في توجه جاد لإثراء القضايا السياسية الراهنة والإجابة على التساؤلات التي تثار حول المستجدات التي تمر بها اليمن ، نظم مركز البحوث للدراسات السياسية والإستراتجية بصنعاء حلقة نقاشية لعدد من الأوراق العلمية شارك فيها عدد من الأكاديميين والخبراء وعلماء الشريعة، بعنوان (اليمن والفصل السابع : الدوافع، الدلالات، المآلات)..
وقدم المشاركون قراءة سياسية واقتصادية وقانونية لقرار مجلس الأمن رقم (2140)، والذي أُدخل اليمن بموجبه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وركزت الحلقة النقاشة على حيثيات هذا القرار ودوافعه وتأثيراته السياسية والاقتصادية والقانونية على واقع اليمن ومستقبله وأمنه واستقراره، حيث كشفت الأوراق العلمية المقدمة في الحلقة النقاشية عن دوافع الاهتمام الغربي وخصوصا الأمريكي باليمن وذلك لطبيعة النظام الدولي القائم على الرأسمالية التي تطورت نحو عالمية السوق المفتوحة (العولمة)، وهذا التطور فرض استحقاقاته على الجغرافيا خاصة ما يشرف منها على المضائق ذات المواقع الإستراتيجية التي تتحكم بطرق الملاحة البحرية، ومن هنا تطورت أهمية الموقع اليمني من نقطة ارتكاز وتموين كما كان إبان حقبة الاستعمار البريطاني إلى جزء من حلقة حساسة في سلسلة طرق بحرية مترابطة تمثل اليوم عصب التواصل للعالم الصناعي، وعلى هذا الأساس أدرك الغربيون أن اليمن ليس من السهل تجاوزها دون وضعها وبإحكام تحت السيطرة للتحكم بجغرافيتها.
كما أن التفكير الأمني للغرب في القرن الحادي والعشرين ينطلق من منطق شامل حيث أن أغلب الأزمات والنزاعات المعاصرة لها من الأسباب ما لا يمكن احتوائه عن طريق المفاهيم العسكرية التقليدية، فالخطوط الفاصلة بين الحرب والسلام، بين السياسة الداخلية والخارجية، بين ما هو عسكري وما هو مدني، ما بين السياسة والاقتصاد، تفقد وضوحها إذا ما نُظر إليها بمعزل عن الصورة الشاملة للعالم بالمنظور الغربي..
ورأى المشاركون في الحلقة النقاشية أن القول بأن القرار الأخير تنصب تبعاته على أشخاص وقوى سياسية معرقلة للانتقال السلمي، دون أن يشمل الدولة اليمنية، هو قول يتعارض وأحكام المادتين 41. 42، من الفصل السابع علما أن المادة 41 تتعلق بالتدابير التي تتطلب استخدام القوات المسلحة، أما المادة 42 فتجيز لمجلس الأمن أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والجوية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدوليين، ولذا فالقرار يضع اليمن بمجملها تحت الفصل السابع الذي يقرر أن الدولة التي تدرج تحت الفصل السابع تهدد السلم والأمن في العالم، ولذا اعتبر القرار 2140 أن "الحالة في اليمن تهدد الأمن والسلم والدوليين"، واعتبر المختصون في الحلقة النقاشية أن هذه الفقرة فقرة ملغومة تمهد لاحتلال اليمن في إطار "الشرعية الدولية" بذريعة حفظ السلم والأمن الدولي، بل أن هذا يعد ذريعة كافية لحلف الناتو للتدخل في الشأن اليمني بما يتفق مع استراتيجيه الدوليه لما بعد الحرب الباردة خاصة بعد التعديلات التي اجراها على نظامه الأساسي في العام 1999م.
