا الانصياع وضبط سلوكهم بناء على النغمة التي ‏ستعزف عليها اللجنة، ‏وفي هذا الإطار يصبح من المحتمل ‏الإكراه على فرض تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار لا ‏سيما تلك ‏التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وتتعارض مع ‏الثوابت الوطنية.‏
‏3.‏ إجبار الشعب اليمني على القبول بتحول شكل دولته من الموحدة ‏للفيدرالية، ومن ‏المعروف أن نجاح الشكل الفيدرالي للدولة ‏يتطلب بداية تأسيس دولة قوية،وهذا غير متوفر في ‏الحالة ‏اليمنية، بينما تفيد خبرة الدول القريبة من حالة اليمن أن ‏الفيدرالية كانت مقدمة ‏للانفصال والسودان أبرز نموذج لذلك.‏
‏4.‏ إمكانية تصاعد حالة التبعية للخارج فالقرار يمثل إعلاناً صريحاً ‏بدعم مجلس الأمن ‏والدول النافذة فيه للنظام الحاكم، وفي هذه ‏الحالة من المحتمل أن ترتبط هذه المساندة بدرجة ‏عالية من ‏التدخل الأجنبي في السياسات والقرارات السيادية بما يتماشي مع ‏مصالح الدول ‏النافذة في المجلس، وهنا يمكن أن يتم التأثير سلباً ‏على حقوق وحريات المواطنين ‏والمعارضين سلمياً للأداء ‏السياسي الرسمي، وضرب الدكتور السهيلي مثالاً على ذلك عزم ‏‏الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية ففي الوقت الذي ‏ستنظر له الحكومة كإصلاح ‏اقتصادي شجع عليه قرار مجلس ‏الأمن، فإن المواطنين سينظرون إليه كسياسة إفقار لاسيما ‏في ‏ظل عدم اتخاذ الحكومة لأية إجراءات حقيقية لمواجهة الفساد ‏الذي سيستشري في مختلف ‏مرافق الدولة، ومعلوم أنه كلما ‏زادت التبعية للخارج تصاعد الاستبداد في الداخل.‏
‏5.‏ توفير غطاء دولي للمرحلة القادمة والتي من المحتمل أن تشهد ‏عملية إعادة هندسة ‏اليمن هويةً وأرضاً وإنساناً، حتى يسهل ‏السيطرة عليها والتحكم بها استراتيجياً، وبما يخدم ‏أجندة ‏ومصالِح القِوى الإقليمية والدولية المُهيْمِنة.‏
‏6.‏ أن النص في القرار على أن الوضع في اليمن يهدد الأمن والسلم ‏الدوليين في المنطقة، ‏قد يستخدم كأداة في الاستراتيجيات ‏الدولية المتصارعة على المناطق الحيوية في العالم، فتحت ‏‏ذريعة حماية الأمن والسلم الدوليين في المنطقة، من المحتمل ‏اتخاذ القرار مقدمة لقرارات ‏قادمة تسمح بنوع من الوجود ‏العسكري لدول نافذة في مجلس الأمن وكذا السيطرة العسكرية ‏‏المباشرة على مضيق باب المندب وخليج عدن.‏
تسريع عملية هيكلة الجيش والأمن حسب مخرجات مؤتمر الحوار ‏التي قررت تقسيم الجيش ‏والأمن على أساس مناطقي وبما يؤل إلى ‏تحقيق التقاسم قيادة وأفراداً على أساس تشطيري ‏جنوبي- شمالي، ‏حيث نصت مخرجات مؤتمر الحوار على أن : " يتم التمثيل في ‏القوات ‏المسلحة والأمن والمخابرات في المرحلة التأسيسية % 50 ‏شمال و% 50 جنوب على ‏مستوى المراتب القيادية في الجيش ‏والأمن والمخابرات ما عدا ذلك % 50 سكان و% 50 ‏جغرافيا‎. "‎

