ليس زيد مطيع دماج (19432000) الروائي اليمني الأبرز، والأمهر في الواقع، فحسب؛ بل هو، كذلك، الأشهر عالمياً أيضاً، ولا مبالغة في القول إن ترجمة روايته «الرهينة» إلى عشر لغات عالمية حتى الساعة، بما في ذلك ترجمتين مختلفتين إلى الفرنسية، هي قصة نجاح كبرى للأدب اليمني على الصعيد العالمي.
ولد دماج في عزلة النقيلين، لواء إب، وسرعان ما غادرها إلى عدن مع والده، المناضل ضدّ حكم الإمام يحيى، والذي أفلح في الفرار من السجن في تعز. وشاءت أقدار الفتى أن يرسله والده إلى مصر، فحصل على الشهادة الإعدادية من بني سويف، والثانوية من طنطا، ثمّ الحقوق والصحافة من جامعة القاهرة، قبل أن يعود إلى اليمن سنة 1968.
صدرت «الرهينة» سنة 1984، ثمّ توالت طبعاتها حتى تردد أنها باعت أكثر من 100 ألف نسخة، فأثارت فضول المترجمين في الغرب، فنُقلت إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والروسية، وكذلك الهندية، واستُقبلت بترحيب حارّ من النقاد حيثما نُشرت.
ولعلّ الدرس البليغ الأوّل، وراء قصة النجاح البهيجة هذه، أنّ ما يُسمّى ب»العالمية» لا يعتمد، أوّلاً، على شبكات الترويج والتسويق، بل ينبثق من أصالة الخصائص المحلية في العمل ذاته؛ بدليل أنّ «الرهينة» كانت رواية دماج الأولى، والوحيدة، لروائي شابّ لم يكن البتة مشهوراً في بلده.
يكتب الدكتور عبد العزيز المقالح: « لقد اهتدى زيد مطيع دماج إلى أسلوب من القصّ فريد في نظامه يجمع في براعة فائقة بين الحكاية ذات الدلالات الشعبية القريبة من وعي القارئ وتلهفه إلى معرفة معنى الحدث وبين القص الناضج الذي تنمو معه الأحداث في إطار غرائبي مثير للدهشة متوسلاً إلى ذلك بأدوات تعبير تحقق المكونات الدلالية بأقل قدر من الكلمات (…).
يغترف من نهر الواقع ومن صفحات الماضي القريب ما يجعله قادراً على أن يقدم لقارئه العربي والعالمي نماذج مدهشة من الحياة والناس تم اختيارها بعناية فائقة مصحوبة بظروفها الاجتماعية وفي إطار من التقاليد والأعراف التي أجاد رسمها بلغة مكثفة توجز معنى السهل الممتنع في الفن الأدبي».