• توسع مفهوم " السلام والأمن الدوليين "
كما لفت المشاركون في الحلقة النقاشية النظر، إلى مسألة تتعلق بتطور مفاهيم لها علاقة مباشرة بالمصطلحات التي تضمّنها القرار الأخير، وهي (حفظ السلام والأمن الدولي)، حيث أصبح هذا المفهوم، منذ مطلع تسعينات القرن الماضي يتسع ليشمل انتهاكات حقوق الإنسان، وغياب دولة وسيادة القانون، وعدم الالتزام بنصوص الدستور، بمعنى أن أحكام المادة 42 يمكن أن تستخدم كذريعة للتدخل العسكري بحجة إعادة الأمن والسلم إلى نصابه، ففي هذه المادة فقرة تنص على أن لمجلس الأمن إذا وجد أن التدابير التي نص عليها في الفصل السابع لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يحقق بها الأمن والسلم الدوليين أو إعادته إلى نصابه، ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصار والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية والبحرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة.
• نقطة إيجابية في قرار مجلس الأمن دون أي ضمانات
وأشار المشاركون إلى نقطة إيجابية في القرار رقم 2014 الصادر سنة 2011م والقرار 2015 الصادر في 2012م، والبيان الرئاسي بتاريخ 23 فبراير 2013م،حيث أكدت على التزام مجلس الأمن القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، لذلك فإن الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تفتيت وحدة التراب اليمني تتعارض والتزامات مجلس الأمن، غير أن النقاش حول هذه النقطة أشار إلى أن تاريخ مجلس الأمن يُبيّن أن مجلس الأمن لا يفي بالتزاماته ما لم تتفق تلك الالتزامات مع مصالح الدول الكبرى.
• الدوافع الاقتصادية لوضع اليمن تحت البند السابع
ومن جهته قال الدكتور مشعل الريفي أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء إن وضع اليمن تحت الفصل السابع يُظهر جلياً مجموعة من الأهداف والدوافع الاقتصادية التي تصب في صالح دول مجلس الأمن والدول القوية في العالم، وبالنظر إلى الدوافع الاقتصادية التي تقف خلف القرار الأممي بوضع اليمن تحت الفصل السابع، يلخص الدكتور الريفي، تلك الدوافع، في الأتي :
1 تأمين ثاني أهم ممر تجاري بحري دولي وأكثرها ازدحاما والمتمثل في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر، والذي تشرف عليه اليمن من جهتي الشمال والشرق.
2 حماية مصالح الشركات العالمية العاملة في اليمن ولاسيما في قطاعي النفط والغاز.
3 ضمان حصص احتكارية لعدد من الدول في السوق اليمنية.
4 توفير الأمن للدول الغنية بالنفط المجاورة لليمن.
• البند السابع كأداة لفرض مسار سياسي مرسوم دوليا
وكشفت ورقة الدكتور الريفي عن أن وضع اليمن تحت الفصل السابع يأتي كأداة لفرض المسار السياسي الانتقالي المرسوم دولياً على اليمنيين، وضمان تنفيذه على أرض الواقع عبر انتقال اليمن من دولة بسيطة إلى دولة فيدرالية بستة أقاليم محددة سلفاً، وهو ما لا يتناسب مع اليمن من الناحية العلمية إطلاقا الأمر الذي سيضيع الجهود في مشروع محكوم عليه بالفشل ابتداءً.
ويرى الدكتور الريفي أنه في حالة وجود عراقيل لهذا المسار من الداخل سيكون من الممكن أن يتخذ مجلس الأمن الدولي بعض التدابير كالحظر المعلوماتي والمقاطعة الاقتصادية والتدخل العسكري، ومثل تلك التدابير تتسع وتشتد بمقدار اتساع وقوة الرفض الشعبي والسياسي الداخلي للمسار السياسي المفروض على الشعب اليمني فرضا، وهذا ما قد يعرض الاقتصاد اليمني الهش والمتخلف والضعيف أصلاً إلى مزيد من التدهور في مختلف المؤشرات والقطاعات وهو ما يعني ازدياد معدلات البطالة والتضخم والفقر والجوع والأمية وتراجع معدلات النمو الاقتصادي ومستويات التشغيل والمعيشة أكثر فأكثر، ما يجعل منها تداعيات كارثية بالنظر إلى الوضع المتردي أصلاً للاقتصاد اليمني.