وتحدث الدكتور عبد الملك التاج عضو هيئة علماء اليمن مبينا أن ‏قرار مجلس الأمن بإدخال ‏اليمن تحت الفصل السابع يعتبر انتهاكا ‏لسيادة البلاد وتسلط لغير المسلمين على المسلمين ‏حرمته أحكام ‏الشريعة الإسلامية التي منعت بيع العبد المسلم لكافر، وحرمت زواج ‏المسلمة ‏من كافر حتى لا يتسلط فرد كافر على فرد مسلم، فكيف ‏بالتسلط على شعب مسلم بأكمله عن ‏طريق الوصاية الغربية عليه ‏بإدخاله تحت الفصل السابع، كما بيّن أن كثيرا من بنود مخرجات ‏‏الحوار الوطني تصادم الإسلام عقيدة وشريعة، معتبرا أن القبول ‏بقرار مجلس الأمن الدولي ‏والمساهمة في تنفيذ مخرجات الحوار ‏الوطني المصادمة للشريعة الإسلامية يعد من باب ‏التعاون على الإثم ‏والعدوان الذي ينتهك كليات الشريعة وضرورياتها، ويعرض الدين ‏والنفوس ‏والأموال والأعرض لخطر عظيم كما حدث في كثير من ‏البلدان الإسلامية كالعراق وغيرها ‏التي وضعت تحت الفصل السابع، ‏ودعا إلى التمسك بالإسلام عقيدة وشريعة وتحكيمه في ‏جميع شئون ‏الحياة ودعا إلى مراجعة مخرجات الحوار الوطني ورفض كل ما ‏يتعارض مع ‏الشريعة الإسلامية وينتهك سيادة البلاد، كما بيّن أن ‏القرآن الكريم قد رسم للمسلمين استراتيجيه ‏واضحة المعالم للتعامل مع ‏القوى الدولية، وأن المسلمين بحاجة ماسة لسياسة راشدة تنطلق من ‏‏كتاب الله تع إلى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم للتعامل مع غيرهم يتحقق بها صلاح ‏‏المسلمين في الدنيا والآخرة، وسرد عددا من المخالفات الشرعية ‏الواضحة التي ارتكبت من ‏خلال إقرارها في مخرجات الحوار ‏الوطني والسبب الرئيس في ذلك، على حد قوله، يعود ‏لموافقة ‏المشاركين على إقامة الحوار دون أن تكون مرجعيته الشريعة ‏الإسلامية، وهو الأمر ‏الذي قاد إلى تنازلات انتهت بوضع اليمن ‏تحت الفصل السابع، وهو ما لا يمكن قبوله من ‏المسلمين لأن الإسلام ‏يحرم أن تكون ولاية المسلمين في أوطانهم لغير المسلمين.‏

أما الدكتور عبد الوهاب الشرعبي الأستاذ بقسم العلوم السياسية ‏بجامعة الإيمان فقد أشار إلى ‏أن الأصل في القانون الدولي هو السيادة ‏وإن قرار مجلس الأمن يعد استثناء وتحت شروط ‏ومعايير معينة لم ‏تتوفر في الحالة اليمنية ولذا على الجميع أن يرفض ويقاوم مثل هذا ‏القرار. ‏
وأشار الدكتور هود أبو راس الأستاذ بجامعة الإيمان إلى أن المجتمع ‏اليمني خضع لعملية ‏ممنهجة من قبل منظمات المجتمع المدني الممولة ‏أجنبيا، عملت على اختراق مؤسساته ‏الرسمية والشعبية وسهلت بشكل ‏كبير مهمة الدول الكبرى في تحقيق مصالحها على حساب ‏الشعب ‏اليمني كما هو واضح من الحوار الوطني. ‏

وتناول الاستاذ أمين الجراش المتخصص في العلوم السياسية مسألة ‏التظليل الإعلامي على ‏الكثير من أبناء الشعب اليمني وعكس الحقائق ‏وقلبها لتمرير مخططات لا تخدم البتة مصالح ‏الشعب اليمني ضرورة ‏البحث عن حلول مناسبة لرفع مستوى الوعي. أما الاستاذ محمد ‏‏السياغي، متخصص في العلوم السياسية، فأشار إلى ضرورة العمل ‏الجاد والتوعية للمجتمع ‏اليمني بحقائق الأمور من أجل العمل على ‏تحقيق مصالح الشعب اليمني، وأكد على أن الشعب ‏اليمني عندما ‏خرج إلى الساحات يطالب بالتغيير كان يستهدف الفساد ولم يرد بباله ‏مسألة هوية ‏الدولة أو شكلها لأنها لم تكن قضايا يعاني منها إذ أن ‏الدستور اليمني يعد من أفضل الدساتير ‏في العالم العربي، متسائلا ‏لماذا يتم تغييره بدستور جديد!! ‏

زر الذهاب إلى الأعلى