القرار شلّ السيادة اليمنية ووفر الشرعية للتدخل
أما الورقة التي قدمها الدكتور أحمد عبد الواحد الزنداني أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء ورئيس مركز البحوث للدراسات السياسية والإستراتيجية والتي حملت عنوان "دلالات إدراج اليمن تحت الفصل السابع" فقد كشفت عن عدد من الدلالات أهمها :
1. تعليق سيادة الجمهورية اليمنية والتدخل فيما يعد من صميم سلطانها الداخلي إذ أن إدراج أي دولة تحت الفصل السابع ليس له إلا تفسير واحد، وهو أن المجلس قد جمّد سيادة الدولة المعنية، وعليها أن تُذعن لقرارات مجلس الأمن، أو مواجهة المجتمع الدولي لإجبارها على تنفيذ قرارات المجلس، وإن استلزم الأمر استخدام العقوبات الاقتصادية والقوة العسكرية.
2. إدراج اليمن تحت الفصل السابع، توافق ضد الشريعة والوحدة، ومن الواضح أن مجلس الأمن لم يتوافق على شيء واضح ومحدد سوى إدراج اليمن تحت الفصل السابع لتنفيذ مخرجات الحوار التي تستهدف الشريعة الإسلامية والوحدة اليمنية، ودلالة ذلك هو وضع القوى السياسية اليمنية تحت الضغط لتنفيذ مخرجات الحوار، ولذا فقد أقرّ مجلس الأمن في قراره محل الدراسة (2140) تشكيل لجنة وخبراء بذريعة تحديد المعرقلين لتنفيذ مخرجات الحوار، ولقد تم منح اللجنة وفريق الخبراء صلاحيات للتحقيق والتفتيش، وهذا يعني أن جميع أعضاء المجلس قد توافقوا على استباحة السيادة اليمنية، ليس بهدف الحصول على المعلومات بقدر وجود الرغبة في ممارسة أكبر قدر من الضغوط على المكونات السياسية في اليمن، وابتزازها سياسيا، ودلالة هذا أن اليمن قد أقحمت في متاهات مجلس الأمن الذي لا يبحث عن مصلحة اليمن بقدر ما يبحث عن مصالح دول المجلس وهذا يبعث على القلق ويزيد من تعقيد الأمر في اليمن.
3. التهيئة للفوضى السياسية والأمنية، إذ أن انتهاك سيادة أي دولة يعتبر مؤشرا من مؤشرات عدم الاستقرار، وينبئ بالاختلال الأمني، ومبعث على الحروب سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية، كون الدول الفاعلة، الاقليمية والدولية، نظرت إلى الثورة اليمنية كمؤشر لاختلال ميزان القوى في المنطقة الأمر الذي دفعها للتدخل وإعادة ضبط توازن القوى من جديد بما يتفق مع مصالحها، وفي أغلب الحالات المشابهة فإن إعادة توازن القوى لا يتم إلا عن طريق الإجبار والقوة والعنف، ولهذا اُتخذ قرار إدراج اليمن تحت الفصل السابع، فالقرار بحد ذاته مؤشر من مؤشرات استخدام القوة والعنف في اليمن ومهمته الأساسية توفير "الشرعية الدولية" كغطاء لاستخدام القوة في اليمن.
4. فشل مجلس الأمن في التوافق على مكمن الخطر في اليمن، فمن الواضح أن مجلس الأمن لم يتمكن من تجاوز مسألة إدراج اليمن تحت الفصل السابع، إذ جاء القرار خاليا من أي علامة بارزة تثبت توافق مجلس الأمن الدولي على ما يسمى بالمعرقلين، فقد خلت صيغة القرار من استخدام مصطلحات قانونية آمرة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، كما أن القرار لم يحدد أي جهة معينة خارجة عن السيطرة سواء من الناحية القانونية أو العملية، يطلب منها الخضوع لأمر ما، وبهذا لم يُظهر قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن توجها واضحا للمجلس يطبق على أساسه مواد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لاسيما التدابير الاقتصادية والعسكرية.
5. القوى الكبرى تتصارع والقوى السياسية اليمنية قد تستفيد من توازن القوى لإنقاذ اليمن، فعدم توافق أعضاء مجلس الأمن الدولي بعد بشأن من يحكم اليمن، يعني أن أعضاء مجلس الأمن يخوضون صراعا فيما بينهم بشأن الحكومة القادمة في البلاد، ودلالة ذلك أن القوى السياسية في اليمن، إلى الآن، غير مهددة من الناحية العملية والقانونية ولا تزال قادرة على المناورة والعمل على تحقيق أجندتها السياسية، وان مجلس الأمن لا يقف عائقا أمامها لتنفيذ أجندتها السياسية، فهو مشلول الحركة بحكم عدم توافق اعضائه كما بيّنا أعلاه، ومخاطر ذلك أن تنجر البلاد إلى الحروب الأهلية.
6. الصراع في اليمن بين القوى الدولية والإقليمية صراع سياسي وليس قانوني، وهذا ما يؤثر على اليمن، ولعل هذا يفهم من فقرة مهمة احتواها قرار مجلس الأمن الدولي محل الدراسة (2140) والتي تدعو إلى " التشجيع على إجراء حوار بين اللجنة [المكونة من جميع أعضاء مجلس الأمن المقررة في البند 19] والدول الأعضاء المهتمة، ولا سيما دول المنطقة، بوسائل تشمل دعوة ممثلي هذه الدول إلى الاجتماع باللجنة لمناقشة تنفيذ التدابير؛". ودلالة ذلك أن القوى الدولية والإقليمية تتفاوض بشأن ترتيب الوضع في اليمن، وأن التيار الأكثر تضررا من نتائج هذا التفاوض هو التيار الإسلامي، ليس في اليمن فحسب وإنما في المنطقة.
وقد قدم الدكتور إسماعيل السهيلي مدير مركز البحوث للدراسات السياسية والإستراتيجية ورقة بحثية تناولت المآلات الناجمة والمتوقعة عن وضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق لأمم المتحدة.
تصورات المؤيدين للقرار :
عرض الدكتور السهيلي التصورات التي يروج لها المؤيدين للقرار مجملاً إياها في القول بأن القرار يمكن أن يؤدي إلى طي مرحلة نظام الرئيس السابق، والانتقال لمرحلة جديدة، واستعادة أموال الشعب المنهوبة، وتحقيق الاستقرار ومساعدة اليمن على النهوض، ومنع استمرار الأعمال الإرهابية والتخريبية للخدمات العامة والبنية التحتية، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، ومعاقبة الجماعات المسلحة التي تنتهج العنف، وبالتالي يمكن أن يمثل قرار مجلس الأمن سنداً لمحاسبة الجهات والقوى التي تستخدم السلاح في الشأن السياسي وليس فقط الإرهابيين والخارجين عن القانون،إضافة إلى أن القرار سيؤدي إلى تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث 2011م، وفي نفس الوقت الإسراع بإصدار قانون العدالة الانتقالية، بما يحقق العدالة والإنصاف.
المآلات السلبية لقرار مجلس الأمن :
وفي مقابل ذلك تناول الدكتور السهيلي عدد من المآلات السلبية للقرار ويمكن إجمالها في التالي:
1. أن القرار فتح الباب لوصاية مجلس الأمن على اليمن ونقلها من دولة كاملة السيادة إلى دولة منتقصة السيادة. كما أنه شرعن لاستمرار نوع من الولاية على اليمن، حيث نص القرار في أكثر من فقرة على أن مجلس الأمن سيبقي الحالة في اليمن قيد الاستعراض المستمر،وهنا يصبح التخوف مشروعاً من أن ينتج القرار تبعات مدمرة لليمن ولمستقبله كدولة حرة ومستقلة ذات سيادة، وقد ذكّر الدكتور السهيلي بالحالة العراقية حيث تم وضع العراق تحت الفصل السابع 1990 بعد احتلاله لدولة الكويت واستمر رغم زوال الدواعي التي اقتضت ذلك حتى يوليو 2013م.
2. القرار يضع اليمن رهناً للجنة العقوبات التي سيكون لها القدرة على تحديد من على الصواب ومن على الخطأ في اليمن، ومن الذي ينبغي أن يعاقب ومن الذي ينبغي أن يكافئ، وما على اليمنيين إلا الانصياع وضبط سلوكهم بناء على النغمة التي ستعزف عليها اللجنة، وفي هذا الإطار يصبح من المحتمل الإكراه على فرض تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار لا سيما تلك التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وتتعارض مع الثوابت الوطنية.
3. إجبار الشعب اليمني على القبول بتحول شكل دولته من الموحدة للفيدرالية، ومن المعروف أن نجاح الشكل الفيدرالي للدولة يتطلب بداية تأسيس دولة قوية،وهذا غير متوفر في الحالة اليمنية، بينما تفيد خبرة الدول القريبة من حالة اليمن أن الفيدرالية كانت مقدمة للانفصال والسودان أبرز نموذج لذلك.
4. إمكانية تصاعد حالة التبعية للخارج فالقرار يمثل إعلاناً صريحاً بدعم مجلس الأمن والدول النافذة فيه للنظام الحاكم، وفي هذه الحالة من المحتمل أن ترتبط هذه المساندة بدرجة عالية من التدخل الأجنبي في السياسات والقرارات السيادية بما يتماشي مع مصالح الدول النافذة في المجلس، وهنا يمكن أن يتم التأثير سلباً على حقوق وحريات المواطنين والمعارضين سلمياً للأداء السياسي الرسمي، وضرب الدكتور السهيلي مثالاً على ذلك عزم الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية ففي الوقت الذي ستنظر له الحكومة كإصلاح اقتصادي شجع عليه قرار مجلس الأمن، فإن المواطنين سينظرون إليه كسياسة إفقار لاسيما في ظل عدم اتخاذ الحكومة لأية إجراءات حقيقية لمواجهة الفساد الذي سيستشري في مختلف مرافق الدولة، ومعلوم أنه كلما زادت التبعية للخارج تصاعد الاستبداد في الداخل.
5. توفير غطاء دولي للمرحلة القادمة والتي من المحتمل أن تشهد عملية إعادة هندسة اليمن هويةً وأرضاً وإنساناً، حتى يسهل السيطرة عليها والتحكم بها استراتيجياً، وبما يخدم أجندة ومصالِح القِوى الإقليمية والدولية المُهيْمِنة.
6. أن النص في القرار على أن الوضع في اليمن يهدد الأمن والسلم الدوليين في المنطقة، قد يستخدم كأداة في الاستراتيجيات الدولية المتصارعة على المناطق الحيوية في العالم، فتحت ذريعة حماية الأمن والسلم الدوليين في المنطقة، من المحتمل اتخاذ القرار مقدمة لقرارات قادمة تسمح بنوع من الوجود العسكري لدول نافذة في مجلس الأمن وكذا السيطرة العسكرية المباشرة على مضيق باب المندب وخليج عدن.
تسريع عملية هيكلة الجيش والأمن حسب مخرجات مؤتمر الحوار التي قررت تقسيم الجيش والأمن على أساس مناطقي وبما يؤل إلى تحقيق التقاسم قيادة وأفراداً على أساس تشطيري جنوبي- شمالي، حيث نصت مخرجات مؤتمر الحوار على أن : " يتم التمثيل في القوات المسلحة والأمن والمخابرات في المرحلة التأسيسية % 50 شمال و% 50 جنوب على مستوى المراتب القيادية في الجيش والأمن والمخابرات ما عدا ذلك % 50 سكان و% 50 جغرافيا. "
وتحدث الدكتور عبد الملك التاج عضو هيئة علماء اليمن مبينا أن قرار مجلس الأمن بإدخال اليمن تحت الفصل السابع يعتبر انتهاكا لسيادة البلاد وتسلط لغير المسلمين على المسلمين حرمته أحكام الشريعة الإسلامية التي منعت بيع العبد المسلم لكافر، وحرمت زواج المسلمة من كافر حتى لا يتسلط فرد كافر على فرد مسلم، فكيف بالتسلط على شعب مسلم بأكمله عن طريق الوصاية الغربية عليه بإدخاله تحت الفصل السابع، كما بيّن أن كثيرا من بنود مخرجات الحوار الوطني تصادم الإسلام عقيدة وشريعة، معتبرا أن القبول بقرار مجلس الأمن الدولي والمساهمة في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المصادمة للشريعة الإسلامية يعد من باب التعاون على الإثم والعدوان الذي ينتهك كليات الشريعة وضرورياتها، ويعرض الدين والنفوس والأموال والأعرض لخطر عظيم كما حدث في كثير من البلدان الإسلامية كالعراق وغيرها التي وضعت تحت الفصل السابع، ودعا إلى التمسك بالإسلام عقيدة وشريعة وتحكيمه في جميع شئون الحياة ودعا إلى مراجعة مخرجات الحوار الوطني ورفض كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية وينتهك سيادة البلاد، كما بيّن أن القرآن الكريم قد رسم للمسلمين استراتيجيه واضحة المعالم للتعامل مع القوى الدولية، وأن المسلمين بحاجة ماسة لسياسة راشدة تنطلق من كتاب الله تع إلى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم للتعامل مع غيرهم يتحقق بها صلاح المسلمين في الدنيا والآخرة، وسرد عددا من المخالفات الشرعية الواضحة التي ارتكبت من خلال إقرارها في مخرجات الحوار الوطني والسبب الرئيس في ذلك، على حد قوله، يعود لموافقة المشاركين على إقامة الحوار دون أن تكون مرجعيته الشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذي قاد إلى تنازلات انتهت بوضع اليمن تحت الفصل السابع، وهو ما لا يمكن قبوله من المسلمين لأن الإسلام يحرم أن تكون ولاية المسلمين في أوطانهم لغير المسلمين.
أما الدكتور عبد الوهاب الشرعبي الأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة الإيمان فقد أشار إلى أن الأصل في القانون الدولي هو السيادة وإن قرار مجلس الأمن يعد استثناء وتحت شروط ومعايير معينة لم تتوفر في الحالة اليمنية ولذا على الجميع أن يرفض ويقاوم مثل هذا القرار.
وأشار الدكتور هود أبو راس الأستاذ بجامعة الإيمان إلى أن المجتمع اليمني خضع لعملية ممنهجة من قبل منظمات المجتمع المدني الممولة أجنبيا، عملت على اختراق مؤسساته الرسمية والشعبية وسهلت بشكل كبير مهمة الدول الكبرى في تحقيق مصالحها على حساب الشعب اليمني كما هو واضح من الحوار الوطني.
وتناول الاستاذ أمين الجراش المتخصص في العلوم السياسية مسألة التظليل الإعلامي على الكثير من أبناء الشعب اليمني وعكس الحقائق وقلبها لتمرير مخططات لا تخدم البتة مصالح الشعب اليمني ضرورة البحث عن حلول مناسبة لرفع مستوى الوعي. أما الاستاذ محمد السياغي، متخصص في العلوم السياسية، فأشار إلى ضرورة العمل الجاد والتوعية للمجتمع اليمني بحقائق الأمور من أجل العمل على تحقيق مصالح الشعب اليمني، وأكد على أن الشعب اليمني عندما خرج إلى الساحات يطالب بالتغيير كان يستهدف الفساد ولم يرد بباله مسألة هوية الدولة أو شكلها لأنها لم تكن قضايا يعاني منها إذ أن الدستور اليمني يعد من أفضل الدساتير في العالم العربي، متسائلا لماذا يتم تغييره بدستور جديد!!